حفر الآبار العشوائي يهدد المخزون المائي بدرعا، وينذر بكارثة مائية



شهد الوضع المائي في محافظة درعا، ومنذ انطلاق الثورة السورية، تغيرات ملحوظة، وذلك نتيجة الفوضى التي عمت بعض المناطق، ما تسبب في شح كبير بمياه الشرب في قرى وبلدات، ونقص في حصة الفرد اليومية.

ويقول المهندس أحمد العبود، رئيس المكتب الخدمي في مجلس محافظة درعا الحرة،  إن "محافظة درعا غنية بالمياه الجوفية، وفيها العديد من مصادر المياه التي تتركز في مجملها في العجمي والأشعري وزيزون في ريف درعا الغربي"، مشيراً  إلى المشاريع الكبيرة ومحطات الضخ المتطورة التي أقيمت على هذه المصادر، ولاسيما مشروع الثورة الإروائي في مراحله الأربع، والذي يغذي معظم مدن وبلدات وقرى حوران بالمياه العذبة.

وأشار العبود في لقاء مع "اقتصاد" إلى أن "المحافظة تضم إضافة إلى مصادر الينابيع الواقعة على ضفاف وادي اليرموك الشهير، نحو 400 بئر لمياه الشرب، موزعة في القرى والبلدات، وهي مجهزة بمحطات ضخ كانت تعمل على مدار الساعة"، لافتاً إلى أن مشاريع المياه برمتها باتت تعمل الآن ببطء شديد، لعدم توفر التيار الكهربائي المنتظم، الذي تتحكم بتشغيله مؤسسات النظام، ولعدم توفر المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الضخ، ما تسبب بانخفاض حصة الفرد اليومية في معظم مناطق المحافظة من 150 لتراً قبل الثورة إلى نحو 40 لتراً إبان الثورة.

وأضاف رئيس المكتب الخدمي أن "كثيراً من مناطق المحافظة وبسبب قلة المياه لجأ المواطنون فيها إلى شراء المياه من الصهاريج الزراعية بمبالغ تصل إلى 5000 ليرة للصهريج الواحد، ما أثقل كاهل المواطنين بمصاريف جديدة"، موضحاً أن المياه التي تباع بالصهاريج في كثير من الأحيان، لا  تكون صالحة للاستخدام المنزلي، ما تسبب ببعض الأمراض الجلدية والداخلية للمواطنين، وفقاً لإحصائيات بعض المشافي الميدانية.

ويقول العبود، "على الرغم من أن معظم مصادر مياه الشرب تقع في ريف درعا الغربي، الذي يقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، إلا أن المناطق الخاضعة لسلطة النظام تحصل على مياه الشرب من هذه المصادر، وذلك بمقايضة مياه الشرب بالتيار الكهربائي، حيث تحصل مناطق سيطرة النظام على حصتها من مياه الشرب مقابل حصول مناطق سيطرة المعارضة على التيار الكهربائي اللازم لتشغيل محطات الضخ المغذية للمناطق المحررة". 

وأضاف العبود أن مجلس المحافظة المحررة "يقوم ببعض الإجراءات للحفاظ على مياه الشرب, لكنه وبسبب ضعف الإمكانيات المادية لا يستطيع تقديم أي شيء لمشاريع المياه في الوقت الحالي"، مشيراً إلى أن هناك دراسات تتعلق بمشاريع جديدة لمياه الشرب، سيعمل المجلس على دعمها، ولا سيما تلك المشاريع المتعلقة بتحسين أداء محطات الضخ والآبار وصيانتها، والتي تهدف إلى زيادة كفاءة الآبار وتحسين عمليات ضخ المياه منها.

وأكد العبود أن "هناك صعوبات كبيرة تعاني منها مشاريع المياه، وتتسبب بعدم وصول مياه الشرب بشكل كاف للمواطنين، وتتمثل هذه الصعوبات في عدم وجود التيار  الكهربائي أو انعدامه بشكل كامل، والتعديات الكبيرة من قبل ضعاف النفوس على خطوط الجر الرئيسية، واستخدام المياه لأغراض سقاية الأشجار والمزروعات، إضافة إلى التعدي على خطوط التوتر والشبكات الكهربائية وتحويلها إلى تشغيل الآبار الخاصة ما يحرم من وصول التيار الكهربائي إلى المناطق المستهدفة، يضاف إلى ذلك نقص الإمكانات المادية لدى المجالس المحلية، وعدم قدرتها على صيانة محطات الضخ والآبار، وشراء المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل أجهزة الضخ المركبة على الآبار.

ولفت العبود إلى أن "الخطر الذي يهدد مصادر المياه وينذر بكارثة مائية في المحافظة، هو استنزاف المياه الجوفية بشكل كبير، من خلال الحفر العشوائي للآبار"، مبيناً أنه وبسبب الفوضى وغياب الرقابة، يتم يومياً حفر عشرات الآبار في مناطق المحافظة المختلفة.

ودعا العبود إلى ضرورة الحفاظ على المياه، والتوقف عن هدرها وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة، لافتاً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين والمعتدين على مصادر المياه، وتفعيل دور الجهات الثورية في مناطق تواجدها، وإسناد حماية مصادر المياه إليها، لتأمين مياه الشرب اللازمة والكافية للمواطنين وضمان توزيعها بشكل عادل على المناطق.

شهود عيان في مناطق محررة من ريف درعا، أكدوا في تصريحات لـ "اقتصاد" أن المياه باتت تحتاج إلى موازنة شهرية إضافية، بسبب قلتها، ما يتطلب تعويض نقص الكميات اللازمة منها من خلال شرائها من الصهاريج الزراعية، إضافة إلى أن المياه تصل إلى الأهالي ضعيفة وبطريقة الإسالة، وهو ما يحتاج إلى استخدام مولدات لضخها إلى "سطوح" المنازل، الأمر الذي يزيد التكاليف المادية على الناس، الذين يعانون من ظروف مادية شديدة الصعوبة، بسبب قلة الإمكانات.

وقال فادي من ريف درعا الغربي إن "كلفة خزان المياه سعة  1 متر مكعب /خمسة براميل/، تصل إلى 1200 ليرة سورية"، لافتاً إلى أن أصحاب الصهاريج يبررون ذلك بارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وقيامهم بالذهاب إلى مسافات بعيدة لجلب المياه من مصادرها، ما يزيد في ارتفاع تكاليف الحصول عليها.  

يشار إلى أن من أهم المناطق التي تعاني من نقص حاد في مياه الشرب في المحافظة، هي أحياء درعا البلد، ومخيم درعا، وحي طريق السد، التي تشترك مع شبكات المياه الواقعة تحت سيطرة النظام، إضافة إلى بعض القرى والبلدات التي يضطر المواطنون فيها إلى شراء المياه من الصهاريج الزراعية بمبالغ كبيرة.


 

ترك تعليق

التعليق