كيف أطلقت روسيا رصاصة الرحمة على صناعة الدواء بسوريا؟


أحدثت الغارات الجوية الروسية على الأراضي المحررة دماراً هائلاً في البنية التحتية لاقتصاد مناطق الشمال السوري. وساهمت الضربات المتكررة في إحكام الضربة القاضية على ما تبقى من الصناعات الدوائية، وخصوصاً مع توقف معمل آسيا للصناعات الدوائية في ريف حلب عن العمل جراء القصف المتكرر.

 ورغم أن النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" وجها معاً في السنوات الأخيرة ضربات قاسية لصناعة الدواء السوري، إلا أن الغارات الروسية شكلت ما يمكن وصفه برصاصة الرحمة على هذه الصناعة، كما يمكن القول أن روسيا ضربت ما تبقى من صناعة الدواء السوري في الشمال بضرب مصنع آسيا والذي كان يُغطي من 20 إلى 30% من أصناف الدواء، وخصوصاً النوعية منها، كمادة الأنسولين.

90% من التهريب و4 مصانع فقط
 
 بهذا الصدد، تحدث مدير مبيعات سابق في إحدى شركات الأدوية السورية مع "اقتصاد"، وعرّف نفسه بأنه د. سامر، وطلب عدم الكشف عن اسمه الثاني، موضحاً أنه "قبل اندلاع الثورة كانت الصناعات الدوائية السورية تغطي 90% من حاجة السوق السورية عبر 64 معملاً دوائياً في كل من دمشق وحلب وحمص. أما اليوم فإن عدد المصانع العاملة بعد قصف مصنع آسيا أصبح 4 مصانع فقط، تتعاون فيما بينها بالمواد الأولية والمكونات لإنجاز القليل من حاجات السوق، أما حاجات السوق الأخرى فتُغطى حالياً بنحو 90% من التهريب، سواء في مناطق سيطرة النظام أو المعارضة".

وأشار د. سامر إلى أنه، وبعد قصف معمل آسيا، فإن سوريا تستورد أكثر من 90% من الدواء، ويتم تأمين النقص النوعي في الأدوية الضرورية، إما عبر عمليات التهريب أو الاستيراد من روسيا وإيران.
 
صناعة الدواء لا تتجاوز 4% من حاجات السوق

ونفى د. سامر أن يكون هناك أي مصنع في مدن الساحل السوري، فالمصانع الموجودة حالياً وفقاً لمعلوماته، في دمشق وحمص وحلب فقط، وطاقتها الإنتاجية قد لا تتجاوز 4% من حاجات السوق، وقسم ضئيل من إنتاج هذه المصانع يذهب إلى التصدير بغية جلب قطع أجنبي (دولار).

 وحول الارتفاع الكبير لأسعار الأدوية في مناطق سيطرة النظام والمعارضة، رأى سامر أن الارتفاع الحالي معقول ومنطقي قياساً بارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، إلا أن الدواء السوري كان الأرخص عربياً نظراً للتقدم الكبير في هذه الصناعة قبل اندلاع الثورة السورية، مع العلم أن الدواء سلعة كبقية السلع، تحكمها قواعد السوق من حيث تكلفة الإنتاج، كما أن هناك عوامل تتحكم في سعر الأدوية، وتتعلق بأسعار المواد الأولية.
 
يذكر أنه تم إغلاق معظم معامل الأدوية في حلب والتي تشكل حوالي 40-50% من إنتاج الدواء في سوريا، وتنظيم "الدولة" والنظام وحليفته روسيا، يتشاطرون بلا شك، المسؤولية عن الأزمة الدوائية الحالية في سوريا جراء قصف وتخريب المصانع.

ومؤخراً، تهاون النظام في مناطق سيطرته وفتح المجال أمام تهريب الأدوية.
 
بقي أن تعلم!!
 
أن سوريا كانت تعتبر من الدول التي حققت تقدماً ملحوظاً في صناعة الدواء مقارنة مع الدول العربية حتى أنها اقتربت من الاكتفاء الذاتي. كما أن الصناعة الدوائية الوطنية في سوريا كانت تغطي أكثر من ٩٠% من الاستهلاك المحلي، وصدرت سوريا عام 2007 ما قيمته ٢١٠ ملايين دولار من الدواء.

وفي فترة الثمانينات كان تصنيع الدواء السوري محصوراً في معملين تابعين للقطاع العام، هما الديماس وتاميكو، وقبل اندلاع الثورة كانت سوريا تنتج أكثر من خمسة آلاف صنف دوائي، يصنع من قبل نحو 64 معملاً دوائياً خاصاً، وكان الدواء السوري يصدر إلى نحو 50 دولة بتكلفة تعادل نحو 800 مليون دولار سنوياً، مع تأمين أربعة آلاف فرصة عمل.

ترك تعليق

التعليق