من الرفيق إلى الشبيح.. من أكل الطبقة العاملة في سوريا وشتتها!

من الرفيق عز الدين ناصر، إلى "الشبيح" جمال القادري، قصص يرويها العمال السوريون عن نقابة مخطوفة من قبل عصابة الأسد الأب، إلى مزرعة الأسد الابن، وطبقة عاملة لا حول لها ولا قوة تم تحويلها من يد مهنية إلى عاجزة، ومن عمال بسطاء إلى شبيحة يقمعون مظاهرات أهلهم.

الطبقة العاملة السورية التي ظلت طوال خمسين عاماً من سطوة البعث عليها ترزح تحت فقر شديد وعسف النقابات المنتفعة من شعارات العمل والعمال والطبقة الكادحة، وصولاً إلى الشعار العريض الذي يتصدر مناسبات أعياد العمال (اليد المنتجة هي اليد العليا في دولة البعث).

الظلم الأهون

رغم كل العنت الذي عاناه العمال في جميع القطاعات إلا أن فترة تسيد عز الدين ناصر لاتحاد العمال كانت ذهبية خصوصاً على صعيد العلاقة مع الحكومة، وكان يحكى عن الرجل أنه لا يأبه لوزير أو رئيس حكومة، وكانت الاجتماعات السنوية مع الاتحاد قاسية على أي حكومة، وكان صوت العمال عالياً، ولكن الحقيقة القاسية بالمقابل أن العامل السوري كان مسحوقاً من حيث الأجر وكل مستحقاته التي يوجبها قانون العمل، وكانت التعيينات تأتي من الحكومة على أساس الانتماء للبعث الحاكم، والموافقة الأمنية.

يحكي (مراد.س) وهو عضو في نقابة النفط: "لم نكن نجرؤ على الحديث فيما يتعلق بالنفط السوري، وحجم الانتاج، وأين ذهبت كل أموال النفط المصدر، وكان مهندسونا ينقلون لنا أننا ننتج كميات مخيفة في بداية التسعينات، ولكننا كنا نتعامل مع القصة برعب شديد".

أحد العمال يروي قصة زوجته التي ماتت نتيجة خطأ طبي، وكيف تم اخفاء الأمر عنه ثم فضحته ممرضة، وعندما أُخبر عن الأمر أراد أن يوصله لقيادته العمالية فما كان من مسؤول نقابته إلا أن نصحه بعدم الدخول بهكذا اتهامات لأنه سيكون الخاسر الوحيد.

بين عهدين.. موتين

عمال سوريون شاء النظام أن يبتليهم بـ "شعبا عزوز" الضعيف، ومن ثم بـ "جمال القادري" الشبيح الذي قدرت كلفة تجديد مكتبه بما يفوق الـ 100 مليون ليرة في وقت تئن فيه البلاد، وتعيش الطبقة العاملة أسوأ أوضاعها.

أبو عبدو هو الاسم الذي يتداوله موظفو الاتحاد والعمال عن رئيس اتحادهم، وهو يذكرهم كما يقولون بأبو عبدو "الجحش" (أمين الحافظ)، وهو لا (يهش ولا يكش) على رأي أحد العاملين.

أبو عبدو كان همه أن يحضر مؤتمرات العمال العالمية ويقبض مهمة السفر ويصطحب ابنه كمترجم فقط بمهمة مليون ونصف ليرة، بينما أعضاء المكتب التنفيذي يقتسمون (الغلة).

جمال القادري، صاحب الطموحات الكبيرة، ورئيس اتحاد عمال دمشق، عُرف عنه سلاطته ووقاحته، وعندما بدأت ثورة الكرامة أجبر العمال (النظافة والمحافظة) وكل من له سلطة عليه بحمل الهراوات ومطاردة المتظاهرين أمام الجوامع وضربهم، وبعض العاملين ممن رفضوا إما فصلوا من عملهم، أو كتبت فيهم التقارير الأمنية واقتيدوا إلى السجون أو تم تغييبهم.

شتات عمالي

بعد خمس سنوات من الثورة، العمال السوريون شتى في أصقاع الأرض، ومنهم من قتل واعتقل واختفى، وآخرون هربوا مع عائلاتهم إما صاروا لاجئين أو غرقى، وبالمقابل عوض النظام كل هذا العجز بموظفين وعمال غير مؤهلين من أبناء الطائفة وقتلاها، ووظفهم مما أدى إلى استمرار نهب المال العام والفساد الاداري والتشبيح.

هكذا أكل النظام وفاسدوه الطبقة العاملة في سوريا، واستعاض عنها بمرتزقته، والذين يمارسون كل أدوار الفساد والقتل.

ترك تعليق

التعليق