التاجر محمد غسان القلاع الذي افتتح مؤتمر سوتشي.. دلالات ورموز


وسط الضجيج والانتقادات التي أحاطت بمؤتمر سوتشي، لم يلتفت أحد إلى رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، محمد غسان القلاع، الذي وقع عليه الاختيار لافتتاح المؤتمر من بين كل المشاركين، فهو لم يثر اهتمام أحد من المعارضة، على الرغم من أنه من الموالين للنظام، ومن الذين عملوا على دعمه بكل ما أوتي من دهاء تجاري واقتصادي.. فما السبب..؟، وهل كان لهذا الاختيار دلالات من قبل النظام..؟

في البداية، لا بد أن نشير إلى أن طبقة التجار ورجال الأعمال التقليديين، من أبناء دمشق تحديداً، نجحوا في إقناع الشعب السوري، بأنهم أقرب للحياد، وبأنه لا يعنيهم كثيراً طبيعة النظام الذي يحكم سوريا، لأنهم بمنأى عن السلطة السياسية، ولا يفهمون سوى بالتجارة. لكنهم بنفس الوقت نجحوا في تحييد دمشق عن الانخراط بالثورة بشكل واسع، وحتى أنهم لعبوا دوراً كبيراً في إيقاف الهجوم الذي كانت تخطط له المعارضة منذ العام 2012، لاقتحام المدينة والسيطرة عليها.

لقد لعبوا هذا الدور، من خلال معاذ الخطيب عندما تولى رئاسة الائتلاف، إذ أنهم ضغطوا عليه، وزاره محمد حمشو وعدد من التجار في مقر الائتلاف في القاهرة، ليخرج بعدها الخطيب معلنا أنه لا يؤيد أي هجوم عسكري للمعارضة على دمشق وأنه يفضل الحوار، ويومها وجه رسالته الشهيرة التي خاطب بها بشار الأسد مستعطفاً: انظر في عيون أولادك.. إلخ.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء، إلى زمن حافظ أسد، نجد أن هذا الأخير، هو من كرس هذا الدور الذي يقوم به تجار دمشق حالياً، من خلال عزلهم عن الحياة السياسية كاملة في البلاد، مقابل الحرية التجارية والاقتصادية، وهم من جهتهم رضوا بهذا الدور، الذي سمح لهم بإرضاء كافة أقطاب المجتمع، والنظر إليهم بالفعل على أنهم حياديون..

عندما بدأت الثورة السورية في العام 2011، هناك من نصح بشار الأسد بعدم الزج بفئتين من مجتمع دمشق، بأي نشاط سياسي مباشر وفي أي اتجاه، مثلما كان يفعل والده، وهما رجال الدين وطبقة التجار، لكن بشار لم يسمع النصيحة، وقام بالزج برجال الدين، وكانت النتيجة أن انقلبت عليه أسماء كبيرة ومهمة في هذا المجال، منهم محمد راتب النابلسي وكريم راجح وأسامة الرفاعي وغيرهم الكثير.. أما بالنسبة للتجار، فقد تم استدعائهم إلى فروع الأمن وطلب منهم القيام بدور دعائي إلى جانب النظام، لكنهم هم من نصحوه أن يبعدهم عن هذا العمل المباشر، لأن ذلك سوف يكون في صالحه في النهاية.. وهو ما حدث بالفعل.

لذلك عندما ظهر التاجر محمد غسان القلاع، مفتتحاً مؤتمر سوتشي، لم يشعر أحد من المعارضة بأي مشكلة بالأمر، بل ربما أحسن البعض، بأن النظام اختار شخصية حيادية، وأنه بالفعل، يمد يد المصالحة للمعارضة.

ويرى الكثير من المراقبين، بأن طبقة التجار في دمشق، ليست بمنأى عن المشهد السياسي الكلي في سوريا، فهي المعول عليها حتى اليوم، أن تلعب دوراً كبيراً في المرحلة القادمة، وذلك إذا ما تم التوصل إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي..

أغلب الظن أنها ستكون الواجهة الأهم لهذه الهيئة.. لأنها باختصار، لم تشبح مع النظام بشكل علني، كما أنه لم يثبت للمعارضة أنها غير ذلك.

ترك تعليق

التعليق