خالد حبوباتي.. من نوادي القمار إلى رئاسة منظمة الهلال الأحمر السوري


تسليط الضوء على شخصية رجل الأعمال السوري، خالد حبوباتي، من الأهمية بمكان، ليس لناحية موقع الرجل المالي والاقتصادي، وإنما لناحية عقلية نظام الأسد، الذي سعى إبان فترة الانفتاح مع مجيء بشار الأسد إلى السلطة، إلى استقطاب الشخصيات المشبوهة، وإعطاءها أدواراً مركزية في عملية التنمية الاقتصادية كما يريدها النظام، والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى سرقة موارد البلد المالية والاقتصادية، وتقاسم عوائدها ضمن دائرة المصالح المتبادلة.

وخالد حبوباتي، هو أحد هذه الشخصيات التي وقع عليها الاختيار، لتلعب دوراً خطيراً، وغير مسبوق في المجتمع السوري، وكان ذلك في منتصف العام 2010، عندما بدأت الأوساط الاقتصادية تتداول خبراً مفاده أن تم الترخيص لكازينو في دمشق على طريق المطار، وعلى غرار كازينو لبنان، لألعاب القمار واللهو..

يومها وقع الخبر كالصاعقة على وسائل الإعلام، التي أخذت تتداوله بداية كشائعة بدون مصادر، ثم تبين أن الخبر حقيقي، وأن خالد حبوباتي حصل على ترخيص الكازينو، والذي جرى افتتاحه بالفعل نهاية العام 2010، لكن الملفت أن جميع الجهات الحكومية نفت إعطائه الترخيص بما فيها رئيس الوزراء آنذاك، محمد ناجي عطري، الذي تم استدعائه إلى مجلس الشعب بعد أن وصل الخبر لرجال الدين، الذين شنوا حملة كبيرة عليه، وقيل أنهم شكلوا وفداً برئاسة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي والتقوا بشار الأسد، الذي أمر بإغلاق الكازينو مع بداية أحداث الثورة السورية بالتزامن مع عودة المدرسات المنقبات المفصولات من التعليم إلى عملهم..

غير أن المفاجأة الكبرى، أن محمد ناجي عطري، نفى أمام مجلس الشعب، نفياً قاطعاً، أن يكون قد أعطى لخالد حبوباتي ترخيصاً لإنشاء كازينو، أو أن تكون أي جهة حكومية أخرى قد أعطته مثل هذا الترخيص.. فمن أعطاه الترخيص إذاً..؟!

لقد تبين فيما بعد، أن حبوباتي حصل على إيعاز من بشار الأسد لافتتاح مثل هذا الكازينو، ولم يستبعد الكثيرون أنه كان شريكاً معه، بحجة المحافظة على المال السوري داخل البلاد، لأن الكثير من رجال الأعمال كانوا يذهبون إلى كازينو لبنان بقصد لعب القمار، وكانوا يخسرون أموالاً طائلة هناك..

وقد جرى التغطية على الموضوع، من خلال تمرير معلومة لوسائل الإعلام بأن والد خالد، توفيق حبوباتي، كان يمتلك تراخيص لثلاثة كازينوهات في دمشق وريفها، وقد تم إغلاقها جميعاً من قبل حافظ الأسد في عام 1977، وأن خالد استعان بهذه التراخيص لإعادة تشغيل كازينو دمشق. وهكذا جرى طي الموضوع.

لكن بعد هذا العرض الطويل، لا بد أن الكثيرين يتساءلون من هو خالد حبوباتي..؟

ملف الشخصية

خالد حبوباتي، هو رجل أعمال دمشقي ومن أسرة ثرية، ويتم التعريف به باستمرار على أنه صهر رجل الأعمال الشهير، راتب الشلاح.

وهو كان يملك نادي الشرق وسط العاصمة دمشق، أحد أبرز المطاعم التي كانت ترتادها النخبة السورية من رجال الأعمال والمسؤولين الكبار والدبلوماسيين، وقد باعه في نهاية العام 2009 لرجال الأعمال موفق القداح.

أما عن دوره في دعم نظام الأسد، فهو وقف منذ البداية ضد ثورة الشعب السوري، وحاول النظام أن يستفيد من علاقاته الواسعة مع رجال الأعمال، الذين كان أغلبهم من رواد مطعمه، من أجل إقناعهم في دعم النظام، وبالذات ممن غادروا البلد.. ويروي مقربون من رجل الأعمال المعتقل في الإمارات فراس طلاس، أن حبوباتي قصده أكثر من مرة، وقدم له ضمانات بالعودة إلى سوريا وعودة جميع أمواله وأعماله إليه، مقابل الخروج علناً والاعتذار من النظام.. لكن طلاس رفض، ونفس الشيء فعل مع رجل الأعمال عماد غريواتي وموفق القداح وغيرهم ممن التزموا الحياد تجاه الحدث السوري.

تنظيف خالد حبوباتي وتلميعه

بعد الفضيحة التي لحقت بخالد حبوباتي، على إثر خبر افتتاحه لكازينو للعب القمار في دمشق، توارى عن الأخبار تماماً، وكذلك عن الظهور في المناسبات الاقتصادية الكبيرة، وقيل يومها إنه غادر سوريا ولا يزورها إلا خفية، إلى أن ظهر اسمه من جديد في العام 2016، عندما اختاره رئيس الوزراء عماد خميس، رئيساً لمنظمة الهلال الأحمر السوري، بدلاً من عبد الرحمن العطار، الذي أمضى أكثر من 25 عاماً من حياته رئيساً للمنظمة..

 وأشار متابعون، بأن اختيار حبوباتي لرئاسة هذه المنظمة الإنسانية والطبية، هي محاولة من بشار الأسد لتنظيفه وتلميعه بعد أن تسبب بتوسيخه وتلويث سمعته.. لكن جرى تداول الخبر على نطاق ضيق إعلامياً، خوفاً من أن يتذكر الناس، بعد هذه السنوات، بأن من يرأس أهم منظمة في سوريا، يجب أن تعنى بالشأن الإنساني، إنما هو رجل كان يمتلك كازينو للقمار وملهى ليلي لممارسة اللهو والدعارة.. لكننا من جهتنا، لم ننسى.. وها نحن نذكرهم من جديد..!!


ترك تعليق

التعليق