قصة "معمل الديري".. صفحة من سجلات الصراع بين الصناعيين والتجار بحلب

شكلت عملية استهداف الطيران الحربي الروسي لـ "معمل الديري" لإنتاج خيوط البوليستر، غرب حلب، صدمة حقيقية للصناعة السورية، ولصناعة النسيج منها بالتحديد.
 
ويعتبر هذا المصنع الأكبر على مستوى المنطقة، مع العلم أن الطاقة الإنتاجية اليومية لمعمل الديري تصل إلى 75 طناً من الخيط الممزوج، وهي في معظمها للاستهلاك المحلي، وقسم بسيط منها كان يصدر إلى مصر.

 تم إنشاء معمل الديري في العام 1992 وفق قانون الاستثمار رقم 10، وآلاته من إنتاج شركتين ألمانية وسويسرية، وكان يعمل فيه قبل أزمته المالية 1800 عامل، وتم صرف 350 منهم، وتم وقف بعض الآلات لضغط النفقات، وهو ملك بالكامل لأبناء أسرة الديري، ويعتبر من أكبر معامل الخيط في الشرق الأوسط.

في العام 2008، أنجز شهبندر تجار حلب "صالح الملاح"، صفقة العصر، بعد غرق آل الديري -بقروض المصارف العامة والخاصة-، وحصل طلاب "التفليسة" من الديري على حصة جديدة في المعمل الذي أصبح ثمنه بقوة عشرة مليارات ونصف المليار ليرة سورية.

 يمكن الإشارة إلى أن رئيس غرفة صناعة حلب وقتذاك، غسان كريم، أرسل إلى رئيس الحكومة، محمد ناجي العطري، رسالة باسم مجلس إدارة غرفة صناعة حلب، اقترح فيها رؤية معقولة لحل الأزمة، حيث ركز الاقتراح على ضمان وضع الدائنين والحفاظ على حقوق العمال واستمرار عمل المنشأة، وذلك من خلال تكليف إدارة مؤقتة للمجموعة من غير الدائنين.

وإلى جانب المصارف، شهدت الفترة الماضية حرباً شرسة بين الدائنين لتكبير حصة كل منهم من الكعك، كما أعلن وزير الاقتصاد، عامر لطفي، عن وجود ربا فاحش في مكونات أموال الدائنين الذين تحولوا إلى مساهمين فيما بعد.

 ولم يخف رئيس غرفة صناعة حلب، أبو كامل، "محمد صباغ الشراباتي"، في وقت لاحق، غيابه عن معالجة أزمة تمس قطاع النسيج، بل تمس كامل القطاع الصناعي في حلب، حيث تحولت أزمة المصنع إلى بازار مفضوح للصفقات والمساومات.

 وكان لمشكلة مجموعة الديري أثرها على الواقع الاقتصادي والحركة الصناعية في حلب، المركز الصناعي الأهم في سوريا حينها، وكان تأثيرها أكبر على الصناعيين الناشئين والذين هم بأشد الحاجة إلى الدعم والمؤازرة، بدلاً من تعرض سمعتهم وفعاليتهم لمزيد من الصعوبات.

 وما أن أُعلن عن إفلاس مجموعة الديري النسيجية حتى ارتفعت نسبة الركود في أسواق حلب، وانكمش فيها البيع والشراء، وعادت إلى أذهان مواطنيها ذكرياتهم الأليمة عن جامعي الأموال.

ترك تعليق

التعليق