حينما تجوع مناطق النظام


لن يمر وقت طويل حتى يشعر من بقي تحت سلطة النظام، مؤيداً كان أم معارضاً، مستتراً أو رمادياً، بالجوع الذي يعض بطون أطفال مضايا والغوطة الشرقية، والغلاء الذي كان مقبولاً صار في درجات مستحيلة، وهذا يعني أن المواد الأساسية التي تجعل الجسم صامداً لم تعد تصل لأفواه البقية التي يحكمها النظام بناره ومخبريه.

وهؤلاء ظلوا طوال السنين الخمس الماضية يكذبون على أنفسهم بأن النظام لن يتركهم للجوع، وسيجد حلولاً مع حلفائه العلنيين والسريين من أجل إنقاذ الاقتصاد الوطني المنهار، ولكن ها هم اليوم يفتحوون أفواههم جوعاً ودهشة، ولا يستطيعون أن يطعموا أبناءهم ولا يعيلون بعضهم بعد أن وصل اقتصادهم إلى قاع الانحطاط.

جنون السوق

الشراء بالحبة والحبتين، تكررت هذه العبارة كثيراً في الآونة الأخيرة، وفي كل المناطق، حتى تلك التي عبدت حذاء الأسد في اللاذقية وقرى التشبيح، وهذا هو حال الجميع حتى في قلب العاصمة وفي ريفها الغربي، ومن كان من هؤلاء يحمل الأكياس المملوءة مما طاب ولذ صار يحمل جميع تلك الأصناف في كيس واحد.

أربع حبات بندورة ومثلها باذنجان وليمونة واحدة وجرزة بقدونس بسعر 1500 ليرة سورية، هذا ما تقوله أم محمد، الأرملة التي مات زوجها بالجلطة بعد أن احترق محله بقذيفة هاون طائشة.

جارتها العجوز تضحك بحزن وهي تمسك مكعب (ماجي) وتصرخ، هذا الشيء الذي له نكهة الدجاج هل تصدقون أنه بـ 85 ليرة.

وهكذا بدأ الناس يهيمون غير مصدقين أنهم تحملوا كل هذه المكابدة، وأنهم اليوم خسروا حتى أهلهم الذين تشردوا في بقاع الأرض هرباً من الموت بينما هم راهنوا على بقاء الأسد.

وجبات سريعة (سندويش)

دارين أم لأربعة أطفال، تحكي عن ما وصلت إليه من فقر: "كنا عندما لا نجد ما يمكن طبخه بسبب الغلاء وخصوصاً في آخر الشهر نشتري بـ 100 ليرة فلال مع كيلو لبن وتنتهي القصة بسندويش فخم للجميع يقضي على ألم البطون الجائعة.. اليوم تحتاج إلى 500 ليرة لشراء هذه السندويشات، والمبلغ سيتضاعف إن فكرت بدعمها بشرائح البندورة فحبتي البندورة بـ 300 ليرة فقط".

في الصباح كانت ناديا تلف لأبنائها سندويشات اللبن المصفى (اللبنة)، حيث تسند بطونهم في نهار المدرسة الطويل، وهذه السندويشات تحتاج إلى أقل من نصف كيلو يعني أن ثمنها 400 ليرة لأن ثمن كيلو اللبنة الجيد 800 ليرة.

حتى.. وجبات العساكر

بعض السوريين يطلقون على وجبات بعينها (أكل عساكر) كـ (الجظ مظ- البيض والبندورة) وهي من الأكلات السريعة التي لا تحتاج إلى كثير من الجهد والمعرفة ولهذا سميت كذلك.. حتى هكذا وجبات صارت صعبة المنال، فمثلاً سعر علبة المرتديلا المتوسطة (البوري) 875 ليرة بعد أن كانت لا تتجاوز  ليرة سورية قبل الثورة، وهي لا تكاد تكفي لشخصين عاديين مع 4 بيضات هذا يعني أن تكلفتها تتجاوز الـ 1000 ليرة سورية.

أما (الجظ مظ) فهي أيضاً تتكون من بيض مع البندورة، حكماً وبالسعر الحالي ستتجاوز تكلفتها الـ 1000 ليرة وهي من الأكلات السلسة أي أن عائلة من أربع أشخاص ستحتاج إلى أكثر من 1500 ليرة لتأكل طبق العساكر الشهير، فما بالك لو قررت العائلة طبخ الكوسا محشي، الوليمة الجديدة التي أضيفت إلى المستحيلات السورية؟

بعض أسعار السلع:
 وفيما يلي قائمة بالأسعار في إحدى مناطق ريف دمشق الغربي، الخاضعة للنظام، والتي تفصلها عن العاصمة حواجز عسكرية كثيرة تحصل على أتاوات عند نقل البضائع ترفع من أسعارها مقارنة بقلب دمشق:

البطاطا 250
الليمون 350
الكوسا 1000
البندورة 600
اللبن 200
مكعب ماجي 85
الاندومي 70
المرتديلا الوسط 875
اللبنة 800
العدس المجروش 625
الرز العادي 450
الكبسة 550

ترك تعليق

التعليق