"لوس أنجلوس تايمز" تستشهد بآراء أحد محرري "اقتصاد"

نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، منذ أيام، تقريراً يرصد الوضع الاقتصادي لسوريا، وواقع الليرة السورية، بالتزامن مع الحديث عن جولة جديدة لمفاوضات جنيف.

التقرير الذي أعده، نبيه بولس، استشهد بآراء أحد محرري موقع "اقتصاد"، إياد الجعفري، والذي تحدث عن مستقبل خطر ينتظر الوضع المعيشي للسوريين في الداخل، بفعل تراجع قدرة مصرف سوريا المركزي على دعم الليرة، بحكم تدهور الاحتياطي الأجنبي المتوافر لديه.

"اقتصاد"، بالتعاون مع "زمان الوصل الإنجليزية"، ترجمت التقرير، وتضعه بين أيديكم حسب ما نشرته الصحيفة الأمريكية:

***

"كيف تؤثر محادثات السلام على الوضع الاقتصادي للإنسان السوريّ"
لوس أنجلوس تايمز

هناك القليل ما يربط بين المدينة الآيلة للسقوط بجانب الحدود السورية مع المدينة السويسرية، جنيف. في جنيف التي تعثرت فيها محادثات السلام الهادفة لإنهاء أزمة السنين الخمسة في الشرق الأوسط، تدخل المحاددثات في أسبوع جديد.

ولكن عمر لقيس، كما عشرات محولي النقود في مركز شتورة، يراقب المفاوضات المتعرجة بين حكومة النظام والمعارضة باهتمام أكثر من غيره من الصحفيين.

"عندما بدت جنيفا وكأنها فاشلة قبل أربعة أيام، انخفض سعر الصرف بـ 10 ليرات." شرح عمر وهو يحمل قطعة من500 ليرة سورية.

ككل انتصار أو هزيمة تتكبدها حكومة النظام، كذلك أخبار جنيف تؤثر على حسابات السماسرة ومحولي العملات في دمشق، الذين يحددون سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء بجانب الدولار الأمريكي.

وأتت أكبر ضربة في آذار بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انسحاب جزئي للقوات الروسية الداعمة لقوات بشار الأسد.

وتعد السوق السوداء دليلاً أساسياً على أداء الاقتصاد السوري، "لا أحد يعير اهتمام إلى سعر الصرف الرسمي"، يقول يوسف منصور، مالك محل لتصريف العملات في شتورة اللبنانية.

القتال في سوريا كان لطيفاً مع الليرة السورية، ولكن البنية التحتية تأثرت بشكل كبير بالحرب. فقد تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19 بالمئة وتعطلت تجارة النفط منذ منتصف 2012.

كل هذه العوامل جعلت من نسبة صرف الليرة بجانب الدولار ما قبل الحرب، ذاكرة بعيدة، حيث كانت 47 ليرة تعادل دولاراً واحداً، وفق تقرير للبنك الدولي نشر هذا الشهر.

الآن، يتأرجح سعر الصرف الرسمي المحدد من البنك المركزي حول 450 ليرة سورية.

وتؤثر قيمة الليرة المنخفضة خصوصاً على السوريين العاديين الموظفين في الحكومة، فرواتبهم ستشتري أقل بنسبة العشر مما كانت تشتري قبل الأزمة.

يقول إياد الجعفري، محرر في الصحيفة الاقتصادية الالكترونية، "اقتصاد": "معدل راتب الموظف السوري بين 30 و45 ألف ليرة سورية في الشهر بحسب الأقدمية. وارتفعت الرواتب بشكل كبير قبل الحرب بنطاق 10 إلى 25 الف زيادة، ولكن يعاني الموظفون الآن بسبب قيمة الليرة السورية".

ارتفعت أسعار المواد بشكل صاروخي بحسب المحلل السوري، جهاد يازجي، بسبب تخفيض الدعم الحكومي للمواد الأساسية، مثل الخبز، الطحين والسكر.

ارتفع التضخم بنسبة 90 بالمئة في سوريا في 2013 وبنسبة 30 بالمئة في 2015 بحسب البنك الدولي.

ومن المتوقع أن يزيد التضخم بنسبة 25 بالمئة في 2016 بسبب استمرار تعطيل التجارة وبسبب الانخفاض الحاد في الليرة السورية.

