قصة حقيقية..الواسطة تلحق بالسوريين إلى لبنان وتجتاح مفوضية شؤون اللاجئين فيه


يعاني السوريون من نقص التمويل الأممي الخاص بإغاثة اللاجئين في لبنان، وتُفرض حالياً، ومنذ مدة، إجراءات تكاد تكون تعجيزية من قبل السلطات اللبنانية لتجديد الإقامات المؤقتة، وتسوية أوضاع المخالفين لأوراق اللجوء، خاصة بعد أن فرضت تلك السلطات على مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منع تسجيل أي لاجئ جديد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قامت مفوضية اللاجئين بتخفيض مبلغ الإغاثة الشهري إلى 13،5 دولار، بعد شطب الآلاف من اللاجئين من سجلات الاستفادة من مساعداتها.

 وأشد ما يعانيه النازح السوري في لبنان، الإهمال الصحي، الذي تُعتبر شؤون اللاجئين مسؤولة عن الجانب الإنساني فيه. ففي حالة واقعية لإحدى النازحات من منطقة تلكلخ السورية، تعرضت لجلطة دماغية، وبعد أن تم إسعافها لمشفى السلام الكائن في القبيات التابعة لقضاء عكار في الشمال اللبناني، تم تقديم الإسعافات الأولية، وتكفلت شؤون اللاجئين بجزء من العلاج الأولي.

 علاج هزيل وتكلفة غير مشمولة بالإغاثة

 بعد الإسعاف، وإجراء ما يلزم طبياً بشكل أولي، تبين أن المريضة تحتاج لتدخل جراحي ضروري وعاجل، كونها مصابة بانفجار أحد الشرايين في المخ، وهناك شريان آخر مهدد بالانفجار، ورغم ذلك تم إخراجها من المشفى دون إجراء العملية، مشترطين تقديم طلب للمنظمة الأممية لشؤون اللاجئين، للحصول على موافقتها قبل إجراء العملية، ودفع تكاليفها، والبحث عن مشفى وطبيب مختص.

وبعد مراسلات وتقارير متبادلة بين أحد مشافي بيروت وطبيب مختص فيه، وإجراء صور أشعة، طالب الطبيب المعني بكشفية 100 دولار كاستشارة أولية، ووضع مبلغ 20000 ألف دولار، ما يعادل 6 ملايين ليرة سورية تقريباً، وذلك ككلفة أولية للعمل الجراحي.

وعند العودة لشؤون اللاجئين، لإجراء اللازم وكفالة العمل الجراحي، وبعد المراسلات وطلب التقارير الطبية والتكاليف من الطبيب والمشفى، تم استلام الطلب للدراسة، وجاء الرد بعد أسبوعين بالرفض، بحجة أن المبلغ كبير جداً، ولا تكفل المفوضية هكذا عمليات وبهذه التكاليف، في حين تبلغ تكلفة عمل جراحي مماثل في سوريا، في مشفى معروف بدمشق، بعد استشارة للحالة المعنية ذاتها، بحدود 2 مليون ليرة سورية.

 عادت الأسرة المعنية لتقديم طلب آخر على أمل أن تقوم المنظمة "العتيدة" بالتكفل بثمن الأدوية والتي تبلغ 100 ألف ليرة لبنانية شهرياً، لكن الجواب كان من جديد، بالرفض، الأمر الذي أثقل كاهل الأسرة ومريضتها، في ظل ظروف عصيبة من اللجوء والتهجير.

 محسوبيات ومعارف وواسطات

في حالة قريبة للحالة السابقة، تعرض أحد اللاجئين لجلطة، وتقدم بالأوراق المطلوبة، وخضع لنفس الإجراءات السابقة من تقديم تقارير وكشوفات، وقامت شؤون اللاجئين بكفالته، وكفالة العمل الجراحي، ودفع أكثر من 70% من التكلفة، أي ما يعادل الـ 7000 دولار كعمل جراحي فقط، إلى جانب التكفل بالأدوية الشهرية المطلوبة، لأن الشخص المعني لديه معارفه ولديه "دخلاته"، التي كانت السبب الأساس في دفع المسؤولين في المنظمة الأممية للقبول بتحمل تكاليف العمل الجراحي التي تقارب تكاليف الحالة السابقة التي تم رفضها في القصة المشار إليها آنفاً.

وهكذا يبدو أن الواسطات والمحسوبيات لحقت بالسوريين إلى لبنان، ونالت حتى من منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتعقّد من ظروف حياتهم المعقدة أصلاً، وتحيل همومهم إلى كوابيس.

ترك تعليق

التعليق