"غزلة أبو أيوب".. حلاوة الماء والسكر تتفوق على مرارة الإعاقة


 يقود "أبو أيوب" دراجته الخاصة برفقة ولديه أيوب وأحمد حاملاً (غزل البنات) لأطفال المخيمات.

 هو لا يسميها مهنة، كما يقول، بل هي رسالة يوصل من خلالها الفرح لكل أطفال المخيمات، هؤلاء الأطفال الذين لم يكتب لبعضهم تذكر هذا النوع من السكاكر أو قد سبق له أن رآه.

 هي ليست مهنة في نظره، وإن كانت باب رزقه الوحيد الذي يطعم بفضله خمسة أطفال وأمهم، وهو المعاق برجله إعاقة حركية بالغة، منعته من أن يمارس مهارة المشي، لكن تلك الإعاقة وقفت عاجزة عن جعله يتوقف عن ممارسة حلمه في الحياة، وكسب لقمته من عرق جبينه.

 الغزلة.. صناعة يدوية رأس مالها كيلو سكر

 "زياد فرح- أبو أيوب"، ٣٧ عاماً، لاجئ سوري من منطقة القصير في لبنان، يقوم بصناعة الغزلة بنفسه داخل خيمته، إذ لا يحتاج هذا العمل رأس مال كبير كما يقول، فهو بحاجة لكيلو سكر والقليل من الصبغة الملونة، ويشترط أن تكون الصبغة مطابقة لشروط الصحة وغير مصنعة كيفما اتفق.

 أما عن طريقة التصنيع، فيقول أبو أيوب: "يتم إضافة الصبغة لمادة السكر، حيث يضاف لكل كيلو غرام من السكر ما يعادل أربعة ملاعق من الصبغة والتي تعطي للسكر لوناً زاهياً جذاباً كاللون الزهري والأصفر والأبيض الناصع. ثم يتم إضافة السكر المصبوغ لآلة خاصة لهذه المهمة، حيث تقوم بتحويل حبات السكر لخيوط تحت تأثير الحرارة تشبه شعر البنت الطويل"، ومن هنا، كما يشير أبو أيوب، جاءت تسمية هذا النوع من السكاكر بـ "شعر البنات".

 أما عن سبب تسميتها بـ "الغزلة"، فيعود لأن استخراج هذه الحلوى من الآلة يتم عن طريق لفها وغزلها حول قطعة من الخشب أو البلاستيك، كما يغزل المغزل الصوف، ومن ثم يتم تفريغ الغزلة من على قطعة الخشب داخل كيس من النايلون الأبيض الشفاف، ومن ثم يتم إغلاقه لكي لا يصل الغبار لمادة الغزلة، وهنا تكون أصبحت جاهزة للبيع.

 ويضيف أبو أيوب أن كيلو السكر يكفي لتصنيع ١٥ كيساً صغيراً من مادة الغزلة.

 صفات يجب توافرها في بائع الغزلة

 يقول أبو أيوب أن على بائع الغزلة أن يكون مرحاً ولطيفاً ومحبوباً لكي يتجمع من حوله الأطفال، وأن يكون حسن الطلة ونظيف الثياب وأن (يعوّد) الأطفال على توقيت محدد ودائم يزورهم به يومياً، والأهم من ذلك أن يعرض بضاعته بشكل ملفت للنظر وخصوصاً للأطفال، ويجب أن يتمتع بصوت جميل قوي رنان ليدلل على بضاعته في أرجاء المخيم ليتوافد عليه الأطفال بما يملكون من مصروف قليل بخس، سيكون ناتجه (يومية) أبو أيوب التي يصرفها على عائلته.

 وينبه أبو أيوب إلى خطورة تعريض الغزلة لأشعة الشمس، لأنها تعمل على إتلافها وإلحاق الضرر بها وخصوصاً شمس الصيف.

 لكل امرئ من اسمه نصيب

 لو اخترت منادته بـ "زياد فرح"، فحتماً ستتخيله وهو يضحك الأطفال ويلاعبهم ويبيعهم قسطاً كبيراً من "كنيته –فرح"، أما لو اخترت مناداته بـ "أبي أيوب"، فحتماً لن تخرج الإ بصورة مظلمة قاتمة محزنة لمعاق يتحايل على رجله المعطوبة ليضعها على دراجته النارية الخاصة بكل صبر وروية، يضعها بصبر المؤمن واحتساب المسلم بقضاء الله وقدره ليبدأ يوم كد جديد، يوماً يشاركه بكده وسعيه فيه، طفلاه، أيوب وأحمد، اللذان بعد إنهاء المدرسة، يساعدان والديهما المقعد ويقاسمانه توزيع الفرح على مخيمات اللاجئين هنا في لبنان، وإن كان نادراً ما يقاسمانه أكياس غزلته التي سرعان ما تتحول إلى لقمة سائغة في أفواه أطفال نسيت كل أشكال الفرح، ولم تعد تعرف من تجلياته سوى كيس نايلون صغير قد زينته ألوان صفراء وزهرية فاقعة، على أكلة لذيذة ممتعة.

ترك تعليق

التعليق