قضية فساد يكشف عنها وزير الصناعة بسياق سرده لانجازاته

وصف وزير الصناعة عدنان السخني في حديث لصحيفة بورصات واسواق "الخاصة" تمّ نشره البارحة الاحد، عمل الشركتين دوليتين ( SGS السويسرية وبيروفيرتاس الفرنسية) اللتان تعاقدتا مع الحكومة السورية للإشراف على جودة المستوردات الداخلة إلى الاسواق السورية، "دون قيمة تذكر" وأن الاموال التي ذهبت إلى جيوبهما بعقد قيمته 16 مليون دولار سنوياً، "لم تحقق هدفها".

وزير الصناعة السابق..
وما يتكلم عنه الوزير السخني اليوم "بجرأة"، بدأ قبل أربع سنوات، في عام 2008، على عهد سلفه في وزارة الصناعة فؤاد الجوني، فإقتراح التعاقد مع شركات دولية للكشف على المستوردات ومراقبة جودتها لجهة مطابقتها للمواصفة السورية المعتمدة، جاء من وزارة الصناعة التي كان على رأسها الجوني، حيث صرح حينها معاون المدير العام لهيئة المواصفات السورية(التابعة للصناعة) أيمن النوفي لمواقع الالكترونية سوري محلي بتاريخ 27-7-2008 حيث قال:

"..من المقرر أن يعقد المعنيون في وزارة الصناعة اجتماعاً بتوجيه من وزير الصناعة فؤاد الجوني قريباً للخروج بوجهة نظر موحدة للوزارة في هذا الخصوص".

وأضاف النوفي أن "هذه الشركات في حال التعاقد معها ستقوم بالكشف على المستوردات وتقدم للجمارك شهادات تثبت أن المستوردات مطابقة للمواصفات, مما يشكل اختصاراً للزمن والنفقات", مشيراً إلى أن "الشركات التي ستتولى الكشف عن المستوردات, في حال التعاقد معها, ستكون شركات ذات موثوقية عالية ومدروسة بعناية من قبل الحكومة".

وأشار النوفي إلى أن "التعقد مع شركات مراقبة دولية موثوقة يحقق للمستهلك جودة عالية للمنتج المستورد وذلك لأن مختبراتنا ليست مجهزة لإجراء بعض الاختبارات المتطورة جداً". 
وتعتبر مخابر سورية قاصرة عن إجراء بعض أنواع التحاليل المطلوبة أحيانا مثل كشف الإصابة بجنون البقر أو بمرض انفلونزا الطيور.

وزير الصناعة اليوم.. 
أما في لقاء البارحة مع الوزير الصناعة الجديد "السخني" ورغم كل الظروف التي تمر بها سوريا فانه يؤكد بأن المعدات اللازمة للمخابر التي يفترض ان تجري اختبارات على المستوردات تم شرائها، وعرض جهود وزارته لتوفير وتوسيع مخابر وطنية لاختبار المواصفات ومنح شهادات المطابقة كبديل للشركتين الاجنتين" وقد عملت وزارة الصناعة وفق توجه واضح على توسيع مجالات الخدمات المقدمة من قبل العديد من المخابر من خلال توريد تجهيزات مخبرية حديثة بالإضافة للعمل على توسيع عدد المخابر الوطنية التي يتم تأهيليها للاعتماد الدولي وفقاً للمواصفة 17025ISO، وذلك لتمكين المؤسسات الوطنية من القيام بعملية تقييم المطابقة بالاستغناء عنن خدمات الشركات الخارجية والتي كانت القيمة المضافة لعملها ضئيلة جداً، وذلك بالإضافة لتأسيس منظومة الاعتماد الوطنية".

وقدر الوزير السخني بأنه يحتاج فقط الى 3 سنوات للحصول على الاعتماد الدولي في حين احتاجت مصر الى 15 سنة، وبانه انجز في 18 شهر عمل يحتاج انجازه الى 5 سنوات في ظروف دول طبيعية.
وأهم ما يكشف عنه الوزير السخني هو الفاتورة الهائلة التي "دفعتها" الحكومة السورية دون جدوى حيث قال: "تصل المبالغ المنفقة على البنية التحتية للجودة في سورية لما يزيد عن 2 مليار ليرة سورية سنوياً دون الوصول إلى الهدف من إنفاقها (الأمر الذي نتج عنه التعاقد مع شركات رقابية دولية بيرو فيرتاز ,س.ج.س للتحقق من المستوردات بكلفة فاقت 16 مليون دولار ).."

حقائق ضائعة بين وزيرين ..؟
بين حديث وعمل الوزير السابق للصناعة وحديث الوزير الجديد اليوم، هناك أسئلة تحتاج إلى كشف عن المصالح التي تقف وراء "الهدر" تحتاج لإجابات صريحة وشفافة، تحتاج الى بيئة غير فاسدة تقف عند الحقائق وتصل بها الى نتائج محددة، ولا أن تتقاذف المسؤوليات لغايات تتعلق بالكرسي والولاء، فكل مشروع مراقبة الجودة والتعاقد مع الشركتين المعنيتين هدفه حماية المستهلك والبيئة ومنع إغراق السوق السورية بسلع رديئة الجودة، وليس تكبيد الاقتصاد مزيداً من الاعباء، يتم تمويلها من جيوب المواطنين. 
سابقاً كان المبرر هو عدم وجود القدرة الفنية لدى الجهات الرقابية السورية تمكنها من مراقبة المنتجات والسلع التي تخضع للبرنامج المذكور، لكن كلام الوزير السخني اليوم الذي يتحدث عن تذليل تلك العقبات لصالح منح تراخيص لمخابر وطنية محلية، ايضاً نتساءل لصالح من هذا الاجراء خاصة ان الاسواق تشهد اليوم تراجعاً كبيراً بالمواصفات وقفزات غير منطقية بالسعر، أي انها لم تجد معادلها الواقعي في حماية المواطن.
يذكر ان الشركتان المذكورتان قد انهت أعمالهما في سوريا، كما تمّ إيقاف المساعدات المادية والفنية ضمن برنامج تعزيز إدارة الجودة وقدراتها وبنيتها التحتية الممول من الاتحاد الأوربي.


ترك تعليق

التعليق