"اقتصاد" يناقش موازنة النظام لعام 2016

أنهت حكومة النظام مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2016، والتي قدرتها بـ 1980 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 5 مليار دولار، فيما لم تكشف عن مصادر تمويل هذه الموازنة وإن اعترفت بالكثير من الصعوبات التي تعترض تمويلها..

وبحسب وسائل الإعلام المحلية التابعة للنظام، فإن مشروع الموازنة الحالي فيه زيادة مقدارها 426 مليار ليرة عن موازنة العام الماضي، غير أنه وفقاً لتبدلات سعر الصرف، والتي كان الدولار فيها دون 300 ليرة سورية بداية العام الحالي، فإنه لا زيادة تذكر في الموازنة القادمة، حيث من المتوقع أن يصل الدولار إلى أكثر من 400 ليرة حتى نهاية العامة الجاري، وهي النقطة التي حاولت حكومة النظام من خلالها الإيحاء بأن هناك تحسناً على مستوى مصروفات الدولة.

كما حاولت حكومة النظام الإشارة إلى أنها أولت للدعم الاجتماعي دوراً مهماً في الموازنة القادمة، وذلك من خلال تخصيص اعتمادات لتثبيت الأسعار تقدر بـ 192 مليار ليرة، لكنها أشارت إلى أن مبلغ الدعم المطلوب يقدر بـ 973.25 مليار ليرة وهو ما يعني أن الحكومة لن يكون بمقدورها التدخل بشكل جدي في تثبيت الأسعار كون الارتفاع في أغلبه ناتج عن تدهور سعر صرف الليرة.

وبالنسبة لكتلة الرواتب والأجور في الموازنة القادمة فقد قدرها النظام بـ 372 مليار ليرة بزيادة 56 مليار ليرة عن الموازنة السابقة، نتيجة الزيادة الأخيرة على الرواتب، غير أن الموازنة لم تلحظ أي زيادة قادمة، وذلك من خلال توزيع الاعتمادات في حدها الأدنى على باقي قطاع الدولة واعتراف النظام بوجود عجز في الموازنة يتجاوز الـ 600 مليار ليرة!!
 
من جهته، اعترف وزير مالية النظام، اسماعيل اسماعيل، أن تدمير البنى التحتية والذي طال الخدمات الأساسية للدولة من صحة وتعليم ومصادر المياه والطاقة ووسائط وخطوط النقل والاتصالات إضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، رتب العديد من الآثار السلبية التي ألقت بظلالها على المجتمع والاقتصاد السوري، تمثلت بتراجع معظم المؤشرات الاقتصادية وانخفاض حاد في الناتج المحلي.

وأضاف، إن ظروف الأزمة في سوريا أدت أيضاً إلى تراجع الاحتياطات النقدية وعجز في الميزان التجاري نتيجة تراجع الإنتاج واضطرار الحكومة إلى استيراد العديد من المنتجات لتغطية حاجات المواطنين الأساسية، مقابل انخفاض في الصادرات، وهذا أدى بدوره إلى الضغط على أسعار الصرف وانخفاض حاد في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، وتراجع كبير في موارد الخزينة العامة، وارتفاع في المستوى العام للأسعار.

وبيّن وزير المالية أن وزارته تنطلق في عملها من أولويات عدة وهي تأمين الموارد اللازمة للخزينة العامة للدولة، وهو التحدي الأكبر، إلى جانب دعم المنظومة المالية والمصرفية تشريعياً، ودعم مساهمة القطاع المالي والمصرفي في إعادة حركة الإنتاج، وتأمين التمويل اللازم لذلك، إضافة إلى توفير التسهيلات الائتمانية اللازمة للقطاعات والنشاطات الاقتصادية ذات الأولوية، وتعزيز مبدأ المساءلة المالية، وتقييم الأداء، من خلال الارتقاء بمستوى الرصد والمتابعة والتقييم.

نستنتج مما سبق ومن خلال تصريحات وزير المالية، أن النظام لا يملك حتى إمكانية تمويل الموازنة بالعجز، كونها بالأساس تعاني من عجز كبير، إضافة إلى أن أغلب مؤسسات الدولة، بما فيها الإنتاجية منها، مفلسة، وهو ما يعني أن النظام سوف يتجه لفرض المزيد من الضرائب، حيث أشار وزير المالية إلى أن الحكومة تعمل على مشروع الإصلاح الضريبي من خلال زيادة التحصيل الضريبي بالإضافة إلى فرض ضرائب جديدة وفق ما أسماه بالعدالة الاجتماعية.

كما يمكن أن نلاحظ من خلال مشروع الموازنة لعام 2016، أنه يتجاهل تماماً التبدلات على سعر الصرف، حيث أنها لم تتوقع سعراً تقديرياً لليرة خلال الفترة القادمة، وهو أمر ضروري لأن العجز في الميزان التجاري ووفق الأرقام الحكومية يتجاوز الـ 90 بالمئة، وأي هبوط جديد على الليرة يعني المزيد من النفقات على حساب الموازنة.. فكيف هو الحال والليرة في حالة هبوط متواصل..؟!

بكل الأحوال، مشروع الموازنة عليه الكثير من إشارات الاستفهام، وأغلب الظن أن النظام لا يدير الدولة وفق موازانات محددة سلفاً، وإنما يتبع أسلوب الاحتياجات في حدها الأدنى.. ولعل الشيء الثابت في هذه الموازنة هو كتلة الرواتب والأجور وما تبقى هو عبارة عن حسابات وهمية لا أساس مالي لها.. ولعل الهدف من مشروع الموازنة كله هو القول بأن النظام لا يزال "موجود وقوي"، وهو ما صرح به وزير المالية خلال عرضه لمشروع الموازنة على مجلس الشعب..
 

ترك تعليق

التعليق