رايات سود وذهب أسود

إن صح ما نقلته وكالة الأناضول التركية عن خبير نفطي أن 17% من احتياطي نفط العراق بات تحت سيطرة "داعش"، فإن ذلك يعني أن أصحاب "الرايات السود" وضعوا أيديهم على كميات هائلة من الذهب الأسود.

يختلف المراقبون في تقييم ما يحدث اليوم في شمال وغرب العراق، ما بين "ثورة"، وما بين "تمرد" لـ"داعش". لكن يبدو أن الأخيرة ما تزال تستولى على ناصية المسرح الإقليمي، خاصة إذا أتمت مشاريعها في "ولاية الخير"، كما يسميها زعماؤها، ديرالزور، التي يبدو أنها هدفٌ رئيس لصانعي استراتيجية التنظيم "اللغز".

فمع سيولة مالية ضخمة استولى عليها التنظيم في بنوك الموصل، حسب تقارير دولية، إلى جانب أسلحة وسيارات "همر" عسكرية أمريكية، تركها الجيش العراقي "الفار" وارءه، يبدو أن "داعش" تمتلك اليوم ناصية تحرك قوي في ديرالزور، لتُتم بذلك مشروع إلغاء الحدود بين سوريا والعراق، والأهم، أن تُتم سيطرتها على واحدة من أغنى محافظات سوريا، بالنفط والغاز، وبالثروات الزراعية.

غرام أصحاب "الرايات السود" بـ "الذهب الأسود" يحدّد، على ما يبدو، بوصلة تحركاتهم، فهم يركزون على محافظتي الحسكة وديرالزور، حيث ثروات ضخمة من النفط والغاز والمحاصيل الزراعية، وتبقى الرقة، معقلهم الأساس، الطريق اللوجستي لبيع تلك الثروات إلى مهربين أتراك.

وتسيطر "داعش" منذ مدة على آبار نفطية غنية في مركدة وبئر شاعر النفطي في دير الزور، إذ يقدر إنتاج البئر الأخير، يومياً، بربع مليون دولار أمريكي. وتذهب تقديرات لخبراء أن تمويل نشاطات "داعش" اليومية يُكلف مليون دولار، مما يعني أن "داعش" تُحصّل ربع تمويلها من منطقة نفطية واحدة فقط في ديرالزور، فماذا سيحدث لو سيطرت بالفعل على كامل المحافظة، وأحكمت سيطرتها على الآبار النفطية التي استولت عليها في العراق مؤخراً.

الذهب الأسود يجرّ مقاتلين، بعضهم يائسون يشكل المال عامل جذب لهم، وبعضهم مؤدلجون، تجتاح عقولهم آمال "الخلافة". وهكذا يبدو أن "داعش" ستجد المزيد من مقاتلي القبائل المستعدين للعمل تحت إمرتها في شمال وغرب العراق، وفي شمال شرق سوريا.

وهكذا يبدو أن "الذهب الأسود" سيموّل المزيد من حاملي "الرايات السود" في قلب "الهلال الخصيب"، النابض بالنفط والماء والقمح، والمتعطش، على ما يبدو، للكثير من الدماء.

ترك تعليق

التعليق