بعد أكثر من أربع سنوات...حوار حول رجال الأعمال والثورة

تبدو الصورة رمادية اليوم حيال دور رجال الأعمال السوريين في دعم الثورة السورية فهم منقسمون إلى مؤيد للنظام –ومعارض له- أو صامت ليس له موقف معلن.

وبعيداً عن كل ما يقال وسوف يقال عن الدور المعلن أو الخفي لرجال الأعمال في دعم النظام، هناك العديد منهم –رجال أعمال - وقفوا مع الثورة، وساعدوا المحتاجين، ولكن إلى أي حد ساهم رجال الأعمال في دعم الثورة السورية، وهل فشل النظام في استمالة قطاع الأعمال؟

يؤكد، جبر الشوفي، عضو إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي لـ"اقتصاد"، أن رجال الأعمال الذين كانوا ولا زالوا ملتفين حول نظام الأسد هم شركاء عريقون لرؤوس النظام وغارقون معه بالفساد والإفساد، ولا مصلحة لهم بالتغيير الديمقراطي في بلادنا لأنه يحرمهم من مجالات استثمار أرباحهم وأموالهم في المواقع والأماكن التي يتواجدون فيها بسبب صفقاتهم مع أعمدة النظام الذي يقدم لهم الأمان ويغطي على مخالفاتهم وتجاوزاتهم ويشاركهم أرباحهم، فهم إن تركوا هذه الشراكة سيخسرون كل ما وظفوه دفعة واحدة.

استقرار تدفق المال اللازم

وأضاف "الشوفي": "إنّ أقلية من الرجال السوريين التفتوا إلى الثورة مغلبين المصلحة الوطنية على مصالحهم الضيقة، وإن لم نعدَم رجالاً شرفاء قدموا ولا زالوا يقدمون ولا ينتظرون إلا أن يتوقف القتل وتنتصر الثورة ويعود بلدنا إلى حالة الأمن والاستقرار وإقامة نظام الحرية والديمقراطية والعدالة. وأعتقد أن بعضهم قدم وساهم بشكل هام في كل المجالات، وهم أسماء معروفة ومحترمة ولا أريد أن أسمي حتى لا أغمط بعضهم حقه وأبدو كمن يروج لرجل دون الآخر، فكل من مول ودعم المقاتلين من الجيش الحرّ والمعتدلين والأهالي بطريقة أو بأخرى مشكور وكل من موّل فضائية أو وسيلة إعلامية هامة مشكور أيضاً، وكذلك هناك من مول مؤتمرات سورية هامة، وقدم ما يقدر عليه من أنواع الدعم ومجالاته المتعددة والمتشعبة".

وحول تراجع دور بعض رجال الأعمال الداعمين للثورة خلال السنوات الأربع من عمرها، أشار "الشوفي" إلى أن دور رجال الأعمال لا يقتصر على إعطاء الهوية الوطنية للمال اللازم لحركية وخدمة الثورة والثوار وإغاثة الأهالي وتقديم الخدمات ولوازم العيش لهم، بل أيضاً تأمين ما يلزم من رسم خطط استراتيجية وتدريبات وبرامج مهنية وإعلامية وغير ذلك من مجالات ضرورية، فهذه كلها جوهرية وأساسية، ولكن الأهم من ذلك هو تأمين استقرار تدفق المال اللازم وعدم ارتهانه لأمزجة الدول والممولين لتوظيفه في خدمة مصالحهم على حساب خط الثورة وأهدافها، وقد عانت ثورتنا الكثير من مثل هذه الحال، ووصل الصراع بين الدول الممولة أحياناً حداً ألحق ضرراً كبيراً ليس في تشتت ولاء الثائرين والسياسيين فحسب، بل في حرف العديد من الفصائل الثورية عن جادة الاعتدال وأهداف الثورة.

