ما بين سنغافورة وسوريا.. مقارنة مؤلمة


الكثير من دول العالم قد تحرّرت من الاستعمار بعد كثير من الدول العربية، لكنّها أصبحت بعد استقلالها من الأوائل عالمياً وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فيما جميع الدول العربية مازالت  تحت التصنيف العالمي المسمى بـ "الدول المتخلّفة".

 وفي هذا المقال سنقارن بين تجربتين، الأولى سنغافورة التي نالت استقلالها عام 1963، وبين سوريا التي نالت استقلالها عام 1946، لنرى الفارق ما بين الدول التي تحترم نفسها وشعوبها.. وبين الدول التي تهدم إنسانها بكل ما تملك من قوّة..!!!

وما ينطبق على سوريا يكاد ينطبق على جميع الدول العربية، فما على القارئ الكريم إلا أن يضع مكان كلمة سوريا اسم بلده العربي، ويأخذ أرقام بلده؛ ليحصل على النتيجة نفسها..!!!

فلنبدأ بمعايير المقارنة:

1 ـ عدد السكان:

ـ سنغافورة: 5,399,200 نسمة عام 2013.

ـ سوريا: 22.8 مليون نسمة لعام 2013.

2 ـ  المساحة:

ـ سنغافورة: 710 كيلو متر مربع، بطول 47 كم، وعرض 23 كم.

ـ سوريا:185180 كيلو متر مربع.أي أنّ مساحة سوريا تزيد عن سنغافورة 261 ضعفاً.

3 ـ تاريخ الاستقلال:

ـ سنغافورة: 1963 عن بريطانيا.

ـ سوريا: 1946 عن فرنسا.

4 ـ الناتج المحلي الاجمالي الاسمي لعام 2011:

ـ سنغافورة: 259.849 مليار دولار.

ـ سوريا: 46.54 مليار دولار.

5 ـ متوسط الدخل الفردي من الناتج المحلي الاسمي لعام 2011:

ـ سنغافورة:49270 دولار.وتعتبر الخامسة عالمياً حسب صندوق النقد الدولي.

ـ سوريا: 2116 دولار؛ أي أقل بـ 23 ضعفاً عن دخل المواطن السنغافوري.

6 ـ احتياطي العملة الأجنبية:

ـ سنغافورة: 262 مليار دولار عام 2014.

ـ سوريا: 20 مليار دولار لعام 2011؛ أي أقل بـ 13 ضعفاً من سنغافورة.

7 ـ أهمية المركز المالي:

ـ سنغافورة: رابع أهم مركز مالي في العالم.

ـ سوريا: متخلّفة مالياً، وتمّ تأسيس سوق الأوراق المالية عام 2009، وهذا السوق ضعيف جداً..!!!

8 ـ معدّل البطالة:

ـ سنغافورة: 2% عام 2014؛ أي تشغيل كامل وفق المعايير الاقتصادية.

ـ سوريا: الأرقام الرسمية قبل عام 2011 هي 9% بينما الرقم الحقيقي كان يزيد عن 25%.

9 ـ جودة الحياة (رفاه الحياة):
 
ـ سنغافورة: الدرجة الأولى في آسيا، والمرتبة الحادية عشر على مستوى العالم.

ـ سوريا: الجودة منخفضة جداً، إذ ليس لها ترتيب ضمن المئة الأولى..

10 ـ جواز السفر:

ـ سنغافورة: احتل الجواز السنغافوري المركز السادس على مستوى العالم، حيث يمكن لحامله أن يدخل 167 دولة من دون فيزا مسبقة.

ـ سوريا: الجواز السوري يمكّن حامله من دخول 7 دول على الأكثر من دون فيزا مسبقة..!!

11 ـ الشفافية:

ـ سنغافورة: تُصنّف سنغافورة على أنها واحدة من الدول الأقل فساداً في العالم من قبل منظمة الشفافية في العالم، وتعتبر هونغ كونغ وسنغافورة هما أفضل النظم القضائية في آسيا.

ـ سوريا: تعتبر سوريا ضمن أفسد 10 دول في العالم وفق مقاييس الشفافيّة. وتحتل الرقم 154 دولياً من حيث احترام حقوق الإنسان حسب منظمة هيومن رايتس ووتش.

12 ـ ترتيب الجامعات في العالم:

ـ سنغافورة: جامعة نانيانغ التكنولوجية هي من بين أفضل 100 جامعة في العالم.

ـ سوريا: لا يوجد أي ترتيب لجامعة سورية ضمن 700 جامعة الأولى في العالم.

