أحياء شرق دمشق.. كيف يعيش سكانها في ظل حملة النظام الشرسة؟


تعيش المناطق الشرقية للعاصمة دمشق أجواءً من الخوف والرعب وانحدار متزايد للوضع الإنساني والمعيشي للعوائل التي فضلت البقاء في منازلها في ظل الهجمة الشرسة التي مازالت تشنها قوات النظام على أحياء برزة والقابون وحي تشرين وأحياء حرستا الغربية.

فقد بدأت قوات النظام حملتها في الثامن عشر من شباط / فبراير من العام الحالي، ومازالت حتى الآن مستخدمةً ما يزيد عن 300 صاروخ أرض - أرض وعشرات الغارات الجوية التي نفذتها مقاتلات حربية تابعة للنظام السوري، وما بين أيام وساعات وليالي هذه الحملة يزداد الوضع المعيشي سوءاً ليلقي بظلالٍ ثقيلة على الوضع الإقتصادي للعائلات المنكوبة في تلك المنطقة.

يقول "أبو قتادة" عضو المكتب الإعلامي في حي القابون الدمشقي لـ "اقتصاد"، إن الوضع الإقتصادي للأهالي المتواجدين في الأحياء الشرقية للعاصمة سيء للغاية، فحي القابون هو من الأحياء الفقيرة قبل سنوات الثورة، والأهالي أوضاعهم المادية دون الوسط هناك، فجاء الحصار الذي أطبقته قوات النظام منذ ثلاث سنوات على الحي ليزيد الوضع سوءاً.

 وأضاف: "قوات النظام المتمركزة على أطراف الحي كانت تمنع دخول المواد الغذائية في بعض الأحيان، وعندما يتم إدخالها إلى الحي يفرض نظام الأسد أتاوات باهظة الثمن لكل سيارة تقوم بنقل مواد غذائية إلى الحي المحاصر، فالأسعار تزيد حوالي الضعفين عن الأسعار العادية نسبة لوضع الحصار الذي تعيشه الأحياء. أما الآن فتم منع دخول أي شيء إلى الحي سواء كان محروقات أم مواد غذائية أو طبية".


وأشار "أبو قتادة" إلى أن الأهالي ضمن الأحياء الشرقية للعاصمة يعتمدون على القليل مما تم تخزينه من قبل التجار أو العائلات أنفسهم على عجل قبيل بدء قوات النظام حملتها، ومع ساعات القصف الشديد تغلق كافة المحال أبوابها، في حين عند هدوء القصف تفتح المحال شبه الفارغة أبوابها على استحياء من أجل بيع ما بقي فيها. "وإذا ما استمر الوضع بهذه الطريقة فإننا سنشهد كارثة إنسانية حقيقية في تلك المناطق"، يقول "أبو قتادة".

ولعل من المفارقات العجيبة في هذا الزمن هو ارتفاع الأسعار بشكل فاحش بين بقعة تسيطر عليها المعارضة السورية وبقعة أخرى من نفس المنطقة يسيطر علها النظام السوري.

 فقد كشف "أبو قتادة" عن أن سعر ربطة الخبز في دمشق هو 50 ليرة سورية، أما داخل أحياء دمشق الشرقية وصل سعر الربطة إلى 200 ليرة سورية، أيضاً البنزين سعره في دمشق 160 ليرة سورية لليتر الواحد بينما في داخل الأحياء المحاصرة وصل إلى 500 ليرة سورية لليتر الواحد. أما الآن وبعد بدء النظام حملته على الأحياء الشرقية فلا يوجد أي من تلك المواد وغيرها نتيجة منع النظام دخولها، مشيراً إلى أن الأهالي تقوم بخبز الطحين بشكل يدوي لتأمين مادة الخبز.

ومع استمرار الحملة العسكرية التي تشنها قوات النظام على المناطق الشرقية للعاصمة، تبرز مشكلة النزوح المستمر للأهالي، فقد تم توثيق نزوح 2300 عائلة من الأحياء الشرقية لدمشق باتجاه مدن وبلدات الغوطة الشرقية وذلك بحسب منظمات العمل المدني داخل الغوطة الشرقية.

وتعاني تلك العوائل المهجرة وضعاً مأساوياً لا يمكن وصفه، التقينا بالسيدة "أم خالد" وهي أم لأربعة أطفال تقول أنها نزحت وأطفالها إلى مدينة زملكا علّها تجد شيئاً من الأمان الذي افتقدته في مكان إقامتها داخل حي تشرين في العاصمة السورية، لكن حملات القصف طالتها أيضاً في زملكا ضمن حملة عنيفة شنتها مقاتلات النظام السوري على المنطقة، الأسبوع الماضي.

وفي نهاية المطاف أكثر ما يخشاه السوريون هو سياسة القضم البطيء للمناطق، التي يتبعها النظام السوري مؤخراً إلى جانب ميليشياته الرديفة، في مسعى منهم لإحكام السيطرة على أكبر عدد من المناطق فارضةً بذلك سياسة الأمر الواقع على المجتمع الدولي قبل المجتمع المحلي الداخلي الذي يعيش في معاناة مستمرة لا يأبه لها أحد.

ترك تعليق

التعليق