ديارنة في إدلب يعيشون حياة طبيعية في استقرار وراحة بال


"بينما كانت السيارة تسرع بنا في شوارع طويلة ومتعرجة كان السائق يحدثني حديثاً طويلاً.. ورغم سهري طوال الليل شعرت بمتعة لا توصف في الاستماع إلى كلام السائق ورؤية مشاهد الطبيعة الخلابة التي تحيط بنا من جميع الجوانب".

يقول "أبو عبادة" متحدثاً لـ "اقتصاد" عن اليوم الأول لنزوله إلى المحافظة الخضراء.

يتابع "أبو عبادة": "أول شيء سألت عنه السائق هو الأسواق وأسعار المواد الغذائية والخضراوات، كنت كغيري من المحاصرين متعطشاً للحياة، للتجول بين محلات تجارية مليئة بالبضائع، لرؤية الناس يعيشون حياة طبيعية حيث يتوفر كل شيء ولا يطاردنا شبح الحصار".



بعد حصار طويل، وآلام لا تنسى، تمكن أهالي داريا ومن ضمنهم "أبو عبادة" من الوصول إلى محافظة إدلب والاستقرار فيها.

نزل الناس بالمئات من باصات التهجير، لم يكن أحد يعلم أين سينام ولا ماذا ينتظره، كان الجميع مقبلين على مصير مجهول.

"لا داعي للكلام عن الترحاب الكبير الذي استقبلنا به في إدلب، لقد خرجنا من بيوتنا إلى مصير مجهول، واليوم جميع العائلات استقرت في المناطق التي تحب، وتعيش حياة لا بأس بها".

 يتحدث "أبو أسامة" وهو شاب ثلاثيني استقر في أريحا بعد أن وجد بيتاً مقبولاً في المدينة المزدحمة.

اشترى "أبو أسامة" العديد من أصناف الفاكهة من سوق الخضار في أريحا، حمل أكياس الفاكهة بينما تابع حديثه  لـ "اقتصاد": "تعجبني حركة السوق في هذه المدينة، أول شيء فعلته حين قدمت إلى المدينة هو التجول في سوقها الكبير الذي أشبهه بباب سريجة أحد أكبر أسواق دمشق".

لم يجد "أبو اسامة" عملاً حتى اللحظة، لكن أبواب الرزق أشرعت أمامه بشكل كبير حيث توالت المساعدات والإعانات عليه كباقي الديارنة من عدة منظمات ومجالس محلية.

في مدينة إدلب بينما كان يصنع القهوة على الغاز القابع في مطبخ شقته التي استأجرها منذ قدومه، تحدث  "محمد" عن حلمه الذي راوده عشرات المرات خلال سنوات الحصار.

"كنت أحلم بهذه اللحظة، هل تضحك؟، إنني أقول لك الحقيقة".

يتابع "محمد" وهو يصب القهوة في فناجين أنيقة بينما فاحت رائحة الهيل لتملأ الأجواء، "بالنسبة لي اكتسبت القهوة وطريقة صنعها باستخدام الغاز رمزية كبيرة، إنها رمزية الحياة الطبيعية البعيدة عن الجوع والحرمان واستخدام البلاستيك والكرتون في طهو حفنات البرغل وصنع مشروب القهوة المستخرج من الحمص المحروق!!".



"اسماعيل أبو بسام "، كهل خمسيني تحدث لـ "اقتصاد" متأثراً بالجو الإنساني الذي وجده في إدلب.

"الناس هنا أهل كرم ومروءة، أشعر أنني بين أهلي، لقد أحببت العيش هنا ولم أكن أتوقع ذلك".

ويضيف "اسماعيل": "العائلات التي أتت معنا وجدت نفس الراحة ونفس الطمأنينة، نحن الآن نحيا حياة جديدة مستقرة".

وبعد عدة أيام من قدومه وأسرته المؤلفة من خمسة أشخاص وجد "اسماعيل" أن صفحة جديدة من دفتر حياته طويت وإلى الأبد.

"كان الحصار في داريا عذاباً لا يطاق، لم نكن نتوقع أن نخرج من السجن الذي وضعنا بين قضبانه، انظر.. ها نحن نرجع إلى حياتنا كما كنا قبل الحصار، لقد صنعت أم بسام المكدوس والزيتون المكلس والعطون، كل شيء متوفر لدينا، الحطب، الوقود، الكهرباء، وأهم شيء هو راحة البال وعدم الخوف من حصار جديد!!".

ترك تعليق

التعليق