بعد متتاليات "العيد، المدارس، المونة".. الشتاء يسبب الاكتئاب لكثير من السوريين


يرتبط قدوم فصلي الخريف والشتاء مع تغيرات بمزاج بعض الاشخاص، فمنهم من يصاب بالاكتئاب أو التوتر ربما لارتباطهما بذكريات بالطفولة، ولكن غالباً ما يكون السبب غير معروف حتى من قبل الشخص نفسه، والبعض الآخر يمكن أن يشعر بالسعادة والراحة لارتباطه بالمطر والخير والهدوء والجلوس بالمنزل لمدة طويلة.

 ولكن في هذه الأيام الصعبة التي تمر على سوريا، وبعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، لا شك في أن فصل الشتاء أصبح مصدراً للقلق والاكتئاب بكل امتياز للسوريين.
 
مع بدء فصل الخريف تكون الأسرة السورية قد أُرهقت من تكاليف العيد ومتطلبات المدارس من حقائب ودفاتر وملابس خاصة للمدرسة.

ثم يأتي وقت التحضير للمونة والتي أصبحت تُحضر ضمن الحد الأدنى، ولكنها ضرورية أكثر من قبل في هذه الظروف غير المسبوقة  التي تمر على البلاد، وذلك تحسباً لأي ظروف طارئة وحصار وندرة بالمواد الغذائية والأطعمة.
 
في حديثها لـ "اقتصاد"، السيدة أم حسن من اللاذقية، أم لثلاثة أطفال، أكبرهم 10 سنوات والأصغر 7 سنوات، عبّرت عن الضغط المادي والنفسي الذي تشعر به مع زوجها العامل في شركة الكهرباء باللاذقية من قدوم فصل الشتاء وتحضيراتها لهذا الفصل القاسي واللئيم كما تقول: "منذ أكثر من شهرين ونحن لا ندري كيف نغطي تكاليف العيد من جهة، ثم بعدها تكاليف المدارس حيث أن لدي 3 اطفال في المدرسة، ثم  تكلفة المونة، والآن سوف نقضي أيامنا لمدة 3 أشهر على الأقل ونحن نحاول توفير مصدر للتدفئة".
 
تابعت أم حسن تفاصيل أسعار المحروقات في اللاذقية، حيث أن سعر ليتر البنزين 225 ليرة سورية  والمازوت 160 ليرة سورية، وتحتاج مدفئة المازوت الواحدة لـ 5 ليترات من المازوت على الأقل يومياً، أي ما يقرب 5300 ليرة سورية يومياً،  وحوالي 15000  ليرة سورية شهرياً على الأقل، أي أن أكثر من نصف راتب موظف أو مدرس سوف يُصرف على التدفئة.

 ونوهت السيدة أم حسن إلى أن الحصول على المازوت لا يتم بسهولة، إذ يحتاج الأمر للانتظار لساعات على محطات المحروقات للحصول على القليل من الليترات.
  
"حتى إن أردنا أن نستعمل الحطب، سعر الطن يتراوح بين 15,000-30,000 ليرة سورية حسب نوعية الحطب وجفافه"، أضافت.

أما عن الكهرباء، فحدث بلا حرج حسب تعبير أم حسن. "نحن لا نراها في أحسن الأحوال ساعتين يومياً في الشتاء، وأحيانا تُقطع لأيام".
 
فصّلت السيدة أم حسن لـ "اقتصاد" تفاصيل الشهرين الماضيين و كيف مرا عليها وعلى عائلتها.
 
"مع بداية شهر أيلول/سبتمبر حاولنا تجاهل قدوم العيد لتوفير مصاريفه للأولاد وتغطية تكاليف المدارس، حيث أن تكلفة كسوة العيد لكل ولد تتراوح بين 5000-7000 ليرة سورية بين بنطلون (2000) ليرة وقميص (1500-2000) ليرة وحذاء (2500-3000) ليرة.
ثم جاءت المدارس وتكاليفها، كل ولد من أولادي الثلاثة يحتاج للباس خاص بالمدرسة بتكلفة  1500 ليرة سورية على الأقل، والحذاء بين 1500 و2000 ليرة سورية، أما الحقيبة فتصل إلى 1000 ليرة سورية، عدا عن الأقلام والدفاتر والكتب".
 
ما إن انتهت العائلة من المدارس ومتطلباتها، حتى جاء موسم المونة، وهو ضرورة حتى أكثر من قبل تحسباً لأي ظروف تنتج عن الحرب مثل الحصار أو انقطاع المواد الغذائية حسب محدثتنا.
               
فصّلت أم حسن تكاليف  بعض المواد التي حضرت إلى ذهنها: "سعر كيلو زيت الزيتون 1300 ليرة سورية، الزيتون الأخضر 200 ليرة، والأسود 400 ليرة، أما تكلفة كيلو المكدوس الواحد يمكن أن يتراوح بين 2500 و 3000 ليرة سورية، بين سعر الباذنجان والجوز والثوم و الفلفل الأحمر والزيت".
 
بالنسبة للبرغل والعدس والرز والخضراوات المجففة، فقد قدرت السيدة أم حسن أنها أنفقت ما يقارب 15000 ليرة سورية  على كمية قليلة من كل مادة.

"راتب زوجي لا يتجاوز 25,000 ليرة سورية، ويمكنكم تقدير مقدار الديون التي اضطررنا لاقتراضها لتغطية كل هذه التكاليف خلال هذين الشهرين القاسيين، والترحيب بهذا الفصل القاسي الذي يدعى (الشتاء)".

ترك تعليق

التعليق