المجتمع الساحلي.. "عجوز وحريمي"


156 جثة لضباط وعناصر وصلت مدينة طرطوس غرب سوريا الأسبوع السابق للهدنة، كما وصل ما يقارب هذا العدد من القتلى إلى اللاذقية وريفها، حسب إحصاءات تم جمعها من شبكات إعلام موالية للنظام، لتضاف إلى أعداد كبيرة كان تدفقها يتواصل ويتحرك صعوداً وهبوطاً حسب حجم المعارك المشتعلة على الجبهات في سوريا.

تشير إحصاءات وزارة الداخلية في حكومة النظام إلى أن عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً في الساحل السوري يبلغ ما يقارب 600 ألف، سقط منهم ما يزيد على 180 ألفاً في معارك النظام مع فصائل المعارضة حسب إحصاءات غير رسمية أعدها ناشطون وحقوقيون معارضون.

جثث بالتقسيط

وأحصى الناشط الإعلامي محمد الساحلي (مراسل شبكة إعلام اللاذقية) سقوط أكثر من 1000 قتيل من أبناء الساحل السوري خلال الشهر الماضي قتل معظمهم في معارك حلب ضد جيش الفتح، وفي معارك ريف حماة الشمالي ضد جيش النصر، إضافة لوصول جثث بأعداد أقل من جبهات ريف اللاذقية وريف دمشق ودير الزور.

وقال الناشط الساحلي في حديث لـ "اقتصاد": "يحاول النظام التخفيف من ردود الأفعال الغاضبة لأنصاره التي تتصاعد مع الازدياد المضطرد في عدد القتلى من خلال تسليم الجثث لذويهم تقسيطاً، حيث يراكم الجثث في ثلاجات المشافي عندما تصل بأعداد كبيرة، ويسلّمها في الأيام التي يهبط فيها عدد القتلى".

ولكن ذلك لم يمنع ارتفاع حدة ردود الأفعال بين الحين والآخر، وكثيراً ما جرت مشادات كلامية تطورت في بعض الحالات إلى اشتباكات بالأسلحة النارية بين ذوي القتلى وقوات أمن النظام التي تقوم بتسليمهم جثث أبنائهم.

وتشير المعلومات الواردة من مدن الساحل وريفه إلى نقص كبير في الشباب حيث لجأ النظام إلى تجنيدهم في جيشه عنوة واقتادهم من الجامعات والشوارع لتأدية الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، ومنهم من اختار الانتساب لجيشه طواعية.

المرأة بديلاً للرجل

وباتت المرأة تقوم بالأعمال حتى المصنفة بأنها ذكورية، وتتحدث أم حيدر من حي الزقزقانية في اللاذقية عن أن ابنها تولى القيام بالأعمال الذكورية التي يحتاجها المنزل عقب مقتل والده، ولكن مع التحاقه بخدمة الجيش العام الماضي عند بلوغه الثامنة عشرة من عمره، باتت تقوم بكل هذه الأعمال كإحضار جرة الغاز وترميم المنزل، وشراء الوقود وغيرها.

النقص في شباب الساحل دفع النساء لممارسة أعمال كالتجارة والبيع في المحلات، وزراعة الخضار والاعتناء بأشجار الزيتون والحمضيات.

 "إنها الحاجة التي دفعتنا إلى ذلك، لم يعد لدينا رجال"، هكذا تحدثت الطالبة الجامعية "راجحة" التي كانت تقود سيارة البيك آب وتنقل فيها الخضار والفاكهة إلى سوق الهال.

ما تبقى من الشباب ممن لم يلتحق بجيش النظام إما هرب إلى الخارج وطلب اللجوء في أوروبا أو اختفى عن الأنظار في مكان مجهول، أما من يمكن مشاهدته من شباب في الساحل السوري فغالبيتهم من أبناء الضباط والمسؤولين الذي تمكنوا بسطوتهم من منع التحاقهم بالجيش أو الفرار خارج القطر.

عجوز و "حريمي"

وعلى الطرف المقابل قتل ما يزيد عن 3000 شاب معارض بريف اللاذقية ممن حملوا السلاح في وجه النظام حسب ناشطين، وأكدت منظمات حقوقية فقد عشرة آلاف شاب في معتقلات النظام.

ووصف المحامي محسن حسون (من سكان اللاذقية) المجتمع الساحلي بالعجوز و"الحريمي"، لافتاً إلى أنه بات يحتاج ثلاثة أجيال لتعويض ما فقده من الشباب.

يذكر أن النظام يعتمد بشكل رئيسي على شباب الساحل في تشكيلاته العسكرية والعسكرية الموازية كالدفاع الوطني و"صقور الصحراء" و"قوات النمر"، ولجأ مؤخراً لتسليح الشابات وتجنيدهم في جيشه إلى جانب الشباب مع النقص الكبير في صفوفه.

ترك تعليق

التعليق