المُهجّرون في إدلب يروون حكاياتهم مع "سجاد" الشتاء


بالنسبة لآلاف المهجّرين الذين استقروا في المناطق المحررة شمالي سوريا، فإن متاعب الشتاء لا تنتهي.

يحاول سعيد وحسن وسمير وأبو توفيق، التغلب على إحدى مشاكل الشتاء والتي تتضمن الحصول على فرش البيت من السجاد والحصير والوسائد المناسبة، طلباً للدفء، مع حلول فصل البرد والزمهرير.

الرجال الأربعة قدموا خلال فترات متباعدة من مدن مختلفة في سوريا، إلى محافظة إدلب، حيث المنفى الأخير لمعظم ثوار المناطق الساخنة.

حسن، ذو الأربعين عاماً، قال لـ "اقتصاد" إنه بدأ عامه الثاني في إدلب. "هذا هو الشتاء الثاني. أحاول البحث عن حل مناسب للتغلب على برودة الشتاء في هذه المنطقة الجبلية. وكان أول ما اصطدمت به هو أسعار السجاد والفرش المرتفعة القيمة".

أسعار السجاد الباهظة جعلت حسن يبحث في العديد من مدن المنطقة عن القطع المستعملة. "كنت في حاجة لسجادتين من النوع المتوسط وبعد بحث طويل اشتريت الواحدة بـ 9 آلاف ليرة".


على العكس تماماً. لم تفلح رحلة البحث الطويلة لـ سعيد (35 عاماً)  في حصوله على بغيته من السجاد المستعمل. "إذا كان سعر السجاد الجديد غالياً فإن المستعمل أغلى"، يشدد سعيد، ويتابع: "بحثت طويلاً ولكن ما يتم عرضه من القطع المستعملة لا يكفي دخلي لأشهر طويلة، من أجل دفع ثمنه".

سعيد بابتسامته اللطيفة أردف قائلاً: "البائع قال لي منذ البداية، لدي قطع عديدة والثمن من 20 ألف ليرة وإنت طالع. لمست سجادة مصنوعة من الصوف ولما علمت أن قيمتها 60 ألف ليرة سحبت يدي بسرعة كأن عقرباً قرصتني".


في النهاية امتنع سعيد عن شراء أي سجادة مكتفياً بفرش أرضية بيته بالبطانيات التي حصل عليها من المنظمات الإنسانية، كما يقول.

الثلاثيني "سمير" قرر شراء ثلاث سجادات كبيرة لتغطية البيت الواسع الذي يعيش فيه. "الأسعار لا تطاق"، يتحدث سمير لـ "اقتصاد"، "لا يمكنك أن تجد سجادة كبيرة بأقل من 18 ألف ليرة. معك من هذا السعر إلى حدود الـ 50 ألف ليرة".

اشترى سمير ثلاث سجادات (طنعشاويات) من أحد محلات مدينة إدلب. "كانت السجادات أرخص المعروض في الأسواق ومع ذلك لا أزال مهموماً لهذا المال الذي اقتطعته من طعام أولادي".

يقول الرجال الثلاثة إن سبب المشكلة التي يواجهونها هو مغادرتهم للبيوت التي أقاموا فيها في الفترة الأولى لنزوحهم إذ كان الأهالي يعيرونهم كل ما يحتاجونه من فرش وسجاد وأوانٍ منزلية. ومع طول مدة النزوح طلب أصحاب البيوت منهم إخلاءها ليستأجروا بيوتاً جديدة خالية من العفش في أغلب الأحيان.


الحاج "أبو توفيق" كان أوفر المهجرين حظاً. "لم أحمل أي هم مع حلول الشتاء بالنسبة لتجهيز البيت"، يتحدث الكهل الخمسيني لـ "اقتصاد"، بينما بدت عليه علامات الرضا والسرور.

شكى أبو توفيق لأصحاب المنزل الذي يقطنه عدم توفر الفرش المناسب. "وعلى الفور حمل أصحاب النخوة ما توفر من وسائد وطراريح وحصير وسجاد وأتوا بها إلي".

يختم أبو توفيق: "كان سروري عظيماً لأنني بصراحة لا أملك ما يكفي من المال لشراء هذه الحاجات".

ترك تعليق

التعليق