مشروع "حياة" في جنوب سوريا.. يعيد الأمل لأصحاب الأطراف المبتورة

أطلقت مجموعة من الشباب المتحمس للعمل الإنساني في مدينة "تسيل" في ريف درعا الغربي, مطلع شهر آذار من العام  الحالي, مشروعاً جديداً لتركيب الأطراف الصناعية لمحتاجيها من أهالي محافظتي درعا والقنيطرة، وهو الثاني على مستوى  المنطقة بعد مؤسسة فجر الأمل التي كنا عرضنا لها في تقرير سابق.

وقال محمد اليونس، مدير المشروع، "يأتي افتتاح هذا المشروع انطلاقاً من المسؤوليات الملقاة على عاتق كل مواطن منا قادر على تقديم ما يمكن من خدمات إنسانية في هذه الظروف  الصعبة التي تمر بها سوريا، نتيجة الحرب التي دخلت عامها السادس، والتي لم يسلم من آثارها أي شيء"، لافتاً إلى أن  مجموعة من المتطوعين المختصين بالأطراف الصناعية، بادرت إلى طرح هذا المشروع، لما له من أهمية في هذه المنطقة، التي تضم عدداً كبيراً من مبتوري الأطراف، وذلك بهدف التخفيف من آلامهم، فوجدت الفكرة قبولاً كبيراً لها من المهتمين، وانطلق المشروع في بداية آذار من العام الحالي.

وأضاف اليونس موضحاً أن "المشروع هو عبارة عن هيئة مدنية إنسانية علاجية مستقلة، لا تخضع لأي تنظيم ولا تنتمي إلى أي توجه سياسي أو عقائدي، كما وأنها مجانية وليس لها أهداف اقتصادية أو ربحية هدفها هو الإنسان والإنسان فقط"، مشيراً إلى رغبة القائمين على هذا المشروع  في ترك بصمة إنسانية، من خلال إعادة تأهيل الأشخاص المبتورين وإعادة زجهم في أتون الحياة الطبيعية، كأشخاص قادرين على العمل والإنتاج، حسب إمكانياتهم على البذل والعطاء.

وقال اليونس "إن المركز سينطلق في عمله من تركيب الأطراف الميكانيكية الصناعية السفلية والعلوية بمعدل 25 طرفاً شهرياً, و لمدة ستة أشهر كمرحلة أولى، تبرعت بتكاليفها رابطة أهل حوران الإنسانية"، مبيناً أنه راجع المركز خلال الأيام الثلاثة الأولى لافتتاحه نحو 59 شخصاً من المحتاجين للأطراف الصناعية من أبناء محافظتي درعا والقنيطرة في جنوب سوريا.

وأكد أنه "أمام هذا العدد الكبير والإقبال الشديد من المبتورين على تركيب الأطراف الصناعية، فان المركز يحتاج إلى إمكانيات مادية ومعدات ومواد أولية، تفوق ما هو مخطط"، داعياً المنظمات الدولية والمحلية وأصحاب الأيادي البيضاء إلى دعم المركز للإسهام في تحقيق أهدافه التي يسعى إليها.  

وقال اليونس إن "نشاطات المركز لن تقف عند تركيب الأطراف الصناعية فحسب، بل ستتعداها إلى متابعة ورعاية مرضى الشلل النصفي، وتقديم الأجهزة التعويضية لهم"، مؤكداً أن عملية البتر لا تنتهي بتركيب الأطراف الصناعية فحسب، بل يحتاج مريض البتر عداها، إلى متابعة متواصلة ودعم نفسي ومعاينة دورية، ما يتطلب تضافر جهود جميع القادرين على  تقديم المساعدة في هذا المجال.

من جهته، أكد قاسم الحسيان، المختص بالأطراف الصناعية، أن "ورشة تركيب الأطراف الصناعية في مشروع /حياة/، هي ورشة صغيرة تعمل بإمكانات بسيطة جداً، ولكنها رغم ذلك تنجز الأطراف بجودة عالية"، لافتاً إلى أنه تم إخضاع العاملين في الورشة لدورات في تصنيع وتركيب الأطراف الصناعية، وأصبحوا قادرين على العمل بمهنية ومهارة عاليتين.

وأشار الحسيان إلى أن "الكادر رغم تجربته وخبرته القليلة في هذا المجال، لا يجد صعوبة في تصنيع أو انجاز أي طرف صناعي، بما فيها حالات البتر العميق من أسفل الحوض"، منوهاً إلى أنه تواجه  المركز عدة معوقات، يأتي في مقدمتها ضعف الإمكانات التمويلية وقلتها، وبساطة الأدوات المستخدمة، وعدم توفر المواد الأولية التي تدخل في تركيب الأطراف الصناعية  في بعض الأحيان.

من جانبه، عبّر عبد الوهاب كرزون، وهو نازح من القصير في حمص ومقيم في محافظة درعا المحررة، عن فرحته الكبيرة بأنه تمكن من إيجاد مركز ركب له طرفاً صناعياً، لافتاً إلى أنه أصيب بشظية من قذيفة دبابة  في بلدة النعيمة في ريف درعا الشرقي، أدت إلى بتر ساقه اليمنى، ولكنه الآن ومع تركيب طرف صناعي، أصبح يعتمد على نفسه في القيام بشؤون حياته، مقدماً الشكر الكبير للمركز الذي  ضمد جراحه وخفف من معاناته الطويلة، حسب وصفه.  

فيما أشار زياد الحلقي، المبتور من فوق الركبة, إلى المعاناة الكبيرة التي عاشها قبل تركيب الطرف الصناعي، لافتاً إلى أنه حاول بطرق شتى تركيب الطرف لكنه لم يجد مركزاً متخصصاً يقوم بذلك في المناطق المحررة.

وأكد الحلقي أن "افتتاح هذا المركز في بلدة تسيل في غرب درعا سيتيح المجال للكثيرين من مبتوري الأطراف في المناطق المحررة في ريفي درعا والقنيطرة، الاستفادة من خدمات المركز، كونه يقع قريباً من المحافظتين، وفي منطقة اعتبرت إلى حد بعيد في عداد المناطق الآمنة والبعيدة عن مجالات استهداف قوات النظام وأسلحته الأرضية".

من جهته، قال سامر جاموس من مدينة داعل، إن "تركيب طرف صناعي منحه الشعور بمزيد من الثقة ، والاعتماد على الذات، وحسّن من وضعه الصحي والنفسي، بعد معاناة طويلة مع الألم الجسدي والنفسي نتيجة البتر"، لافتاً إلى أن "إصابته ناجمة عن قذيفة، أصابت شظاياها بشكل مباشر ساقه وفتته، ورغم المحاولات الكثيرة لعلاجها لكن لم تنفع معها كل الإجراءات التي قام بها الأطباء، ما أدى إلى بترها"، معبّراً عن فرحته بالقول، "كأني خلقت من جديد مع تركيب هذا الطرف".   

يشار إلى أن المنطقة الجنوبية من سوريا, شهدت ومازالت تشهد وجود المئات من المبتورين بسبب استمرار الأعمال الحربية التي تزامنت مع انطلاق الثورة السورية، التي دخلت عامها السادس.

ترك تعليق

التعليق