قوانين عقارية أصدرها نظام الأسد لخدمة المشروع الإيراني


حصدت إيران فوائد جسيمة من القوانين السورية الصادرة منذ العام 2011، حيث أصدر نظام الأسد العديد من القوانين المجحفة المتعلقة بالواقع العقاري بدءاً من قانون الإرهاب رقم "12" عام 2012 الذي أتاح خلاله للأجهزة الأمنية بمصادرة ممتلكات أي سوري بشكل قانوني لمجرد الاشتباه بوقوفه ضد نظام الأسد، وفي ذات العام أصدر المرسوم التشريعي رقم "66" الذي نص على تنظيم منطقتين في العاصمة "جنوب غرب دمشق"، الأولى باسم "ماروتا سيتي" تقع خلف مشفى الرازي ومنطقة بساتين المزة العشوائية تضم 9 آلاف عقار بمساحة 214 هكتار، والثانية باسم "باسيليا سيتي" من جنوب المتحلق الجنوبي وصولاً إلى أحياء نهر عيشة والقدم والعسالي وشارع الثلاثين ومخيم اليرموك تضم 4 آلاف عقار بمساحة 880 هكتار.

وفي العام 2014 صدر المرسوم التشريعي رقم "19" ينص على إنشاء شركة "دمشق الشام القابضة" برأس مال قدره 60 مليار ليرة سورية، وهي الغطاء القانوني لاستثمارات رجال الأعمال المقربين من إيران لإدارة واستثمار أملاك الوحدة الإدارية أو جزء منها بصلاحيات واسعة ومفتوحة غير خاضعة للمراقبة والمتابعة والمساءلة.

وتكمن مخاطر هذا المرسوم في منح أزلام السلطة من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة إدارة جميع تفاصيل المشاريع بدءاً من اختيارهم المشاريع الأعلى ربحية بصرف النظر عن خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المزعومة والموازنة العامة للدولة، وحصر التراخيص بهذه الفئة المحدودة.

وفي العام 2016 صدر المرسومين "11 – 12" يتضمنان وقف عمليات تسجيل الحقوق العينية في سجلات الملكية بالدوائر العقارية المغلقة واستبدال ذلك بمسك سجل يومي مؤقت تدون فيه معاملات إنشاء الحقوق العينية العقارية.

وفي العام 2017 صدر القانون رقم "33" القاضي بتنظيم آلية العمل في إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة كلياً أو جزئياً، أو التي ثبت فقدانها نتيجة الحوادث الطارئة. والنظام يرسم بهذا القانون الأخير، خريطة إدارية أو قضائية لإعادة التمكين بوثائق عقارية، يزعم أنها تالفة أو مفقودة.

وفي منتصف العام 2018 صدر القانون رقم "10" الذي يتيح للوحدات الإدارية إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر، ضمن المخطّط التنظيمي العام، ويشترط إثبات الملكية خلال فترة أقصاها شهر منذ تاريخ الإعلان عن المنطقة التنظيمية.

ويُعد هذا القانون مكملاً للمرسوم رقم "66" عام 2012، حيث شمل كافة الأراضي السورية كونه ينص على إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية بتكليف من وزارة الإدارة المحلية التي قد تختار أية منطقة تريدها لفرض مخطط تنظيمي جديد لها.

(للتعرف على القوانين المتعلقة بالعقارات والصادرة منذ العام 2011 حتى العام 2019.. اضغط هنا)

ويفرض القانون رقم "10" شروطاً تعجيزية أمام إثبات الملكية لما يزيد عن 5,5 مليون لاجئ سوري من ضمنهم ما يزيد على 200 ألف لاجئ فلسطيني غادروا سوريا، إذ يُسهّل القانون آليات سلب مساكن وأراضي أولئك اللاجئين، لاسيما وأنّ مهلة 30 يوماً المحددة لتوكيل قريب أو وكيل قانوني لتقديم المطالبة بالنيابة عنهم تعتبر فترة قصيرة جداً بحسب ما قاله لـ"اقتصاد" المحامي والباحث القانوني أيمن فهمي.

