موسم قطاف الزيتون في معضمية الشام.. حصيلة لا تتجاوز 10%

 في الوقت الذي يبدأ فيه موسم قطاف الزيتون، يعمل محمود في بستانه بمعضمية الشام جاهداً ليحصل على غلة وفيرة من ثمار الزيتون الموجود بكثرة في أرضه التي يعتني بها.

وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي يبذله في العناية بأشجاره طوال السنة؛ يقول محمود إنه لم يحصل إلا على نصف الغلة التي كانت أشجاره تنتجها في الأعوام الماضية.


ويضيف محمود لـ "اقتصاد": "السبب في تدهور الموسم لدي هو نقص المياه بسبب نفاذ الوقود اللازم لتشغيل محرك الكهرباء الذي أرفع المياه عن طريقه من البئر، وعدم توفر هذه المادة في الأسواق".

ويتابع قائلاً: "استخدمت حلولاً بديلة لسقاية الأشجار حيث اعتمدت على الصرف الصحي الذي يسقي المزروعات بدون استخدام شفاط المياه، هذا جعل الأشجار ترتوي لكنها لم تنتج كما في السنوات الماضية".

 40% من الأشجار قطعت

كما تُعرف مدينة داريا بعنبها المتنوع الأصناف واللذيذ الطعم، تشتهر جارتها المعضمية بغناها بأشجار الزيتون، حيث يعد الزيتون هو المحصول الرئيسي لفلاحي المدينة.
 
وخلال الأعوام الماضية، اضطرت ظروف الشتاء والحصار الطويل، الكثير من الأهالي للتضحية بأشجارهم وقطعها، مقابل الحصول على الدفء في شتاء قاس لا يعرف الرحمة.

يقول أبو محمد (50 عاماً): "إن 40 بالمائة من الأشجار قطعت في الأعوام الثلاثة الماضية"، ويضيف لـ "اقتصاد": "تحولت أشجار الزيتون إلى حطب يشتعل في مواقدنا للطبخ والتدفئة، لقد استغنى معظم الأهالي عن الزيتون مقابل تدفئة أطفالهم".



وعند قيام المرء بجولة سريعة في مناطق البساتين بمعضمية، يلاحظ العدد الهائل من الأشجار المقطوعة حتى السيقان أو المقلوعة من جذورها.

ويتابع أبو محمد: "إذا رأيت حفرة كبيرة في أحد البساتين فاعلم أنها كانت مكاناً لشجرة زيتون ربما بلغت من العمر عدة قرون".

موسم القطاف لم يتجاوز 10%

على الرغم من قطع زيتون معضمية، وتحطيبه، يبقى الكثير من الشجر معرضاً لآفات أخرى غير التحطيب، الأمر الذي يضعف موسم القطاف ويوصله إلى أقل من 10 بالمائة هذه السنة، على حد تعبير أحد الفلاحين، الذي قال لـ "اقتصاد": "كان موسم القطاف ضعيفاً هذه السنة بسبب قلة الرعاية والعناية بالأشجار، فكثير من الفلاحين لم يستطع سقاية زيتونه بسبب أزمة الوقود، وغبار القذائف التي تنهال على المنطقة الجنوبية المليئة بالزيتون أثر سلباً على الموسم حيث ضعفت حبات الزيتون وضمرت".

ويقول فلاح آخر لـ "اقتصاد": "لم أستطع سقاية أشجاري ولا الاعتناء بها، واليوم أحصد الخيبة، نتيجة لضعف الموسم".

وتعتبر أزمة المياه السبب الرئيس في إهمال ما تبقى من أشجار المدينة. و يمارس النظام حظراً على مادتي المازوت والبنزين منذ ثمانية أشهر، ما يفاقم أزمة المياه التي تعتبر  الشريان الرئيس للزراعة.

 مصير الزيتون المقطوف

عندما كان الفلاح في المعضمية يقطف حبات زيتونه، يأخذ حصة من الموسم كمؤونة ليبته، والحجم الكبير المتبقي ينزل إلى المعاصر لاستخراج الزيت البلدي ذي السمعة العالية والجودة الممتازة.

وحول هذا الأمر، أكد أبو سليمان (55 عاماً)، أن موسم الزيتون منذ ثلاثة أعوام لم يتعد عتبة المعضمية، وأضاف لـ "اقتصاد": "نحن نزرع لنأكل ونطعم أطفالنا، الكمية التي ننتجها لا تخرج إلى المعاصر كما هي العادة، بسبب عدم سماح النظام بهذا الأمر، إضافة إلى ضعف الموسم فهو بالكاد يكفي لإطعام أهالي المدينة".

ومع اقتراب الموسم من نهايته، يبقى ناقوس الخطر منذراً بالنهاية المأساوية لما تبقى من زيتون معضمية، الذي إن نجى من التحطيب والقلع، فإنه سيفنى بسبب عدم توفر العناية الملائمة.


ترك تعليق

التعليق