13 ـ النظافة:

ـ سنغافورة: حازت سنغافورة على المرتبة رقم 9 في العالم من حيث النظافة.
 
ـ سوريا: من أواخر الترتيب العالمي في النظافة...!!!

14 ـ الموارد الطبيعية:

ـ سنغافورة: الموارد الطبيعية قليلة جداً، فلا يوجد بترول ولا غاز ولا فوسفات.. ونسبة الأراضي الصالحة للزراعة قليلة جداً، نظراً لصغر مساحتها وطبيعتها..

ـ سوريا: فيها العديد من الموارد الطبيعية، فسوريا هي الدولة 27 عالمياً بإنتاج البترول بمعدل 400 ألف برميل يومياً (قبل عام 2011)، وتم اكتشاف العديد من حقول النفط والغاز في البحر قبالة الشواطئ السورية، وثاني الثروات هو الغاز ثمّ الفوسفات، وسوريا غنية بالأنهار، و32% من مساحتها قابلة للزراعة؛ أي المساحة القابلة للزراعة في سوريا تزيد عن مساحة سنغافورة الإجمالية بـ 83.5 ضعفاً...!!!

15 ـ الصناعة:

ـ سنغافورة: يعمل 28% من السكان بالصناعة، وأهم الصناعات هي: صناعة السفن وهندسة المعادن والكيماويات والأدوات الكهربائية والإلكترونيات والأجهزة العلمية ومعدات حفر آبار النفط وتكرير النفط. وهي صناعات تصديرية.

ـ سوريا: تُصنّف بأنها بلد زراعي، والصناعة ضعيفة وتقتصر على 12% من اليد العاملة، و85% من المنشآت صغيرة وتوظف أقل من عشرة عمال، ويقتصر القطاع الصناعي على الصناعات المتوسطة والصغيرة كالصناعات الغذائية والمنسوجات، وهناك بعض الصناعات الثقيلة القليلة كصناعة الإسمنت والأسمدة وتكرير النفط وإنتاج الكهرباء، وتستورد معظم حاجتها الصناعية والإلكترونية.

16ـ تكوينات المجتمع:

ـ سنغافورة: 80% صينيون، 14%  مالاي، 8% هنود، 1% أوراسيويين وأعراق أخرى.
الديانة: 33% بوذية، 18% مسيحية، 17.8% لا دينيون، 14.6% مسلمون، 8.5% طاوية، 4% هندوسية، 0.6 أخرى.
وهناك أربع لغات رسمية: المالاي، الماندارين، التاميل، الانكليزية.

ورغم هذا التنوع العرقي والطائفي واللغوي، هناك تعايش وانسجام وسلام.. أوصلهم إلى مرحلة الإبداع الحضاري...!!

ـ سوريا: 89% عرب، 8% أكراد، 3% أقليات أخرى.
72% سنّة، 12% علويون، 3% دروز، 1% إسماعيليون، 10% مسيحيون، 2% أخرى.
اللغة الرسمية هي العربية وهي لغة 89% من السكان، وهناك لغات غير رسمية كاللغة الكردية والأرمنية والشركسية والتركية تنطق بها الأقليات في التعاملات اليومية.

رغم أنّ هذا التنوّع أقل بكثير من التنوّع في سنغافورة، لكنّ سوريا تحكمها طائفة واحدة وهي الطائفة العلوية، وتستغل هذه الطائفة جميع الطوائف الأخرى، وهذا هدّد السلام الاجتماعي في سوريا، وكان من نتائجه المباشرة الثورة السورية في آذار عام 2011...!!!

17ـ الحزب الحاكم:

ـ سنغافورة: حكم حزب العمل الشعبي منذ عام 1959 إلى الآن، لكنه جعل سنغافورة بلداً متقدّماً، وقدوة عظيمة على مستوى العالم..

ـ سوريا:حكم حزب البعث العربي الاشتراكي منذ انقلاب 1963؛ لكنّ هذا الحزب مع أجهزة المخابرات قاد البلد بجدارة إلى التخلّف بمعناه الواسع وعلى المستوى العالمي...!!!

وبعد هذه المقارنة لابدّ أن نترك للإنسان العاقل أن يقول ما يشاء عن نفسه وعن أنظمته الحاكمة، فقد رأى بعينيه بعضاً من مأساتنا المخيفة، فلعلّ ذلك يكون مساعداً لحركة واعية مستنيرة.. فقد كنّا يوماً من صانعي الحضارة...!!!

فهل نعود..؟!


ترك تعليق

التعليق