البازلاء.. محصول شتوي يؤمن عشرات فرص العمل الموسمية في درعا


تعد زراعة البازلاء من أهم الزراعات الشتوية والصيفية المدرة للدخل، ويعتمدها الكثير من الفلاحين والمزارعين في درعا، كإحدى الزراعات الاقتصادية الجيدة بسبب الإقبال الكبير عليها كمادة غذائية هامة، إضافة إلى أنها لا تتعرض للخراب والكساد، حيث يمكن أكلها طازجة أو معلبة  أو مجففة، وهي في كل الحالات لا تفقد من قيمتها التجارية أو الغذائية الشيء الكثير.

وتعتبر زراعة الخضار في محافظة درعا، واحدة من الزراعات الاقتصادية الهامة التي يعتمدها السكان لتحقيق الاكتفاء الذاتي أولاً، وكمصدر هام من مصادر الرزق من خلال تسويق الفائض ثانياً. وتمتلك محافظة درعا تربة خصبة وأجواء ملائمة لزراعة معظم الخضار الشتوية والصيفية.

وبهذا الصدد، يقول المهندس الزراعي، عدنان سلامة، إن مساحات لا يستهان بها  تخصص كل عام في درعا، لزراعة الخضار الموسمية وذلك رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي انعكست بشكل كبير على ارتفاع أسعار المواد الأولية والبذار والأسمدة والمحروقات وغيرها.

وأضاف سلامة أن مزارعي درعا يزرعون في كل عام مساحات جيدة بالخضار الشتوية المختلفة كالفول والكوسا والبازلاء والبقدونس والكزبرة والملفوف والزهرة وغيرها وذلك بهدف تأمين احتياجات المحافظة من هذه الخضار، هذا عدا عن  الخضار الصيفية التي يغلب عليها الطابع التجاري والاقتصادي، كالبطاطا والبندورة، التي تعد محافظة درعا رائدة في إنتاجهما.

وبخصوص زراعة البازلاء تحديداً، يقول المهندس، عبد الزراق المحمود، وهو أحد المزارعين أيضاً، إن المساحات المزروعة بهذه المادة وحسب التقديرات السنوية السابقة تبلغ نحو 20 ألف دونماً، يصل إنتاجها إلى مئات الأطنان، لافتاً إلى أن هذه الزراعة تتركز في منطقة حوض اليرموك وطفس ودرعا ونوى والمزيريب والأشعري والريف الشمالي، لكنها تنضج بشكل أبكر من غيرها  في مناطق حوض اليرموك بسبب الظروف الجوية  المناسبة.

ولفت إلى أن "شهر نيسان هو شهر جني محصول البازلاء الشتوية"، مشيراً إلى أن الحقول المزروعة بهذه المادة عادة ما تعج بالحركة والنشاط حيث تجد ورشات العمل تملأ السهول.

وأضاف أن "عمليات قطف محصول البازلاء تبدأ منذ ساعات الصباح الأولى وتنتهي مساءاً، وهي تؤمن مئات فرص العمل الموسمية للكثير من الشباب والفتيات والعائلات"، لافتاً إلى أن قطاف البازلاء يتم يدوياً، وهو لا يحتاج إلى جهد كبير حيث يمكن أن يشارك في قطافها الكبار والصغار والنساء والرجال.

وأشار إلى أن "العامل الموسمي يتقاضي يومياً وحسب نشاطه، ما بين 1000، و1500 ليرة، كأجر".

ويقول محمد، 17 عاماً، "بدأت العمل مع ورشات البازلاء منذ خمسة أيام، وأنا أحصل يومياً على ما بين 1000 و 1400 ليرة سورية، إذ يتقاضى العامل أجراً على العبوة /الفلينة/ زنة 10 كغ نحو 225 ليرة سورية، ويجمع كل واحد من 5 إلى  8 عبوات يومياً"، مشيراً إلى أنه يعمل ضمن ورشة مكونة من 50 شخصاً.

وتؤكد أم سامر، وهي أرملة تعيل أسرتها المكونة من خمسة أطفال، أنها تعمل في قطاف البازلاء مع كل أفراد أسرتها صغاراً و كباراً، لأن العمل مريح، لافتة إلى أن فترة  قطاف البازلاء الشتوية محدودة جداً، وهي "فرصة لتأمين بعض المبالغ التي تساعدنا على الإنفاق وتأمين بعض الاحتياجات الضرورية".

وأشارت إلى أنها تعمل مع ورشة منذ عدة أيام، وأن إنتاج أسرتها اليومي يتراوح ما بين 3 و4 آلاف ليرة سورية، الأمر الذي سيساعدها على شراء ملابس صيفية لأولادها، حسب وصفها.

فيما أكد عبد القادر العبد الله، وهو مزارع، أنه زرع نحو 15 دونماً بالبازلاء الشتوية، ويقوم الآن بقطاف المحصول، مشيراً إلى أن تكاليف الإنتاج عالية ومصاريفها كبيرة، وهي تخضع لعمليات العرض والطلب، لكنها مهما كانت أسعارها فهي في الغالب مربحة.

وقال إن تكلفة زراعة الدونم الواحد تصل إلى 75 ألف ليرة سورية، أما أرباحه وفق السعر الحالي 250 ليرة سورية للكغ، فقد تصل إلى 150 ألف ليرة سورية على الأقل، مشيراً إلى أن الدونم يحتاج إلى 20 كغ بذار وثلاث رشات بمواد المكافحة والأسمدة، إضافة إلى أجور حراثة ونقل وقطاف، وهو يعطي ما بين 450 و 800 كغ إذا تم الاعتناء به كما يجب.

وأضاف أن "كميات الإنتاج هذا العام قليلة، لأن الفلاح لم يشأ المغامرة بسبب الظروف التي تعيشها البلاد، ولعدم الوقوع في محظورات السنوات الماضية، حيث تكبد المزارعون خسائر كبيرة بسبب إغلاق الطرق ولعدم تمكنهم من نقل محاصيلهم إلى الأسواق"، لافتاً إلى أن الأسعار مازالت جيدة حيث يبلغ ثمن الكغ 250 ليرة سورية، ويصل إلى المستهلك بنحو 325 ليرة سورية.

وقال إن الكميات تنقل إلى أسواق الهال في طفس ونوى والمناطق الشرقية من المحافظة، كما وتنقل كميات من الإنتاج إلى أسواق  السويداء ودمشق بواسطة التجار ليتم استهلاكها أو تعليبها هناك.

ويؤكد أبو غانم، 65 عاماً، وهو مزارع، أن الزراعة حظ ونصيب ورزق من عند الله، لافتاً إلى أنه زرع خمسة دونمات بالبازلاء كعروة شتوية في أرضه المنخفضة على ضفاف وادي اليرموك، ربح منها أكثر من مليون ليرة سورية، وهو ما عوضه عن خسارته في محصول البندورة في العام الماضي، الذي لم يتمكن من تسويقه بسبب الحصار.

ولفت إلى أن زراعته كانت مبكرة كثيراً، وساعد في نضوجها حرارة الجو المعتدلة، وعدم مرور فترات صقيع، حيث أعطت ثمارها في شهر آذار، موضحاً أنه باع الكغ منها بنحو 500 ليرة سورية لعدم وجود كميات كبيرة من الإنتاج في السوق.

وأكد  أن نجاح هذه الزراعة يحتاج إلى خبرة وأجواء وحرارة مناسبة.

ترك تعليق

التعليق