قصّة البداية.. إيران والعقارات السورية


في الوقت الذي يقوم فيه بشار الأسد، رأس النظام السوري، وأقرباءه من عائلة مخلوف، بتهريب ثروات سوريا وشراء العقارات في أفخم المناطق الروسية، بحسب منظمة "غلوبال ويتنس"، تحاول إيران السيطرة على أكبر قدر ممكن من العقارات والأراضي في كافة المناطق السورية، "شراءً أو استيلاءً"، مُستغلةً ضعف نظام الأسد وتدني المستوي الاقتصادي الرسمي وانخفاض قيمة الاحتياطي في البنك المركزي وضعف القدرة المعيشية لدى المواطن السوري، وقلّة السيولة وعوز أكثر السوريين المنهمكين جراء الحرب الدائرة منذ تسع سنوات، وحاجتهم الملحة للمال اللازم إمّا للهجرة أو لسداد الديون المتراكمة أو لتأمين عمل بسيط يُوفر الحد الأدنى من قوت اليوم.


تراجع الوزن النسبي للقطاع العقاري من 4.2% في العام 2011 إلى 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي بعدما تراجعت مساهمته بالناتج المحلي من 64 مليار ليرة سورية في 2011 إلى حوالي 17 مليار ليرة سورية فقط بنسبة انخفاض 73% بعدما حقق نمواً في 2011 بنسبة 20% مقارنة بالعام الذي سبقه، إذ سجلت سوريا قبل العام 2010 المرتبة الثامنة عالمياً بين أكثر المدن ارتفاعاً بأسعار العقارات.

قياساً بسعر صرف الدولار الأمريكي لم يطرأ تغيّر كبير على أسعار العقارات زيادةً أو نقصاناً منذ العام 2011، باستثناء بعض المراحل التي ينتعش فيها السوق جراء تصريحات سياسية ترتفع خلالها الأسعار بين 25 و 30%، فالمنزل الذي كان يُباع بمليون ليرة سورية كان سعره يرتفع بالعملة المحلية خلال السنوات القليلة الماضية بحسب سعر صرف الدولار، أي حين بلغ سعر الدولار الواحد 500 ليرة أصبح سعر المنزل 10 مليون ليرة، وحالياً ثمنه 20 مليون ليرة وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد"، السيد "ش ، د"، صاحب مكتب تسويق عقاري في دمشق، رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية.

وأكّد "ش ، د" أنّه خلال السنوات الماضية شهد سوق العقارات تحولات رهيبة، إذ أنّ الأسعار في العام 2012 ارتفعت بنسبة 35% جراء عمليات النزوح الكثيفة باتجاه المدن الكبيرة، ثّم دخل السوق بحالة ركود خلال 2013 و 2014، وفي العام 2015 انتعش السوق قليلاً بانخفاض كبير في الأسعار وصولاً لحوالي 30%، ليعود بعد عام إلى الركود. ومنذ العام 2017 حتى الآن يشهد السوق انتعاشاً بنسبة لا تتجاوز 25% لا سيما في المناطق التي خضعت لما سمي بـ "المصالحة الوطنية".

عملت إيران منذ بداية وجودها الفعلي في سوريا منتصف العام 2011 على ترسيخ أقدامها والتهيئة لبقاء طويل الأمد متّبعةً استراتيجية متعدّدة المستويات "عسكرية واجتماعية واقتصادية".

وبعكس روسيا التي عملت منذ تواجدها في سوريا عام 2015 على تقوية نفوذها في الدوائر الرسمية "الأمنية والعسكرية" فقط، بدأت إيران بوضع يدها على العقارات باختلاف أنواعها، "أراضٍ زراعية وأبنية شعبية ومشاريع رسمية"، وتمكين نفوذها في كافة المؤسسات الرسمية "الأمنية والعسكرية والخدمية" لغاية الهيمنة على كافة المفاصل السيادية في سوريا وعرضها في سوق التجاذبات والمقايضات السياسية والمصالح المتباينة بين الدول لا سيما الفاعلين الأساسيين في الملف الإيراني من جهة، وفي الملفات السورية واليمنية واللبنانية والعراقية من جهة أخرى.

وكانت التجمعات السكنية المحيطة بالأماكن "الدينية الشيعية - المزارات" أول أهدافها، حيث بسطت سيطرتها عبر ميليشيات الحرس الثوري الإيراني على أكثر الأبنية السكنية الشعبية في تلك الأماكن، استيلاءً أو ضمن عمليات شراء منظمة، واسعة النطاق.

ترك تعليق

التعليق