في سبيل العودة إلى تركيا.. أسلاك اليونان الشائكة تترك أثراً لا ينسى على يد "محمد"


 بعد أن خاض غمار البحر الأبيض المتوسط على متن إحدى البواخر المتجهة من مدينة مرسين التركية إلى إيطاليا الأوروبية لتكون طريق عبوره إلى ألمانيا. اختار اللاجئ، محمد، العودة بشكل غير قانوني إلى تركيا متخلياً عن الإقامة الألمانية ومزاياها، التي مازال ينتظرها الكثير من السوريين، بفارغ الصبر، في ألمانيا.

 مراسل "اقتصاد" التقى محمد، في إحدى المدن التركية التي استقر بها بعد عودته من ألمانيا، ليروي تفاصيل هجرته العكسية والأسباب التي دفعته للعودة والتخلي عن لجوئه.

 بدأ محمد حديثه بشهيق طويل يدل على ارتياح كان يفتقده قائلاً: "بعد وصولي إلى ألمانيا بأشهر حصلت على الإقامة وقررت العودة إلى تركيا، وعند وصولي لمطار أتاتورك تم منعي من دخول تركيا وإعادتي إلى ألمانيا".

كان محمد، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الحقيقي، قد روى سابقاً لـ "اقتصاد" تفاصيل محاولته الفاشلة للدخول إلى تركيا عبر مطار أتاتورك، بصورة شرعية، ونشر "اقتصاد" تقريراً بهذا الخصوص حينها.

تابع محمد: "وبعد أن استنفذت جميع الوسائل القانونية للسفر إلى تركيا، حسمت أمري بالعودة إلى هناك بأي طريقة كانت وخصوصاً بعد قرار فرض الفيزا على دخول السوريين لتركيا".

 استطرد محمد: "اتفقت مع مجموعة من الأشخاص الذين لديهم الرغبة ذاتها في الهجرة العكسية، والتقينا في برلين، وتوجهنا منها جواً إلى مطار أثينا، ومنها إلى إحدى المدن اليونانية على الحدود البرية اليونانية التركية".

ويروي محمد تفاصيل الرحلة البرية الشاقة: "كنا سبعة أشخاص وثلاثة أطفال نحمل حقائب خفيفة على الظهر لسهولة الحركة والفرار في حال تم كشفنا من قبل دوريات حرس الحدود اليوناني المنتشرة على طول الحدود. بقينا على تلك الحالة من الرصد والتربص حتى غادرت الدورية وبعدها انطلقنا باتجاه الشريط الحدودي المعدني الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار وينتهي بأسلاك شائكة كانت سبباً في إصابتي بجرح بليغ في يدي، لا أعتقد أن أثره سيزول منها، وسيبقى يذكرني بتلك المغامرة".

 وعن أسباب عودته إلى تركيا وتركه الحلم الأوروبي وراءه، قال محمد: "هناك الكثير من الأسباب التي دفعتني للعودة أهمها هو الفارق الكبير بين مجتمعنا السوري أو حتى المجتمع التركي مقارنة بالمجتمع الأوروبي الذي تأخذ فيه الدولة أو الحكومة دور الأب والزوج، فالدولة هي الراعي والمسؤول الأول وهو ما انعكس على الكثير من العائلات السورية التي وصلت إلى ألمانيا وأصابها داء التفكك الأسري والاجتماعي والابتعاد عن الكثير من القيم الاجتماعية الأخلاقية والدينية، كتمرد النساء على أزواجهن فيما سمي (ثورة النساء)، واعتبار بعض النساء السوريات حرية المرأة على أنها مكسب يجب استغلال جميع جوانبه مهما يكن حتى لو وصل للخيانة الزوجية عند البعض، وتمرد الأبناء على آبائهم وعدم إطاعتهم، وتقليد الشباب السوري خاصة للكثير من عادات الأوروبيين في لباسهم وقصات شعرهم حتى صاروا أوروبيين أكثر منهم في الشكل فقط"، على حد وصفه.

ونوه محمد: "لا أنكر أن هناك بعض الجوانب الإيجابية للحياة في ألمانيا، كاحترام الإنسان وحقوقه، بل حتى الحيوان له حقوق، إضافة إلى التطور والتقدم التقني الكبير".

 وأضاف محمد: "بعد وصولي إلى تركيا ونشر بعض الصور لي على حسابي الشخصي، تفاجأ الكثير من أصدقائي واتهموني بالغباء والجنون وتضييع الفرص، لكني أستطيع أن أقول لكم أنه تواصل معي الكثيرون وما تزال تأتيني يومياً عشرات الرسائل لمعرفة طريق العودة، حيث أن هناك الكثير من الشباب والعائلات السورية تتمنى العودة إلى تركيا، وتبحث عن طريق لذلك، وخصوصاً من كان يعيش حياة عائلية آمنة ومستقرة في تركيا، وفقدها في مخيمات اللجوء الأوروبية التي خاطر بحياته ودفع آلاف الدولارات لأجل الوصول إليها بعد أن زينها له من وصل قبله على أنها الجنة والحلم الموعود".

ترك تعليق

التعليق