بعد انفراج أزمة الطحين في درعا...تساؤلات حول الموقف الأردني

استؤنفت عبر الحدود السورية الأردنية في المنطقة الجنوبية من سوريا، عمليات دخول الشاحنات المحملة بمادة "الطحين" الخاصة بإنتاج رغيف الخبز الإغاثي، والقادمة من الأردن، وذلك بعد تعليقها عدة أيام  من الجانب الأردني لأسباب غير معروفة، الأمر الذي كاد  ينذر بأزمة جديدة بدأت بوادرها  تلوح  في الأفق، لتضاف إلى جملة الأزمات الكثيرة التي يعاني منها الشعب السوري.

وتعلقت الأزمة الأخيرة هذه المرة بفقدان رغيف الخبز في الجنوب السوري، وتحديداً في المناطق المحررة في درعا والقنيطرة، حيث توقفت عدة أفران في عدد من القرى الواقعة تحت سيطرة  المعارضة عن إنتاج الخبز، بسبب عدم وجود مادة الطحين الأبيض الذي يدخل مع مواد أخرى في تركيب رغيف الخبز.

الدكتور يعقوب العمار، رئيس مجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة, أكد أن الجانب الأردني استأنف إدخال الشاحنات المحملة بمادة الطحين إلى الأراضي السورية المحررة، مشيراً إلى أن الأفران والمخابز استأنفت عمليات الإنتاج المقررة بعد رفدها بكميات الطحين اللازمة.

ولفت العمار إلى أنه لم يُبلغ بسبب تعليق دخول الشاحنات، لكنه قال بأنه تكلم مع الجانب الأردني، وتم تسيير الشاحنات المتوقفة وإدخالها إلى الأراضي السورية المحررة.

وفي سياق متعلق بذات الموضوع، أكد العمار أن "المؤسسة العامة للحبوب التابعة للحكومة المؤقتة لم تستطع شراء كامل إنتاج الفلاحين من مادة القمح لهذا الموسم وفق الخطة المرسومة للتسويق المعلن عنها, بسبب عدم إرسال الحكومة المؤقتة الأموال اللازمة والكافية لتمويل عمليات الشراء، الأمر الذي سيُوقع المحافظة في أزمة للحصول على الدقيق", لافتاً إلى تسرب كميات من القمح من إنتاج المناطق المحررة إلى مؤسسات النظام رغم محاولة المجلس والفصائل منع ذلك.
 
مصدر في مجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة, كان قد أوضح أن سبب توقف إنتاج مادة الخبز, يعود إلى أن الحكومة الأردنية علقت عبور الشاحنات التي تحمل مادة الطحين إلى المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة المعارضة, وذلك بذريعة أن قوات النظام هددت باستهداف قوافل المساعدات عند مرورها على بعض الطرق القريبة من مناطق سيطرتها, لافتاً إلى أن مجلس المحافظة لم يُبلغ بهذا الإجراء من أية جهة كانت, فيما نقل عن مسؤول أردني نفيه أن يكون الأردن قد اتخذ مثل هكذا إجراء, وأن الحدود الأردنية لم تغلق أمام قوافل المساعدات الإنسانية إلى الأراضي السورية, مشيراً إلى أن تدفق المساعدات يخضع أحياناً لتقدير الحالة الأمنية بالتشاور مع الأمم المتحدة، حسب المسؤول الأردني.
 
زياد المحاميد، رئيس مجلس مدينة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة, أوضح في تصريحات صحفية, أن المجالس المحلية التابعة لمجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة, تعتمد في إنتاج رغيف الخبز بشكل رئيسي على المساعدات الإغاثية القادمة عبر الأردن، والتي يأتي في مقدمتها مادة الطحين اللازمة لتشغيل المخابز في المناطق المحررة, مشيراً إلى أن العديد من المخابز سيتوقف عن الإنتاج خلال أسبوع, فيما لو توقف رفدها  بكميات الطحين اللازمة للإنتاج.

أبو عامر من العاملين في لجنة الإغاثة، بيّن أن كل المواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة  المعارضة, يحصلون على مادة الخبز, وبغض النظر عن الإمكانات المادية لكل مواطن, وأن الحصول على مادة الخبز الإغاثي ليس حكراً على النازحين من مناطق القتال أو على المخيمات, لافتاً إلى أن كل فرد يحصل على معدل ثلاثة أرغفة كل يومين بأسعار رمزية جداً, نحو ست ليرات للرغيف الواحد، فيما يتجاوز سعر الرغيف  في الأفران الخاصة أكثر من 12 ليرة سورية.

وحول توفر مادة الخبز بشكل عام, قال "إن هناك أفراناً خاصة تؤمن مادة الطحين بأسعار السوق السوداء, وتنتج الخبز للمواطنين ولكن بأسعار عالية تصل إلى مئتي ليرة سورية للربطة الواحدة زنة 1500 غرام"، مشيراً إلى وجود أكثر من 30 فرناً و مخبزاً تعمل في المناطق المحررة.

ولفت أبو عامر إلى  أن الطحين الأبيض الإغاثي, يتم الحصول عليه من المنظمات الإغاثية عبر الأردن أو من التجار في السوق السوداء، ولكن  بأسعار عالية, ويتم خلطه بالطحين الأسمر العادي الذي يتم طحنه في المطاحن المنتشرة في بعض المناطق المحررة, للحصول على رغيف خبز بقوام معين.

من جانبه شكك الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني بمبررات الجانب الأردني بتعليق دخول الشاحنات المحملة بالطحين، وقال: "لا أعتقد أن يكون سبب التعليق هو الخشية من استهداف النظام لقوافل الطحين, وإنما هناك أسباباً أخرى قد تكون سياسية على ما يبدو, وهي غير واضحة"، لافتاً إلى أن حدود البلدين طويلة, وتمتد من بلدة كويا في الريف الغربي لمحافظة درعا, إلى ما بعد حدود محافظة السويداء، وهناك مناطق آمنة وطرق كثيرة لتأمين هذه المادة للداخل السوري, معرباً عن أمله بأن تكون هذه الأزمة قد حُلت تماماً, لأن "الشعب السوري الذي ذاق الأمرين ولازال من النظام وقواته، لا ينقصه أن يفقد رغيف الخبز"، حسب تعبير الناشط.

يشار إلى أن محافظة درعا تعد من المحافظات الزراعية الهامة في سوريا وتعتمد في إنتاجها الزراعي على محاصيل  القمح والشعير والخضار, ويُقدر إنتاجها السنوي في السنوات الأخيرة بنحو 100 ألف طن من مادة القمح، وفيها عدة صوامع وصويمعات, يتجاوز استيعابها أكثر من مئتي ألف طن, إحدى هذه الصوامع تقع  في غرز إلى الشرق من مدينة درعا بنحو 3 كيلو متر، وهي  تحت سيطرة المعارضة, فيما الأخرى في مدينة ازرع  التي تبعد عن درعا نحو 35 كم وهي تحت سيطرة قوات النظام, في حين  تتوزع الصويمعات الباقية على عدد من مناطق المحافظة.

ترك تعليق

التعليق