من الذي يسعى لاستغلال "نبع السلام"، دولارياً؟.. المركزي، أم تجار العملة؟


قبيل ساعات فقط، من انطلاق العملية العسكرية التركية، بشمال شرق سوريا، نشرت منصة شهيرة متخصصة برصد أسعار العملات، خبراً مثيراً للجدل يفيد بأن المصرف المركزي السوري، الخاضع للنظام، يدرس كيفية الاستفادة من الفروقات السعرية لسعر صرف الدولار بين المناطق الشمالية والشرقية وبين مناطق دمشق وحلب وحماة.

وقالت منصة "سيرياستوكس"، التي تحظى بأكثر من 600 ألف متابع، بأن المركزي يسعى لـ "تكبيد المضاربين خسائر كبيرة من خلال صندوق دعم الليرة".

وكانت المنصة قد أشارت في منشور سابق، إلى أن "صندوق دعم الليرة" لم يبدأ بعد، حملة "تدخله"، مشيرة إلى أن المشرفين على الحملة كانوا بصدد تجميع الإيداعات المالية، التي وصلت إلى "أرقام هامة". لكن المنصة لم تكشف عن حجم تلك الأرقام، إلا أنها أكدت بأن "صندوق دعم الليرة" الذي أطلقته اتحادات غرف التجارة والصناعة، قبل أسبوعين، سيبدأ حملةً للتدخل في أسواق الصرف، مع نهاية الأسبوع الجاري، أو مطلع الأسبوع القادم.

وبالفعل، وبعد بث المنشور السابق، تراجع "دولار دمشق" حتى 649 ليرة مبيع، قبل عصر يوم الأربعاء. لكن، وبعد الإعلان عن بدء العملية العسكرية التركية "نبع السلام"، في شمال شرق سوريا، عكس الدولار اتجاهه سريعاً، ليُغلق مرتفعاً.

وبالعودة إلى المنشور الذي بدأنا به، والذي تحدثت فيه منصة "سيرياستوكس" عن نيّة المركزي استغلال الفروقات السعرية للدولار بين المناطق الشمالية والشرقية، وبين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، بهدف تكبيد المضاربين خسائر كبيرة.. لم توضح المنصة كيف سينفذ المركزي ذلك، كما لم توضح مصادر معلوماتها. مع الإشارة إلى أن الدولار أغلق على فارق كبير، بين "شرق الفرات" وبين دمشق، يصل إلى حوالي 21 ليرة. ومع هكذا فارق، فإن قانون العرض والطلب سيدفع السوق إلى جذب الدولار نحو مناطق الشمال والشمال الشرقي، مما سيؤجج سعر الدولار في العاصمة والمدن السورية الأخرى الخاضعة للنظام، كي يلحق بسعر الدولار في المناطق الملتهبة.

وبطبيعة الحال، لا نستطيع الجزم بمدى صدقية المعلومات التي تبثها منصة "سيرياستوكس"، وهل هي فعلاً تمثّل مصالح المركزي، كما يتهمها البعض، أم أنها تمثل مصالح المتاجرين في العملة، كما يتهمها المركزي ذاته، بشكل موارب؟!

كان المركزي قد أصدر بياناً في مطلع الشهر الجاري، حذر فيه من الرهان على ما تنشره بعض مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار "ملفقة وغير صحيحة"، حسب وصفه. وقال المركزي في بيانه، إنه يؤكد على أن "تبليغ إجراءاته وقراراته ونشرة أسعار الصرف تتم فقط عبر الموقع الالكتروني الرسمي والصفحة الرسمية للمصرف على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ولا علاقة له بأي مواقع أو صفحات أخرى، كما يبين عدم مسؤوليته عن أي أخبار ترد على تلك الصفحات والمواقع والتطبيقات".

لكن رغم هذا البيان، الذي يتيح للمركزي، بالفعل، التهرب من أي مسؤولية حيال تلاعب منصات مؤثرة في سوق العملة، من قبيل "سيرياستوكس"، يبقى السؤال دون إجابة، هل كانت "سيرياستوكس" تريد الدفع باتجاه خفض سعر الدولار في مناطق سيطرة النظام، بهدف جمع الدولار من أسواق تلك المناطق، وبيعه بسعر أعلى في مناطق شمال وشرق سوريا؟.. أم أنها كانت تنقل بالفعل، معطيات، عن مصادر على صلة بالمركزي؟

لا نملك إجابة واضحة للسؤال الأخير.. لكن، ما دامت "سيرياستوكس"، لم توضح كيف يمكن أن يستفيد المركزي من الفوارق السعرية بين "دولار دمشق" و"دولار المناطق الشمالية والشرقية"، فإن الشكوك والريبة مبررة حيال الهدف من منشوريها الملفتين، الذين سبقا انطلاق العملية العسكرية التركية، واستغلا أجواء التوتر الأمني التي عادةً ما تُلهب أسواق العملة. ولا يبدو هذين المنشورين بريئين من مساعي المتاجرة سواء لصالح تجار في سوق العملة، أو لصالح المركزي نفسه، الذي سبق أن اتهمه مراقبون متخصصون أكثر من مرة، بأنه أكبر تاجر عملة في السوق السورية.

ترك تعليق

التعليق