"الفول" بوجباته المتنوعة.. من أرخص الأكلات تكلفة، وأكثرها رواجاً بين السوريين


ينفق "أبو عماد" (مهجر من ريف دمشق يقيم في إدلب) جزءاً كبيراً من وقته بحثاً عن نبتة الكزبرة الخضراء في أسواق إدلب. الكزبرة الخضراء المفقودة في إدلب كنتيجة طبيعية لعدم دخولها ضمن المطبخ الإدلبي يستخدمها "أبو عماد" في وجبة موسمية تؤكل مع قطاف الفول كل سنة تدعى "الفول المقلى". "عندما نقرر طبخ هذه الأكلة يكون علي التجول بين عشرات المحلات باكراً لشراء جرزة كزبرة وقد أعود إلى المنزل خالي الوفاض".

كمعظم سوريي الداخل الباحثين عن الأسعار الرخيصة يفضل "أبو عماد" الوجبات المصنوعة من الفول الأخضر كون سعره يتراوح في أسواق إدلب بين 100 وحتى 200 ليرة للكيلو الواحد. وهو سعر رخيص مقارنة بغيره من الخضراوات كالبطاطا التي يتجاوز سعرها 300 ليرة والباذنجان والذي يياع بـ 500 ليرة للكيلو الواحد. رخص الثمن وتزامن موسم قطافه مع حلول الشهر الفضيل أكسبا طبق الفول مكانة مميزة على طاولة السوريين في شهر رمضان الحالي.

مكونات وجبة "الفول المقلى" في منتهى البساطة. فول أخضر وكزبرة خضراء وبضعة فصوص من الثوم تطبخ بزيت الزيتون. البعض يضيف إليها اللبن الرائب وتؤكل مع النعناع والخيار والبصل الأبيض. يقول أبو عماد لـ "اقتصاد": "وجبة الفول الأخضر كانت وجبة أساسية في مدينتي أثناء سنوات الحصار. في إدلب حملنا تقاليد هذه الأكلة معنا مع كثير من الذكريات".

يختلف طبق الفول المقلى الذي اعتاده "أبو عماد" عن نظيره الإدلبي. "في إدلب يستخدمون قطع الفول الصغيرة يقطعونها مع قشرتها الطرية. الكزبرة الخضراء يستبدلونها بالكزبرة اليابسة وهذا ما جعلنا كمهجرين نعاني في البحث عن حبات الفول الداجنة -كبيرة الحجم- وعن الكزبرة الخضراء وهما صنفان نادرا الوجود في الأسواق".

من بين الأكلات التي يدخل الفول الأخضر ضمن مكوناتها الرئيسية؛ تفضل "أم سمير" التي تسكن في دمشق أكلة "الرز بالفول" وتؤكد أنها قررت طبخها مرة كل أسبوع في شهر رمضان. تتكون هذه الوجبة من حبات الفول الخضراء الكبيرة والرز مع اللحم. وتؤكل مع اللبن الرائب أو اللبن بالخيار وسلطة الخضراوات. "أم سمير" تفضلها مع الطرخون. وهو نبات عشبي معروف في دمشق.

يترواح سعر كيلو الفول الأخضر في أسواق دمشق بين 175 وحتى 200 ليرة. تقول أم سمير "السعر رخيص جداً. فالخضراوات في دمشق باهظة الثمن". أكلة الفول الأخضر مفضلة بين السكان كونها تقلص التكاليف الكبيرة للوجبات الرمضانية التي لا يمكن لذوي الدخل المحدود كـ "أم سمير" تحملها.

طبق ثالث -رخيص التكاليف- يصنع من الفول الأخضر أيضا هو الـ "حراء أصبعو" وهي أكلة شامية مرغوبة بشدة بين سكان العاصمة والمهجرين المقيمين في إدلب. يصنع الـ "حراء أصبعو" من الفول والعدس والثوم والخبز أو العجين -قد يستبدل بالمعكرونة-. كما يضاف إليها دبس الرمان وتزين بالكزبرة الخضراء والبصل المقلي.

الإقبال على الفول الأخضر لم يبعد السوريين عن أشهر أطباق الفول قديماً وحديثاً وهو "الفول المدمس" الذي يصنع من الفول اليابس بعد نقعه في الماء لمدة طويلة ثم سلقه -طويلاً- على نار هادئة. لا يرتبط الفول المدمس بموسم سنوي. فهو يزين الموائد الرمضانية، واعتاد السوريون على تناوله صبيحة يوم الجمعة كتقليد قديم.

بعد سلق الفول يضاف إليه الثوم والكمون وعصير الليمون. وقد يمزج باللبن وفي الحالتين يزين بالبقدونس وقطع الطماطم المفرومة. في النهاية يضاف إليه زيت الزيتون والطحينة. تتعدد الأشياء التي تؤكل إلى جانب هذه الوجبة مثل البصل والخيار والمخلل بأصنافه الكثيرة وكبيس الفليفلة والنعناع والفجل. وهذا ما يعكس الشهرة الواسعة لهذا الطبق.

ترك تعليق

التعليق