بعض رجال الأعمال راهنوا على أطياف من المعارضة ولم يحصدوا سوى الخيبة

وأوضح الشوفي أن الكثير من مساعدات الدول باتت عبئاً على كاهل الثورة والمجتمع السوري على حد سواء، كما أن التفاف رجال الأعمال الوطنيين يشير من جهة أخرى إلى أن هذا المال نظيف وليس مال التشارك بالفساد مع رؤوس النظام، مضيفاً: "أعتقد أنّ كثيرين ممن راهنوا على سرعة سقوط النظام ورتبوا مصالحهم المستقبلية مع الثورة، قد أصابهم الملل وفقدوا الأمل فعادوا ليرتبوا أوضاعهم مع النظام من جديد، وتخلوا عن الثورة، وهذا يكشف زيف انتمائهم إلى ثورة الشعب وانحيازهم إلى جيوبهم وحسابات ربحهم وخسائرهم، وكذلك هناك من قصّر ممثلو الثورة بالتواصل معهم، أو لم يحسنوا استثمار إمكانياتهم أو أنّ رجال الأعمال أنفسهم راهنوا على شخوص من أطياف المعارضة ولم يحصدوا سوى الخيبة.

وتابع "الشوفي": "أتمنى أن تكون مواقف هؤلاء مدروسة بعناية أكبر، وأن لا تأخذهم أمزجتهم ومصالحهم للرهان على جياد خاسرة أو في سباق بائر، ولا شك أن بعضهم سيدرك ما أعنيه بعد أن مولوا مؤتمرات أو مشاريع لا جدوى منها، وهؤلاء يعيشون ويستثمرون في الداخل، أما من يمد المعارضة والائتلاف فيجب أن يكون خارج سوريا، ومن في الخارج غالباً ليس التغيير السياسي ملحاً بالنسبة له، وإن حدث لا يؤثر على استثماراته لا سلباً ولا إيجاباً".

*تراجع تمويل رجال الأعمال لشؤون الثورة وحاجاتها

وبيّن "الشوفي" أن "تمويل الائتلاف خليجي بالدرجة الأولى، وهو غير قادر أن يعطي ضمانات ولا يقيم شراكات أو يضرب صفقات مع رجال الأعمال، إذ لا أحد يقبل أن يشتري سمكاً في البحر، مع العلم أن أمور الثورة مسؤولية كل الثوار ولاسيما الائتلاف المعترف به ممثلاً شرعياً للشعب السوري عربياً ودولياً، ولكن أمام ما يصل من مال محدود، وأمام اتساع مساحة الحاجات وتعددها، يجري تقديم الأضرّ على الضروري، وما حدث من تراجع تمويل رجال الأعمال لشؤون الثورة وحاجاتها، انعكست آثاره السلبية على كل ما هو ضروري ومن الطبيعي أن يصيب الوسائل الإعلامية ما أصاب غيرها مع طول المدة وارتفاع التكاليف وتسرب الوهن واليأس إلى بعض النفوس.

الظروف ليست لصالح الحكومة المؤقتة

وأوضح "الشوفي" أنه يجب أن يكون عمل الحكومة المؤقتة الأساسي في الداخل المحرر، على أن تؤمن الحماية اللازمة والمال والأيدي الخبيرة لمشاريعها والعاملين فيها، مضيفاً: "نحن في إعلان دمشق لم ننصح بتشكيل هذه الحكومة لأن فرص نجاحها محدودة ومواردها شحيحة، ولم تتوفر الحماية ولا الكوادر والخبرات اللازمة، أما الآن فلا فرق في مكان تواجدها طالما أن كل الظروف ليست لصالحها".

وحول وضع الملف الاقتصادي للمعارضة، قال "الشوفي": "هو متوفر حسب علمي ولو نسبياً، ولكن ما فائدة الملفات إذا لم تتوفر إمكانية لا مادية ولا تقنية ولا لوجستية لتنفيذها، تحتاج المناطق إعادة إعمار وإرجاع أهلها إليها، وحمايتهم وتأمين التعليم لأبنائهم والخدمات ووسائل العيش والكهرباء والماء وغيرها، ما هي الإمكانيات المتوفرة، وما هي وسائل توفرها إذا كان الرهان على النفط ساقطاً بسبب هيمنة كتائب متشددة عليه، وتبعاً لهذا لم تقدم حكومة الائتلاف إلا أعمالاً خدمية بسيطة بالنسبة للحاجات الضرورية والملحة".

في سطور

جبر الشوفي:
-قيادي في المجلس الوطني السوري المعارض.
-عضو سابق في مجلس أمناء لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا.
-عضو الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي.
- اعتقل لدى النظام السوري من 2007 وحتى حزيران 2010.

ترك تعليق

التعليق