قدر السوريين المنتظر عام 2021


حينما اطلعت لأول مرة على إعلان، عبد الله الحمصي، الممول في "فيسبوك"، والذي أعلن فيه أنه سيكون "رئيس سوريا المقبل عام 2021"، كانت أول فكرة خطرت في ذهني، حينها، أنه، إما مجنون أو ساذج مثير للسخرية. وكان ذلك رد فعل شريحة واسعة من السوريين الذين علقوا على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، حيث نال كماً هائلاً من السخرية والتهكم.

لكن، لاحقاً، وبعد شيء من التفكير في تلك الحالة الفريدة من نوعها، داعبت ذهني فكرة مختلفة. وهي فكرة تحدث عنها قلة من المعلقين على إعلان "الحمصي"، وهي مساحة الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل، التي تُوحي بها إعلاناته، وفيديوهاته عن مستقبل سوريا. وهي مساحة وهمية، يعلم جميع من يتابع الرجل، أنها لا تستند على أية معطيات راسخة، حتى الأرقام المتعلقة بثروات سوريا، التي أوردها في فيديو ثلاثي الأبعاد، أعده للحديث عن مصادر تمويل مشروعه لإعمار سوريا، بعد العام 2021، هي أرقام غير دقيقة، ومبالغ فيها.. لكن رغم ذلك، تبقى مساحة أمل وتفاؤل، حتى لو كان مطلقها، وهو الحمصي ذاته، ومتقبليها من متابعيه، يعلمون وهميتها.

ولو أمعنا النظر في الأمر، يمكن أن نتساءل، بماذا يختلف عبد الله الحمصي، في طروحاته غير الواقعية، عن دونالد ترامب، الذي أطلق خلال حملته الانتخابية، سلة من الوعود، كان معظمها لا يتمتع بركائز منطقية للتحقيق، ورغم ذلك، نال تأييد غالبية الأمريكيين. قد يقول البعض، إن الشرائح الأقل تعليماً، وتلك ذات الميول العنصرية، هي التي صوتت له. لكن رغم ذلك، علينا أن نقر بأن المشهد الانتخابي الأمريكي، الذي عرف مراراً شخصيات لا تتمتع بالكفاءة السياسية، إلا على صعيد إثارة أحلام الأمريكيين، بقي دوماً مساحة أمل متاحة للشعب الأمريكي، كي يختار رجلاً قادراً على إثارة أحلامه بغدٍ أفضلٍ، حتى لو كانت الشكوك كبيرة لديهم، في مقدار ما يمكن أن يفعله هذا الرجل.

بالعودة إلى "الحمصي"، ربما نال الرجل ما أراد، وهو تحقيق الشهرة، فهو يقدم نفسه على أنه رجل أعمال، لكنه لا يتمتع بأي سمعة مميزة في عالم الأعمال. اليوم، بات للـ "الحمصي"، مئات آلاف المتابعين، حتى لو كان ذلك في سياق السخرية والتهكم. لكنه، ربما، يراهن على ترجمة تلك الشهرة الساخرة في عمل اقتصادي يعود عليه بالنفع، أو ربما، قد نفاجأ، مستقبلاً، أنه استطاع بالفعل، حجز مكان له في الساحة السياسية السورية، المكتظة بالنشطاء، من ذوي الأصوات المرتفعة، والخبرة المتدنية.

لكن أياً كان مصير "الحمصي"، عام 2021، يبدو أن قدر السوريين، الذي وعد بتحقيقه على يديه، في ذلك العام، سيبقى معلقاً إلى أن يتمكن السوريون أنفسهم من تحشيد نخبة متماسكة قادرة على تجميع خيوط واسعة من السيطرة في الداخل السوري، بحيث تتمكن من الإطاحة بنخبة نظام الأسد، وتقيم نظاماً سياسياً بديلاً، قد يتيح مساحة أكبر من الأمل والتفاؤل للسوريين. باستثناء ذلك، ومع ثبات الظروف الراهنة، يبدو أن قدر السوريين سيبقى مرتبطاً بـ آل الأسد، أو ربما، ببدائل، ليسوا أقل منهم سوءاً.

أفضل المرشحين لتحقيق نخبة بديلة عن نظام الأسد، قد يكونون رجال الأعمال السوريين، بالفعل. ففي التاريخ القريب، كان للبرجوازية السورية دورها الرائد في تأسيس سوريا التي نعرفها، وفي تحقيق استقلالها. وهذا الهدف، يتطلب حراكاً نشيطاً من نخبة رجال الأعمال السوريين حول العالم. فهم الأقدر على مد خيوط السيطرة في الداخل السوري، وعلى تشكيل نخبة بديلة عن نخبة نظام الأسد. بغير ذلك، لا يبدو أن قدر السوريين في العام 2021، سيختلف كثيراً عن قدرهم، في العام 2014.

ترك تعليق

التعليق