الكوسا.. حلم سوري جديد

هل أصبحت وجبة مثل (الكوسا محشي) من أحلام السوريين البسطاء الذين يشكلون 90% من عموم الشعب، وصحن السلطة يكلف أكثر من 1000 ليرة سورية، وأن أتعس مشاوير الآباء والأمهات هو الذهاب إلى السوق الذي صار عقوبة بعدما كان متعة.

في سوق باب السريجة تدور أم ياسين من أول السوق إلى آخره باحثة عن محل يبيع أرخص بعشر ليرات من بقية المحال، فرحلة توفير ما أمكن باتت لعبة يمارسها الراغبين بشراء كمية أكبر من الخضار وهؤلاء أغلبهم من أصحاب العوائل الكبيرة، ومع ذلك عائلة تتكون من فردين لم تعد قادرة على مواجهة الغلاء الفاحش وغياب الرقابة على سوق تتحكم فيه تجارة الاحتكار.

باب السريجة.. نار

"الأسعار نار"، ببساطة اختصر أبو أحمد حال السوق الشعبي في باب السريجة الذي يعتبر من أكثر أسواق العاصمة ازدحاماً، وفيه تتوفر كل أصناف البضائع، الألبان والخضار واللحوم كلها هنا وبأسعار كانت تتناسب مع جيب المواطن قبل سنوات الحرب.. اليوم يلهج لسان أبو أحمد بأسعار الخضراوات: (كيلو البندورة 300 ليرة، كيلو الخيار بين 350 -400، كيلو الباذنجان يصل إلى 300 ليرة، وسعر كيلو البطاطا  200 ليرة، والكوسا فوق الـ500 ليرة سورية، والفاصولياء  700 ليرة).

تتقطع أنفاس أبو أحمد وهو يعدد لنا قائمة الأسعار.. يرتاح قليلاً ويتابع: "الأسبوع الماضي كيلو الكوسا وصل إلى 1000 ليرة، وهذا يعني لعائلة مكونة من سبعة أشخاص تحتاج إلى 5000 ليرة فقط ثمن الكوسا، ولحم وتوابع الوجبة أيضاً يصل ما بين 4000-5000 ليرة هذا يعني أن الوجبة تكلف 10000 ليرة هل يعقل هذا.. وجبة الكوسا بنصف راتب موظف؟؟".


البرامكة.. أيضاً غالية

يهرب الفقراء إلى الأسواق الأقل غلاء على اعتبار أنها تأتي من المصدر دون المرور بالتاجر، وأن الباعة هم مواطنون أيضاً مثلهم يعرفون ما يعني أن يكون لك عائلة في بلد تأكله الحرب منذ خمس سنوات، والتجار لا يرحمون البشر الذين ما زالوا أحياء أو يحاولون الحياة.

الأجبان والألبان مصدرها القنيطرة والريف الغربي لدمشق، وكذلك الفواكه التي تأتي من ريف العاصمة، هنا سوق البرامكة الذي طرد منه الباعة أكثر من مرة بعد أن دفع تجار الأسواق الرشاوى للشرطة على اعتبار أنهم منافسون غير شرعيين لهم.

رغم كل الميزات التي تجعل من هذا السوق أقل سعراً إلا أنه أيضاً لا يحتمل، فهؤلاء الباعة لديهم مبرراتهم، فهم يدفعون للحواجز ضريبة الخروج بالبضائع، وأجرة السيارات التي توصلهم إلى قلب المدينة وتقلهم عند العودة، وهذا ما يرفع السعر عدا عما تأخذه الحواجز من بضائع كرشاوى وبالقوة في كثير من الأحيان.

الفواكه الموسمية وهي التي يجب أن تكون في سعرها الأدنى في هذه الفترة، يبدو البرتقال وحده في حاله الطبيعي، فسعر الكيلو بـ 100 ليرة وهو 4 أضعاف ما كان عليه قبل الثورة، وبقية الفواكه فهي كالتالي: التفاح بـ250 ليرة سورية، والكيوي بـ650 ليرة، والأفوكادو بـ800 ليرة سورية، والرمان بـ300 ليرة).

الألبان وألأجبان أيضاً في فورة غريبة من الغلاء يعيده الباعة الريفيون إلى قلة العشب بسبب انعدام الموسم المطري وغلاء الأعلاف، والدفع من أجل خروج هذه البضائع من حواجز النظام، ووصل سعر كيلو الجبنة البلدية إلى 1000 ليرة سورية، واللبنة إلى 600 ليرة، فيما وصل سعر كيلو اللبن 175 ليرة سورية.

السبب إغلاق المعابر والصقيع

لا تذكر حكومة النظام تصدير الحمضيات إلى العدو الروسي الذي حرم السوق المحلية منها ورفع أسعارها لكنها تقدم روايات اعتادت تقديمها في كل موسم، ومنها الصقيع الذي ضرب البلاد في الآونة الأخيرة، فرفع أسعار الخضراوات والفواكه التي تضررت كثيراً، وإغلاق المعابر التي يسيطر عليها (الإرهابيون)، كما تأتي الرواية الحكومية.

تضيف رواية النظام ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة والذي قارب 400 ليرة في العاصمة ومحيطها، وهذه الحجة لم تكن تقنع أحداً في كون أغلب البضائع والمنتجات هي محلية.

وزارة زراعة النظام بررت هذه الارتفاعات في الأسعار: (أن سبب الارتفاع يعود إلى أن الكميات الموجودة من مادة البندورة في السوق هي بلاستيكية مؤكدة أن إغلاق المعابر أثر في حجم الكميات المستوردة التي كان يعتمد عليها في هذه الفترة، وحالياً تم الاقتصار على البيوت البلاستيكية التي بدأ إنتاجها).

ترك تعليق

التعليق