إنه لبنان.. "الشقيق اللدود"

ما يزال السوري يعاني الأمرين في بلد يدعى "لبنان الشقيق"، إذ يمر اللاجئ بسلسلة من القرارات والمضايقات والمتاجرة الفجة، وأبرز المضايقات وأساليب التطفيش المتعمد التي ينتهجها لبنان الرسمي هو موضوع الإقامة والتجديد للإقامة.

 شروط تعجيزية للإقامة ومنع تسوية

 فرض لبنان الرسمي شروطاً محددة لإقامة السوريين على أراضيه من باب التنظيم، ولكن شروط الإقامة المفروضة، معقدة، بحيث لا يستطيع أغلب السوريين في لبنان الإيفاء بها، وبالأخص الشرط الذي يطلب من أي سوري يرغب بالإقامة في لبنان، أن يقوم مواطن لبناني بكفالته، وهذا الكفيل أيضاً يجب أن يكون لديه في الحد الأدنى رخصة منزل من طابقين أو سجل تجاري أو صناعي.. الخ.

 ولأن عدد السوريين في لبنان حسب التصريحات الرسمية اللبنانية يفوق مليون ونصف لاجئ، وعدد سكان لبنان بطوائفه يفوق بقليل الـ 4 ملايين، أكثر من نصفهم يعارض ويمانع وجود السوري في لبنان، يعني ذلك أنه بحسبة بسيطة لو افترضنا أن نصف اللبنانين 2 مليون ممن يقبل كفالة السوري والـ 2 مليون لبناني فيهم الأطفال والنساء بنسبة تتجاوز النصف، سيبقى تقريباً أقل من مليون لبناني مؤهل للكفالة (على افتراض قبوله بكفالة السوريين)، فكيف سيتم تغطية أعداد السوريين المرغمين على إيجاد كفيل لبناني؟!

والشرط التعجيزي الآخر، أن يدفع السوري مبلغ يتجاوز الـ 200 دولار للأمن العام وتكلفة أوراق تقارب الـ 100 دولار وذلك للسوري الذي دخل لبنان عبر الحدود بشكل نظامي، أما من دخل بطرق غير مشروعة فتلك حكاية أخرى.

 قبل عام تقريباً تكفلت دولة خليجية بدفع مبالغ لتسوية أوضاع السوريين الداخلين خلسة، وقام قسم منهم بتسوية أوضاعهم، وبقي القسم الأكبر خارج هذه التسوية، إما لأسباب تعود لمزاجية الموظفين في الأمن العام، وأكثر الأحيان، تعمد تأخير أغلب المراجعين، إلى جانب شدة التزاحم في الدوائر المختصة.

 لا تسويات للإقامة وإعطاء كروت تسفير

 في الأوضاع العادية، قبل فرض شرط الكفيل كان كل من دخل خلسة يفرض عليه دفع مبلغ 950 ألف ليرة لبنانية بعد سجن لمدة تقارب الشهر.

 أما الآن، كل سوري ممن دخل لبنان بطريقة غير شرعية، أي تهريب عبر الحدود (خلسة)، فلن يجد أي حل لتسوية وضعه القانوي في لبنان.

 ويوجد في لبنان الآلاف من السوريين ممن دخلوه خلسة، ولم يتمكنوا من تسوية أوضاعهم بشكل قانوني، لأن الأمن العام اللبناني لا يقبل تسوية لأوضاعهم حتى لو بوجود كفيل لبناني.

 وبالمقابل يتم سجن أي سوري مخالف في لبنان إذا تم إلقاء القبض عليه في الحواجز الثابتة أو الحواجز "الطيارة" للجيش، المنتشرة بكثافة، أو من يلقى القبض عليه خلال المداهمات المستمرة في أماكن سكن السوريين في المناطق اللبنانية، حيث يتم تحويله لفرع المخابرات العسكرية ومنها للشرطه العسكرية، وبعدها للأمن العام، بمدة توقيف لا تقل عن 4 أيام، يعطى بعدها السوري كرت أخضر لمراجعه الأمن العام في منطقة سكنه خلال 4 أيام، ليُفاجىء بأنه سيتم إعطائه كرت تسفير خارج لبنان.

وفي إحدى الحالات، تم تسفير شاب سوري وإخراجه من معبر الدبوسية باتجاه الأراضي السورية، ليقف الشاب في المنطقة الفاصلة بين الأمانتين الحدوديتين حائراً، لا حول ولا قوة، لا يستطيع الرجوع في أي اتجاه، وهواجس الموت أو السجن أو الانتحار تتخبطه، لولا تدخل إحدى الجهات الدينية لدى وزير الداخلية اللبناني، فتمت إعادته للبنان ونجا من موت محقق.

ويتساءل أغلب السوريين اليوم، إذا ما تم إعطائي كرت تسفير، أين المفر؟، وأين الاتجاه وكل الأبواب مغلقة؟!، حيث سيبقى وضعه غير شرعي في لبنان حتى لو لم يقم بمراجعة الأمن العام بعد خروجه من سجن التوقيف، ليعود ويعيش نفس التجربة في كل مرة يلقى القبض عليه في أي مكان في لبنان.

 يصرخ اليوم أغلب اللاجئين السوريين.. إنه لبنان "الشقيق اللدود".

ترك تعليق

التعليق