كيف نعيد السوريين إلى بلدهم ...؟!

تشير بيانات الحكومة الأردنية الأخيرة إلى أن آلاف اللاجئين السوريين بدأوا يطلبون العودة إلى بلدهم، وهو يعني أحد أمرين: إما أن الأوضاع في الأردن وصلت إلى مرحلة لم تعد تطاق وأن الناس بدأت تفضل الموت على الحياة بذل، أو أن الأوضاع في الداخل أصبحت قابلة للحياة وخصوصاً في المناطق المحررة  .. فما هي حقيقة الوضع .. ؟، وما هي العوامل التي تساهم بعودة المهجرين السوريين إلى مناطقهم ..؟

الأمن قبل الغذاء
 
يقول "أبو أنس"، الذي لجأ إلى الأردن منذ أكثر من ثلاث سنوات، إن هناك عدة عوامل تؤثر في عودة اللاجئ السوري إلى بلده: أولاً، سوء الوضع في البلد المضيف، وثانياً، تحسن الأوضاع الأمنية والمعاشية في بعض المناطق، وثالثاً وهو الأهم، إيجاد حلول لمن فقد منزله، مشيراً إلى أن هناك شريحة كبيرة من اللاجئين لم يعد لديهم بيوت يعودون إليها ..

أما بالنسبة للأولى، يرى "أبو أنس" أن الأوضاع في الأردن باتت سيئة بما فيه الكفاية لكي تجعل السوري يفكر بالعودة إلى بلده تحت أي ظرف، لكنه يعبر عن اعتقاده بأن سوء الأوضاع الأمنية، في الدرجة الأولى، لازالت تمنع الناس من الإقدام على هذه "المغامرة "، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الأوضاع المعاشية في الأردن ليست أحسن حالاً من الأوضاع في الداخل ... نظراً لأن أغلب المنظمات الإنسانية توقفت عن تقديم المساعدة، إضافة إلى أن الحكومة الأردنية تمنع السوري من العمل وتفرض عليه عقوبات شديدة في حال المخالفة قد تصل إلى حد "القذف" إلى سوريا، وهو المصطلح الذي تستخدمة الحكومة الأردنية لإرجاع السوريين إلى بلدهم.

الحد الأدنى من كل شيء ..

أما "أبو عمر"، وهو ناشط إغاثي في الداخل، فيؤكد عودة مئات الأسر إلى المنطقة الجنوبية، بعد تحرير عدد من المناطق الحيوية..  لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن الأوضاع الأمنية لم تتحسن كثيراً حتى بعد التحرير، فلا زال القصف مستمراً إضافة إلى أن الأوضاع المعيشية شديدة الصعوبة والغلاء فاحش، وهو ما يعني حسب رأيه، أن ما يؤثر في عودة الناس إلى بلدهم، هو توفر الحد الأدنى من كل شيء، والأهم  توفر المسكن، مشيراً إلى أن أغلب العائدين هم ممن لازالت بيوتهم على قيد الحياة ..

عودة المهجرين يزيد الأعباء على الداخل...

بدوره يقول الناشط المدني والسياسي في الداخل، "أبو الخير"، أنه بعد أربع سنوات من الحرب والتهجير، نشأت في الداخل إدارات مدنية محلية، حاولت أن تكون بديلاً عن الدولة .. وهو يرى أن هذه الإدارات نجحت كثيراً في تنظيم الحياة في الداخل من خلال إدارة أموال التبرعات والإغاثة، لكنه يعتقد أن الإعلام مقصر في تسليط الضوء على عملها وما تبذله من جهد لتسيير الحياة المعاشية والمدنية للناس. بل يرى على العكس، أن الصورة المنقولة عبر الإعلام سيئة، وكأنه المراد منها عدم دفع الناس للعودة إلى بيوتهم ... ويضيف: "إن من ساهم بنقل هذه الصورة السلبية، هم أحياناً من العاملين في تلك الإدارات، سواء عن قصد أو عن غير قصد ... فهم يعنيهم أن تكون الصورة المنقولة "إغاثية" من أجل استمرار الدعم". لكنه بنفس الوقت يشير إلى أن هناك فئة ضمن هذه الإدارات، لا ترغب حقيقة بعودة المهجرين من الخارج، لاعتقادها أن ذلك يزيد من الأعباء الملقاة على عاتقها، في ظل شح الموارد المالية التي بين يديها ...

المشاريع هي الحل ..!!

يرى "أبو إبراهيم"، وهو ناشط إعلامي وإغاثي موجود في الأردن، أن الوقت حان لكي يتم التحول من توزيع الإغاثة إلى إدارتها، وحسب قوله، فإن الأزمة الإنسانية السورية مستمرة ولا أحد يعرف على وجه التحديد نهايتها... ويوضح: "يجب أن ألا نعتقد أن أموال الإغاثة سوف تستمر إلى ما لا نهاية، حيث أن هذه الأموال بدأت تقل فيما الأزمة تتسع".. ويشير إلى أن الحل يكمن في توظيف هذه الأموال في مشاريع قادرة على خدمة الناس وتوفير الحد الأدنى من المواد الغذائية.

ويؤكد "أبو إبراهيم" أن هناك الكثير من المنظمات الإغاثية، بدأت تنحو هذا الاتجاه، وتوقفت عن دفع الإغاثة بشكل مباشر وأصبحت تطلب من الإدارات المحلية تزويدها بمشاريع زراعية أو صناعية من أجل تمويلها ..

ويرى أنه إذا تمت إدارة هذه المشاريع بنجاح، إضافة إلى التوسع فيها بحيث تشمل إعادة تأهيل البيوت المدمرة والمرافق الأساسية، فإن ذلك من العوامل التي تساعد على عودة اللاجئين إلى ديارهم.

أخيراً
 
لم يعد خافياً على أحد حجم الكارثة الناتجة عن لجوء السوريين إلى دول الجوار، فهم، بالإضافة إلى أنهم يستنزفون أغلب التحويلات المالية لذويهم في الخارج ...فإنهم باتوا عبئاً ثقيلاً على الدول التي تستضيفهم،  وأصبحوا يحزمون حقائبهم مع كل عملية انتخابية تجري في تلك البلدان أو مع أي تطور في الأحداث ... لذلك، عودة هؤلاء اللاجئين يجب أن تكون من الأولويات الأساسية لأجهزة المعارضة بكافة تشكيلاتها السياسية والعسكرية والإنسانية.

ترك تعليق

التعليق