نصابون يعيثون فساداً في أملاك نازحي اللاذقية


تتعرض عقارات النازحين من منطقة الحفة وجبلة ومدينة اللاذقية، للسرقة بعقود بيع مزورة. يشترك بالفعل محامون ورجال من أصحاب السلطة ومنتفعون يتم توظيفهم لهذه الغاية، ويتم تثبيت العقود عن طريق المحاكم بقرارات قضائية.

عقود مزورة

 نزح عدد كبير من أبناء محافظة اللاذقية الذين يعارضون نظام بشار الأسد، وتركوا خلفهم منازلهم وممتلكاتهم دون حماية.

وجد الانتهازيون ورجال السلطة وبعض المحامين فرصة كبيرة للثراء عبر نقل ملكية هذه العقارات إلى أشخاص متواطئين أو حسني النية.

تواصل موقع "اقتصاد" مع المحامي "محمد، ع" الذي شرح عمليات نقل ملكية العقارات بالتزوير بقوله، "تمر عملية نقل ملكية النازحين بمراحل، تبدأ بالبحث عن العقارات المتروكة أو الشاغرة سواء كانت منازل أو أراض زراعية، وبعد ذلك يتم البحث عن أرقام العقارات، واستخراج وثائق عقارية تبين وضع العقار وملكيته ومساحته ونوعه ووضعه التنظيمي".

وأضاف المحامي: "يتم تنظيم عقد بيع مزور بين مالك العقار وأحد الأشخاص، ويوقع شاهدان، لكي يثبتا واقعة البيع الوهمية أمام المحكمة بحلف اليمين زوراً. كما يتم تضمين العقد عنواناً مختاراً للمالك الأساسي، وغالباً ما يكون عقاراً فارغاً أو مملوكاً لأحد المتواطئين في عملية البيع".

وأكد المحامي أن عملية التزوير تتم دائماً بتخطيط من أحد المحامين المعروفين بأعمالهم المخالفة للقانون، ويكون هو الرأس المدبر وصاحب المنفعة الأكبر، ويستخدم هؤلاء المحامين أشخاصاً يدفعون لهم مبالغ كبيرة لقاء خدماتهم، وهؤلاء يكونون واجهة للوقوف أمام المحاكم وتثبيت البيع.

وأشار المحامي إلى أن العمل القانوني يبدأ بعد إتمام عملية تزوير البيع من المالك الأصلي إلى المالك الوهمي.

واقعة بيع مزورة

اشترى "أبو العبد ح" منزلاً في إحدى بنايات مشروع الصليبة، وبدأت عملية الشراء بعد أن أرشده أحد المعارف إلى رجل يملك منزلاً ويريد بيعه بداعي السفر.

وذهب لمعاينة المنزل بعد أن اطلع على بيان القيد العقاري واكتشف أن العقار مملوكاً لسيدة وعليه إشارة تعود للشهر الحادي عشر من عام 2017 لصالح من يريد البيع.

اطمأن أبو العبد لهذا الأمر واشترى المنزل بمبلغ يعادل 11 مليون ليرة سورية وهو أقل من الثمن الحقيقي للعقار بمعدل النصف، وعلل البائع الأمر بخوفه من الاعتقال ورغبته بالخروج من البلد.

نظم عقد البيع في مكتب المحامي "علي . م"، وهو محامي البائع، وأكد له المحامي إمكانية إجراء نقل الملكية خلال شهرين فقط، نظراً لعدم وجود تعقيدات، واختصار الوقت بالتعاون مع موظفين وقضاة في المحكمة وكل ما يحتاجه هو إجراء توكيل قضائي، كما تكفل البائع بأتعاب المحامي ومصاريف نقل الملكية على أن تخصم من المبلغ المتبقي.

دفع نصف الثمن واستلم المنزل فوراً من البائع وبدأ بإجراء بعض الإصلاحات به، وبينما هو يقوم بالإصلاح حضرت امرأة إلى المنزل تستفسر عما يجري، فأخبرها أنه قد اشترى المنزل، وهنا أخبرته أن المنزل هو ملك لأختها وأن أختها قد غادرت البلد منذ عام 2012 ولم تبعه لأحد.

المجرم جبان والمشكلة في القانون

توجه أبو العبد فوراً إلى مكتب المحامي "محمد ع" وأخبره بالقصة وأعطاه العقود، اكتشف المحامي فوراً عملية التزوير عند رؤيته للبصمات على العقد المزور، مع استحالة أن تكون البصمة عائدة للمالكة الأصلية نظراً لكبر حجمها.

تم حل القضية فوراً باتصال المحامي "محمد" مع المحامي "علي" وتمت إعادة المبلغ مع ما دفعه أبو العبد على الإصلاحات التي أجراها في المنزل، وأخذ تصريح من البائع وبتوقيع المحامي "علي" التصريح كشاهد بأن العقد مزور، وسلم "أبو العبد" المنزل إلى أخت المالكة الحقيقية.
أكد مصدر خاص في محكمة الحفة لـ "اقتصاد" وجود عدد لا بأس به من دعاوى نقل ملكية لعقارات تعود ملكيتها لنازحين من منطقة الحفة.

وأضاف المصدر: "نحن نعلم أن قسماً من هذه العقود مزورة ولكن لا نملك حيالها شيئاً فكل الإجراءات قانونية".

وأضاف: "بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية يتم وضع قرارات القضاء في دائرة التنفيذ ويتم نقل الملكية وفقاً للقانون".

وأكد أنه لا سبيل لفسخ نقل الملكية لصعوبة إثبات تواطؤ المشتري الثاني مع المزور، وقد يتم نقل الملكية لأكثر من شخص على التوالي.

ولا يبق أمام المالك الأصلي سوى الإدعاء على المزور الأول والشهود جزائياً، ومطالبتهم بالتعويض بما يعادل ثمن العقار والأضرار المادية والمعنوية.

ترك تعليق

التعليق