دفع ارتفاع الأسعار حكومة النظام لطباعة أوراق نقدية جديدة، يضيف الجعفري، مثل ورقة الـ 500، والـ 1000 ليرة، ومن المُترقب أن تطبع ورقة نقدية من فئة مالية أعلى، 2000 ليرة.

وحيث يمر الاقتصاد بركود تام وسط انحسار شديد لفرص العمل، فإن السوريين في المناطق التي تسيطر عليها حكومة النظام يعتمدون على تحويلات مالية من الخارج.

 وتحول الحكومة ذلك النقد الأجنبي إلى الليرة السورية بسعر صرف مفضل بمحاولة من الحكومة للتشجيع على استخدام مكاتب تحويل العملات الرسمية. ومع ذلك، سعر صرف السوق السوداء يتطلب ليرات أكثر حيث 520 ليرة تعادل دولار واحد.

وهنا يكمن المفتاح لمصدر مهم من احتياطي العملات الأجنبية من دون ذكر الأرباح لحكومة النظام.

يقول الجعفري، "يأخذ البنك المركزي هذه التحويلات بسعر صرف أقل ولكن يبيعهم ويحولهم ضمن شبكاته في السوق السوداء بسعر الصرف في السوق السوداء ويحتفظ  بالفرق. وهذا يجعل حكومة النظام لاعباً أساسياً في تحويل العملة. نقدر أن حكومة النظام تحصل على ما يقارب 2 لـ 3 مليون دولار كل يوم".

تعتبر المنظمات الإغاثية سنداً لاحتياطي حكومة النظام من النقد الأجنبي، تصرف أموال الإغاثة بالدولار وتحول إلى الليرة السورية للاستخدام في السوق المحلية. هذا بالإضافة للمساعدات المالية الخارجية التي تحصل عليها الحكومة من إيران وتوفر هذه المساعدات رصيداً من النقد الأجنبي للبنك المركزي يمكنه من ضخها في السوق لتثبيت الليرة السورية عند الحاجة. بالإضافة لذلك، في حسابات الحرب الغريبة، حكومة النظام توفر المال عندما تخسر في الأراضي.

قال الجعفري، "عندما تنخفض الليرة بسرعة، يستطيعون أن ينظموا قيمتها بضخ الدولارات التي راكموها".

حتى في هذا الأمر تستطيع حكومة النظام أن تحصّل أرباحاً. "إذا ما افترضنا أن البنك المركزي أعلن أنه سيضخ دولارات في السوق لمدة أسبوعين بسعر صرف أخفض. محولي العملات يستطيعون بيع هذه الدولارات إلى الشعب بهذا السعر المنخفض ولكنهم يقيدون الكمية التي يستطيع الناس تبديلها بمقدار 200 دولار لكل شخص بالإضافة لعقبات إدارية"، يقول الجعفري.

بعد انتهاء مدة الأسبوعين، يوضح الجعفري، "محولي العملات سيكون لديهم الكثير من الدولارات في أيديهم وسيبيعوها بسعر صرف السوق السوداء".

"هذه الكتل من سماسرة العملات الذين يعتبرون شركاء مع أعضاء فاسدين في البنك المركزي، ومع كتل من السماسرة الفاسدة أيضاً في الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة، كلهم يلعبون على سلوك البنك المركزي"، حسب وصف الجعفري.

ووفق المحلل يازجي، فإن الأرباح يتوقع أن تكون بالملايين. "يوجد أشخاص يكسبون الأموال من هذه الطريقة حيث تركوا أعمالهم المنتظمة للعمل بتحويل العملات".

وبحسب تقرير البنك الدولي، فمن المتوقع أن حكومة النظام لن تمتلك احتياطات أجنبية كافية لإيقاف نزيف الليرة السورية. بحسب التقديرات، الاحتياطي القومي الإجمالي من النقد الأجنبي انخفض من 20 مليار في 2010 إلى 0.7 مليار في نهاية 2015.

يقول الجعفري، "هذا خطير للغاية"، موضحاً أن حكومة النظام ضخت عادة ما بين 20 مليون إلى 50 مليون لإيقاف الهبوط السريع لليرة السورية.

"هذه الأرقام تعني أن حكومة النظام لن تستطيع الاستمرار بفعل هذا لوقت طويل. يوجد نظريات تقول بأننا يمكن أن نشهد مجاعة في دمشق"، يقول الجعفري.

للإطلاع على النص الأصلي بالإنكليزية اضغط هنا

ترك تعليق

التعليق