رسالة من وحي "قيامة الغوطة"


تكاد أسابيعٌ ثلاثة تكتمل على امتحانِ الغوطةِ الأصعب.

أبنيةٌ تنهارُ ويدفن الناس في أقبيتها أحياء.

أجساد تحترق في الطرقات، "في تمثّل حقيقي لا مجازي لامتحان أصحاب الأخدود".

ثكالى ويتامى وأرامل ومفجوعون، يزدادون مع كل دورة لعقرب الساعة الأطول.

أطباء يصونهم الله عن الانهيار ويثبت قلوبهم أمام سيلٍ من الجراحات والإصابات التي لا يحتمل معاينة آلامها قلب.

مجاهدون يواجهون كل ما في خزائن عدوهم من جبروتٍ وقوّةٍ على بساطة ما في أيديهم من أدوات الدفع.

إشاعاتٌ تنتشر.. وخلايا تستيقظ.. ومتعبون تضعف نفوسهم.

هرجٌ ومرجٌ يزيده ضعف تواصلٍ وتبيانٍ للوضع على الجبهات.

ثمّ ماذا بعد..

ما زال الناس في أغلبهم يستيقظون مفوضين أمرهم لله.

يتواصون بالحقّ ويتواصون بالصبر.

ما زال الصوت الأعلى هو صوت الصمود.

ما زال الشباب يذيقون عدوهم بحول الله وقوته طعم الموت والهزيمة بعد كل تقدم يحرزه على الجبهات، ليردوه عنه صاغراً حتى بات إعلامه يختلق الصور كذباً معتمداً على جهل حاضنته بمناطق الغوطة ليبرر لهم حجم المقتلة في صفوفه.

ما زال الأطفال في الأقبيةِ يكبرون أضعاف أعمارهم ليصبح المتوسط العام للرجولة في الغوطة لا يتجاوز التاسعة.

ما زال الدعاء يزاحم الشهداء صاعداً في السماء.

رأيتُ أناساً تضعفُ في مواجهةِ ظروفٍ تهز رواسي الجبال.

ولكنني أشهدُ الله أنني ما رأيت ولا سمعت ساخطاً على الله.

والظنّ بالله خير سبحانه.

ففي الغوطة اليوم بإذن الله، الناس بين شهيدٍ مستوفٍ لأجره كاملاً بين يدي ربه، وبين منتظرٍ من خلفهِ معلقٌ قلبه بين السماء بنعيمها، وبين الأرض بنصرها.

دعواتكم لأهلها بالثبات إخواني..

ترك تعليق

التعليق