ويضيف الأستاذ أيمن، حتى بعد التعديل الذي طرأ لاحقاً ومدد المهلة إلى عام، فإن هذا التعديل لن يخفف من فداحة القانون، حيث يفتقر70% من اللاجئين إلى وثائق التعريف الأساسية الضرورية لتقديم طلبات إثبات الملكية، ولتعيين وكيل معترف به قانوناً، فضلاً عن الآلاف الذين اختفوا قسراً أثناء النزاع، وعدم إمكانية المطالبة بممتلكات المفقودين، ومن المستبعد أن يرغب سكان المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية بالتقدم للحصول على تصريح أمني أو التمكن من ذلك بسبب مخاوفهم من الاعتقال، الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى بيع عقاراتهم بأدنى الأسعار.

في أواخر العام الماضي 2019 صدر القانون "37" القاضي بإلغاء الاتحاد العام للتعاون السكني في الجمهورية العربية السورية والاتحادات التعاونية السكنية في المحافظات المشكلة بموجب أحكام المرسوم التشريعي رقم /99/ لعام 2011.

إضافة إلى تلك القوانين أصدر نظام الأسد في العام 2014 "المرسوم التشريعي 33" القاضي بتعديل بعض مواد قانون خدمة العلم الصادر عام 2007، وعدّل على المادة "97" منه في كانون الأول/ديسمبر 2019 مانحاً مؤسساته صلاحية الحجز على ممتلكات المكلف البالغ من العمر 42 عاماً وحق التصرف بها دونما إنذاره، والحجز على الأموال العائدة لزوجات وأبناء المكلف ريثما يتم البت بمصدر الأموال في حال كانت أموال المكلف غير كافية للتسديد.

وبحسب التعديل يتم مصادرة الممتلكات وبيعها أو تسجيلها ضمن ملاك "الدولة" إن تعذر بيعها، علماً أنّ التعديل يُخالف "قانون جباية الأموال العامة" الذي ينص على أنه لا يجوز إلقاء الحجز إلا بعد مضي عشرة أيام على التبليغ، أي إن التبليغ شرط قانوني للحجز، ويُلغي القانون هذا الشرط بحالتين فقط، الأولى إذا لم يكن للمكلف موطن مستقر في سوريا، والثانية إذا قامت أسباب جدية ملموسة يتوقع معها تهريب أموال المكلف أو إخفاؤها، وهذا ما يُعد مكسباً لمخابرات نظام الأسد، إذ أنّ التعديل الفضفاض يُتيح لها إزالة عائق التبليغ المُسبق.

حقوقيون سوريون اعتبروا أن الهدف الأساسي من المراسيم والقوانين الصادرة بعد العام 2011 يندرج ضمن سلسلة طويلة مكملة لبعضها لغاية إعادة ترتيب الخريطة الديموغرافية في سوريا عبر الأدوات القانونية والاستيلاء على عقارات وممتلكات المهجرين والمفقودين والمعارضين لنظام الأسد وسلبها عنوةً وزوراً لا سيما وأنّ المدة المتاحة لإثبات الملكية في أكثر القوانين غير كافية، كما أنّها لا يجوز أن تصدر في ظروف الحرب، مما يُتيح الفرصة لأي إنسان تقديم اعتراض بالحق العيني مستخدماً أوراقاً تالفة ويتم ترميمها بعد إحضار الشهود في ظل غياب صاحب العقار الحقيقي، كما أنها ليست إجراءات جديدة مفاجأة تصدر عن نظام الأسد بهدف خنق المواطن السوري وسحقه وسلبه كل ما يملك تحقيقاً لمصالح المشروع الإيراني.

وتطبيقاً لمضامين القوانين قامت دوائر نظام الأسد بحجز الآلاف من أراضي وعقارات السوريين كان مثالاً عليها في تشرين الثاني عام 2019، حيث صادر 10 آلاف عقار أكثرها في محافظة ريف دمشق بموجب "التعميم رقم 346" الصادر عن وزارة الإدارة المحلية أوعزت خلاله بتسريع مصادرة الأملاك ونقل الممتلكات لصالح "الدولة"، وفي محافظة حماه أصدرت شعبة "حزب البعث العربي الاشتراكي" بمدينة صوران "المذكرة 264" بتاريخ 28/08/2019 تقضي بالإسراع في مصادرة الأراضي الزراعية وغير الزراعية العائدة لكل من خرج ضد نظام الأسد، حيث شهد العام 2019 تنفيذ 10325 حالة حجز احتياطي، وأعلنت وزارة المالية في نظام الأسد وجود 40 ألف حالة حجز احتياطي في العام 2017.


(للإطلاع على تعميم صادر عن حزب البعث العربي الاشتراكي في حماه يقضي بالإسراع في مصادرة ممتلكات المهجرين.. اضغط هنا)



ترك تعليق

التعليق