درعا.. تحديات التعليم في الموسم الدراسي الجديد


للعام السادس على التوالي يبدأ العام الدراسي في المناطق السورية المحررة في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية شديدة الصعوبة.

وبهذا الصدد، يقول جمال الصالح، رئيس مكتب التربية في مجلس محافظة درعا المحررة، إن "العام الدراسي بدأ هذا العام مع صعوبات كبيرة في مختلف جوانب العملية التعليمية"، لافتاً إلى أن من أهم الصعوبات التي تواجه القطاع التعليمي في المناطق المحررة هذا العام، وكما في كل عام، عدم وجود التمويل والاعتماد المالي للانطلاق بالعملية التعليمية وغياب الجهات الممولة والداعمة للقطاع التربوي، إضافة إلى النقص الكبير في الكتب والقرطاسية.

وأضاف الصالح أن من أهم الصعوبات التي تواجه العملية التربوية في المناطق المحررة أيضاً، عدم وجود الكادر التدريسي الكافي بسبب الهجرة واللجوء وقيام قوات النظام باعتقال المعلمين والمدرسين على الحواجز، وملاحقتهم أمنياً بما فيهم أولئك العاملين في المدارس التابعة للنظام، مشيراً إلى أن نهاية كل شهر والتي غالباً ما يتم فيها استلام الرواتب من مركز مدينة درعا، باتت تشكل كابوساً لكل الكوادر التعليمية، بسبب الخوف من الاعتقال لسبب أو لآخر.

ولفت الصالح إلى أن من الصعوبات التي تواجه العملية التربوية أيضاً، سواء في مناطق النظام أو المناطق المحررة، هو عدم القدرة على ترميم المدارس التي تعرضت للتدمير، سواء بشكل جزئي أو كلي، وغياب أي جهة فاعلة على الأرض تتصدى لهذه المهمة، إضافة إلى عدم القدرة على تأمين احتياجات المدارس من مقاعد وخدمات ومياه ووسائل تدفئة ووسائل  تربوية وتعليمية أخرى، لافتاً إلى أن عمليات النزوح من البؤر المشتعلة أدت إلى تسرب أعداد كبيرة من الطلاب لعدم وجود المدارس الكافية لاستيعابهم، والكثير من طلاب المدارس يتعلمون في خيم في ظروف مناخية صعبة، وخاصة خلال فصلي الخريف والشتاء، في ظل غياب أبسط مقومات العملية التعليمية، الأمر الذي يُلقي بظلاله السوداوية على مستقبل التعليم ونجاعته في هذه المناطق.

وأشار الصالح إلى أن الكوادر التدريسية في المدارس التابعة للائتلاف يعملون بدون رواتب، وغالباً يبدأون العام الدراسي مجاناً، ريثما تتبنى أي جهة أو منظمة دفع رواتبهم، لافتاً إلى الصعوبات الكبيرة الأخرى التي يعاني منها الأهالي في تأمين وتجهيز أولادهم بالمستلزمات المدرسية، من قرطاسية وكتب وحقائب ولباس مدرسي، بسبب الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة.

وحول المناهج التي تُدرّس في مدارس التعليم الحر، أكد "محمد"، وهو موجه تربوي، أن "المناهج في التعليم الحر والمؤسسات التابعة للنظام تقريباً واحدة، مع بعض التعديلات التي يتم إدخالها في التعليم الحر لتتناسب مع أهداف الثورة وتوجهاتها ومنطلقها"، مشيراً إلى أنه يتم حذف الكثير من الدروس المتعلقة بالنظام وتمجيده، وتغيب عن مدارس التعليم الحر دروس القومية والفلسفة والرسم والموسيقى وبعض الدروس الأخرى.

من جهته، قال الطالب سرحان بأنه حصل على الشهادة الإعدادية عن طريق مدارس الائتلاف، وهو الآن يدرس في الثالث الثانوي  في نفس المدارس، لافتاً إلى أنه يعيش حالة من الضياع ولا يعرف كيف سيستمر في دراسته لاحقاً، في ظل غياب الجهات التي تتبنى تأمين دراسته المستقبلية بعد أن يحصل على شهادة الثانوية العامة.

وأضاف سرحان: "مستقبلي الدراسي حتى الآن يبدو ضبابياً، في ظل عدم اعتراف الكثير من الجامعات بالشهادات التي يمنحها الائتلاف"، متسائلاً: "ماذا بعد؟، وكيف سنحصل على تعليمنا الجامعي داخل سوريا الحرة في ظل الأوضاع الحالية؟".

بدوره، أكد طالب آخر، "سيف"، أنه حصل على الثانوية العامة من مدارس النظام هذا العام، وسجل في الجامعة في فرع معلم صف، لكنه لا يستطيع الذهاب إلى الجامعة لأنه "وصله خبر" أنه مطلوب لإحدى الجهات الأمنية بناء على تقرير حديث كتبه به أحد أزلام النظام في قريته، لافتاً إلى أنه سيترك الدراسة في الجامعة ريثما يجد حلاً لهذه المعضلة، حسب وصفه.

في السياق نفسه، أشار "أبو محمد"، وهو مزارع بسيط، إلى أن تكلفة تجهيز أولاده الأربعة للمدارس تتطلب مبالغ كبيرة، لافتاً إلى أنه لا يملك أية إمكانات مادية لتجهيز أبنائه، وأنه يفكر بعدم إرسالهم إلى المدارس التي قال عنها أنها غير آمنة، بعد أن عادت طائرات النظام إلى قصف الأهالي في ريف درعا المحرر.  

فيما أكد "عبد الرزاق"، وهو مدرس لمادة الجغرافيا، أن "تكلفة تجهيز الطالب لا تقل عن عشرة آلاف ليرة سورية كحد أدنى"، لافتاً إلى أن العام الدراسي تزامن هذا العام مع عيد الأضحى بما يتطلبه من مصاريف إضافية، ومع إعداد المونة للشتوية التي تحتاج بدورها إلى مبالغ إضافية أثقلت كلها كاهل المواطن "المنتوف أصلاً"، لا بل دفعت ببعض الأسر إلى الإحجام عن إرسال أبنائها إلى المدارس، بسبب ضعف الإمكانيات، وعملت على تشغيلهم في مهن مختلفة، تحت ضغوط الاحتياجات المادية للإنفاق على الأمور المعيشية.

ترك تعليق

التعليق