في داريا.. "اقتصاد" يلتقي سعداء وأصحاب معنويات مرتفعة

تشكل داريا إحدى أيقونات الثورة السورية التي قاومت طويلاً بطش النظام وقسوته غير المبررة.

ونتيجة لهذه الصورة البطولية التي ارتسمت بها المدينة، صب نظام الأسد عليها حمم الغضب وحاول في كل مخططاته تطويقها نهائياً، ليجردها من كل مقومات الحياة.

"اقتصاد" التقى العديد من أهالي مدينة داريا من المقاتلين والمدنيين ليسلط الضوء على واقعها الاجتماعي من جهة، والاقتصادي البائس حقاً، من جهة أخرى.

بين فكي كماشة

"الحصار يشتد أكثر وأكثر، ويوماً بعد يوم تزداد المعاناة ويلتف الطوق على عنق المدينة ليخنقها، عشرات الأطفال يعانون من سوء التغذية  ﺑﺴبب عدم توفر الحليب والغذاء المناسب، إنها مأساة.. لا تتوقف"، هكذا يتحدث أبو إسماعيل الذي يعيش في داريا عن مدينته التي أتعبتها قسوة الحصار.

ويضيف أبو إسماعيل: "يحاول النظام تضييق الخناق على المدينة لإجبارها على الركوع والاستسلام، ومنذ فصلها عن الشقيقة معضمية الشام وقعت المدينة بين فكي كماشة".

ويؤكد أبو إسماعيل الكهل، الذي تجاوز الخمسين عاماً ويرفض مغادرة مدينته، أن كل آلام القصف والحصار لم تؤثر في معنوياته، موضحاً بالقول: "تعرضنا لشتى أنواع القصف ولحصارات متتالية أفقدتنا صحتنا وقوتنا الجسدية، لكني لن أتنازل يوماً عن العيش هنا، إنها أرض أجدادي منذ القدم ولن أتخلى عنها".

ولم يُخف أبو إسماعيل المدمن على التدخين أن المشكلة الكبيرة التي تواجهه تمثلت في نقص التبغ مشيراً بالقول: "إنها مشكلة.. تؤرقني".

 مدينة عسكرية بمعنى الكلمة

عندما بدأت المعركة في نهاية 2012 نزح عشرات الآلاف من مدينة داريا بسبب القصف الشديد الذي تراوح بين 400 إلى 600 قذيفة يومياً.

ومنذ تلك الفترة يعيش من تبقى من أهالي المدينة وشبابها في واقع مغاير، تشكل البندقية وأكياس المتاريس والخنادق والحراسة الليلية، مفاصله المعيشية.

يعمل فراس مقاتلاً في إحدى كتائب المدينة، ويرابط يومياً ساعات محددة على إحدى الجبهات.

ومع أن الحياة التي يعيشها تبدو رتيبة، إلا أن فراس يؤكد أنه سعيد رغم كل ظروف الحصار.

ويقول فراس: "أداوم يومياً في الجبهة لأحمي ثغور المدينة، وبعد ذلك أذهب للتدريس في مدرسة المدينة، ثم أقضي ما تبقى من وقتي في الزيارات الاجتماعية لأصدقائي وأحبابي".

ويسهب فراس بالقول: "الحياة الآن بعد وقف القتال هادئة لكن ما نشكو منه هو قلة الطعام".

ونظراً لكثرة العناصر المقاتلة، تعيش داريا حياة عسكرية بامتياز.
 
ويشكل الفصيل أو الكتيبة، البنية الرئيسية للعائلة والمجتمع الصغير الذي ينتمي إليه المقاتلون.

ويقول فراس: "تقدم الألوية الطعام والشراب وسائر الأمور المعيشية والخدمية، وإن أصبحت هذه الأشياء شحيحة جداً في هذه الأيام".

 موسم زراعي مدمر

مقاتل آخر يعمل في إحدى الألوية التابعة لأجناد الشام، تحدث لـ "اقتصاد" عن الظروف المعيشية السيئة التي تحياها المدينة.

بسام (26 عاماً)، يقول: "لا يدخل شيء إلى المدينة على الإطلاق، ومنذ فترة دخلت لجنة الأمم المتحدة لكنها ركزت على تصوير الدمار الهائل الذي حدث لأبنية المدينة، لقد وُعدنا بمساعدات ولكن شيئاً من ذلك لم يُنفذ".

وأضاف بسام لـ "اقتصاد": "نحن نتناول الشوربة مرتين في اليوم، مرة على الفطور وأخرى على العشاء، أحياناً يكون العشاء أفضل في حال توفر الخبز الذي نصنعه من قمح السنة الماضية الذي أنتجته أرض داريا".

وأشار بسام إلى أن موسم العام من القمح يعتبر سيئاً للغاية، موضحاً بالقول: "لقد دُمر معظم الموسم بسبب الحروب التي دارت في الأشهر السابقة على الجبهات الغربية والجنوبية".

 أسعار كاوية

بعد لقاءات صحفية متعددة تمكن "اقتصاد" من الحصول على قائمة بأسعار المواد الأساسية في المدينة.

وقد حطم السكر الرقم القياسي في هذه الأسعار بينما احتل القمح المرتبة الثانية.

قائمة الأسعار بالكيلو:

سكر:  18000 ليرة.
قمح:  8000 ليرة.
برغل: 6000 ليرة.
رز: 6000 ليرة.
حمص: 5000 ليرة.
دخان: 4000 ليرة (الكروز).
خلطة مازوت وبنزين: 600 ليرة (اللتر).

ترك تعليق

التعليق