متناقضات الليمون السوري.. إنتاج وفير، وأسعار باهظة!


بين الآونة والأخرى يتغنّى نظام الأسد بإعلان "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة - الفاو" عام 2017 الّذي منح سوريا المرتبة الأولى في إنتاج الليمون على مستوى دول حوض المتوسط "الأردن - مصر - تونس - الجزائر - تركيا - اليونان - إيطاليا" والّتي بدورها تُعدّ أبرز منصّات تصدير الحمضيات حول العالم، وفي ذات الوقت تفتقد الأسواق السورية لتلك المادة وباتت تُباع للسوريين بالغرام الواحد كالذهب والمعادن الثمينة.

متناقضات "رسمية"

منذ دخول شهر رمضان هذا العام ارتفع سعر مادة الليمون أضعافاً، بدءً من 1500 ليرة سورية للكيلو الواحد بعد أن كان بين 500 و 1000 وصولاً إلى ملامسة حاجز الـ 5000 ليرة سورية في الأيام القليلة الأخيرة، الأمر الذي حفّز عدّة تساؤلات مشروعة أمام المستهلك السوري، إذ أنّ إنتاج العام الماضي بلغ 141 ألف طن بحسب مكتب الحمضيات في وزارة زراعة نظام الأسد، والرقم هذا يسدّ حاجة السوق وكفايته لا سيّما مع بدء عمليات قطاف الموسم الماضي إذ قالت وزارة التجارة الداخلية في نظام الأسد "إنّ السوق المحلية تستوعب ما يُقارب ثلث الإنتاج من الحمضيات، مما يترك كميات كبيرة خارج حاجة السوق"، فأين اختفى الليمون والتصدير مُعلّق منذ مدة طويلة، وكيف يبلغ سعره هذا الحد وهو من الانتاج المحلي؟!

وفي ممارسة لفرض التضليل وتغييب الحقيقة أمام الناس تُمارس دوائر نظام الأسد فوضى التصريحات، فخلافاً لما تتغنى به أكثر الدوائر الرسمية وتصريحات التجارة الداخلية يُبرر رئيس اتحاد غرف الزراعة عدم توفّر الليمون وغلاء سعره لعدم وجود إنتاج في المرحلة الحالية، مُضيفاً بأنّ حاجة السوق كانت تُسدّ من عمليات الاستيراد المُعلّقة جرّاء اجراءات الوقاية من جائحة كورونا!

كما تغيب مادّة الليمون عن النشرة اليومية لأسعار المواد الاستهلاكية الصادرة عن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك منذ ما قبل شهر رمضان الماضي.

الحقيقة

"اقتصاد" تتبع الأمر وتحدّث مع السيد "أبو علي"، صاحب مزرعة لزراعة الليمون في ريف محافظة اللاذقية، حيث أرجع فقدان المادة من السوق وارتفاع سعرها إلى قطافها خضراء قبل نضوجها تحسباً لعدم سرقتها من قبل لجان ميليشيا الدفاع الوطني، والإتاوات التي يدفعها المزارع لحواجز النظام الأمنية والعسكرية، والضريبة أو العمولة التي يفرضها حيتان أسواق الهال والجملة، وارتفاع أسعار المحروقات و"الفلين" والأسمدة والمبيدات، مُنوّهاً أن كُل تلك الأسباب لا تدفع بفقدان المادة وارتفاع سعرها لما وصلت إليه، ويرى أنّ السبب الأبرز والأهم لذلك هي عمليات التهريب الكثيفة تجاه لبنان وعزوف الكثير من المزارعين عن زراعة الليمون بسبب غياب الدعم الرسمي لهم.

توجّه رسمي

وأكّد أبو علي أنّ عمليات التهريب تتم من بلدة القصير في محافظة حمص "وسط سوريا" إلى قرى الهرمل في الجانب اللبناني، ومن معابر "العريضة الغربية - الدبوسية - المشيرفة - تلكلخ - جوسيه"، إضافةً إلى مناطق ريف دمشق الغربي بالقرب من معبر جديدة يابوس، أمّا دوائر النظام فتُبرر ذلك بعدم وجود دولة في العالم قادرة على ضبط حدودها كاملةً، وهذا ما يُؤشّر لمعرفتها وعلمها بكامل تفاصيل الأمر بحيث بات اللجوء إليه والسكوت عنه توجّهاً رسمياً.

وكان "اقتصاد" قد سلط الضوء في تقارير سابقة على أبرز الطرق والمعابر التي يسلكها نافذون في نظام الأسد لتهريب البضائع باختلافها واختلاف الظروف إلى خارج سوريا على حساب الإنسان السوري المُنهك جراء الحرب الطويلة وانعكاساتها.

خبرة الحيتان في دراسة السوق

مُزارع آخر أكّد لـ "اقتصاد" أنّ حيتان الأسواق قاموا باحتكار ما تبقّى من المادة في السوق المحلية بعد شراءها من المزارعين بنحو 20% من سعرها المطروح حالياً، أي ما بين 300 و 400 ليرة سورية لا أكثر، ويتم ضخها في الأسواق بطريقة "الترضيع" أي بما لا يسدّ الحاجة ويُبقي السعر مرتفعاً وفقاً للعرض والطلب.

تتركز زراعة الليمون في المناطق الساحلية "اللاذقية طرطوس" بشكلٍ كبير، ويبلغ عدد أشجارها نحو 14 مليون على امتداد 43 ألف هكتار بإشراف 100 وحدة ارشادية.

وأمام ارتفاع أسعار كافّة المواد الاستهلاكية والليمون منها لم يتبقى على الإنسان السوري سوى الّلجوء إلى "حمض الليمون" الذي يُباع الكيلو الواحد منه بين 2500 ليرة و 3500 ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق