souk online، قصة نجاح في التسويق الالكتروني.. أنجرته مهندسة سورية في ألمانيا


لم تكن المهندسة السورية "وئام عيسى" تتقن كلمة واحدة من اللغة الألمانية عندما حطّت الطائرة التي تقلها مع عائلتها في مدينة "دوسلدورف" الألمانية ذات يوم من عام 2014، ولكنها تمكنت بالجهد والمثابرة وخلال فترة وجيزة نسبياً أن تتقنها وتكسر حاجز الإندماج، وأن تنشىء موقعاً لبيع المنتجات السورية والشرقية على الانترنت باسم souk online حقق نجاحاً لافتاً خلال أشهر قليلة، رغم أن التجارة والتسويق بعيدان عن اختصاصها الجامعي.



تنحدر المهندسة وئام من مدينة دير عطية. درست في جامعة دمشق وتخرجت من كلية الهندسة المعمارية فيها عام 2010، وكانت آنذاك متزوجة ولديها طفلة، واضطرت للهجرة إلى مصر بسبب ظروف الحرب، ومنها لجأت مع عائلتها إلى ألمانيا لتسكن في بلدة "بيرغيش غلادباخ" التابعة لمدينة "دوسلدورف".



 وهناك –كما تروي لـ"اقتصاد"- واجهت مع زوجها صعوبات جمة في اللغة والاندماج خلال الأشهر الأولى من وصولهما، وبخاصة لدى مراجعة الدوائر الحكومية التي لم تكن تقبل التواصل معهما باللغة الإنكليزية. وتمكن الزوجان من إتباع كورسات لغة حتى أتما تعلمها خلال أشهر قليلة.


 وعملت المهندسة السورية بمساعدة آنسة اللغة مع الصليب الأحمر كمترجمة، وكانت ترافق العائلات والنساء للترجمة والمساعدة في الإجراءات القانونية، بينما عمل زوجها مترجماً متطوعاً في أماكن عدة، وآنذاك عملت وئام في مكتب تدريب هندسي ولكنها وجدت أن طريقها في الهندسة طويل مع وجود أطفال صغار لديها.



 وحاولت-كما تقول– الحصول على وظيفة رسمية في الترجمة ولكن دون جدوى، فقررت حينها أن تعمل شيئاً مختلفاً، بعيداً عن الملل والروتين، ولأن الكتب كانت بالنسبة لها كالأكل والشرب ولا تستطيع أن تعيش بدونها، فكرت بإيجاد كتب باللغة العربية في ألمانيا، وكان الهاجس الذي لا يفارقها–كما تقول- تعليم اللغة العربية لأطفالها وغيرهم من أبناء اللاجئين، ولذا نظّمت صفاً صغيراً ومتواضعاً لتعليمهم اللغة العربية أيام السبت، ومن هنا جاءت فكرة إيجاد كتب للكبار والصغار من خلال التسويق الإلكتروني.



 ولم تتمكن محدثتنا-كما تقول-من تطبيق الفكرة على الفور بسبب البيروقراطية الألمانية المشهورة، وكانت الفكرة إنشاء سوق إلكتروني يتضمن تأمين العديد من السلع والمواد إلى جانب الكتب، وبدأت المهندسة القادمة من ريف دمشق مشوار البحث عن المنتجات المطلوبة ومكاتب الشحن وهكذا تمكنت بميزانية محدودة لم تتجاوز 3 آلاف يورو من تأسيس المتجر الذي أطلقت عليه اسم Souk.online واستطاعت من خلاله تأمين بعض المواد غير الموجودة في ألمانيا من سوريا، كالموزاييك والحجابات وصابون الغار وديارة البيبي، وكتب وقصص وألعاب للأطفال، والصوابين الخاصة للعناية بالبشرة وغيرها، ومعظم هذه المواد كانت تأتي بها من سوريا ولبنان وبريطانيا عدا المتة من الأرجنتين، بالإضافة إلى تسويق بضائع التجار الموجودين في ألمانيا أو النساء اللواتي لديهن مجالات إبداعية ويعملن من المنزل بإعداد الهدايا أو غيرها من الأعمال الفنية اليدوية.


ولم تخْف وئام وجود صعوبات وعراقيل في عملها ومنها-كما تقول-عدم امتلاك خبرة علمية في مجال التجارة والتسويق، والمشاكل التقنية التي تواجهها دائماً إلى جانب كونها أم لثلاثة أطفال صغار، وبُعد المسافة بين مكان عملها ومنزلها مما يشعرها بالإرهاق أحياناً، ولكن زوجها–كما تؤكد- يدعمها ويساعدها على الدوام.



 وأعربت المسوّقة الناجحة عن تفاؤلها واستمتاعها بعملها لأن وجودها قرب الكتب وصناديق الموزاييك يشعرانها بقربها من الوطن الذي هجرته مع عائلتها مرغمة قبل أكثر من خمس سنوات وكان هاجسها وهدفها الأكبر–كما تقول– أن لا تقف عاجزة أمام محنة أبناء بلدها وتقديم ما يمكنها من مساعدة لهم.



 ولفتت وئام إلى أن الإقبال على المنتجات التي تسوقها جيد بالنسبة لموقع جديد كموقعها، مشيرة إلى أن ألعاب وكتب تعلم العربية للأطفال بالإضافة إلى الصابون، تحظى بالإقبال الأكبر لدى زبائن المتجر، رغم أن الكثير من الناس لم يعتادوا بعد على الشراء الإلكتروني ولا يثقون به، وهذا عائق ليس سهلاً، لذلك كان عليها أن تبني جسراً من الثقة مع زبائن متجرها الإلكتروني.


وأعربت محدثتنا عن طموحها بتوسيع مشروعها وأن تتمكن من الاستقلال كلياً عن مساعدات الـ"جوب سنتر" والبدء بمساعدة غيرها ودعم الجمعيات الخيرية في بلادها و أن تكون-كما تقول- سبباً في تغيير حياة ومستقبل الناس للأفضل من خلال نشر الكتب التي تبعث الأمل والعزيمة من جديد وتوضح أهمية التعايش وحب الخير للآخرين وتطوير المجتمعات والسلام.



ترك تعليق

التعليق