مع التلاشي التدريجي للدعم الأمريكي.. قمح المحرر في درعا لا يُباع للنظام، تحت طائلة المصادرة


أكدت الفعاليات العسكرية والقضائية والمدنية، في المناطق المحررة من محافظة درعا، على ضرورة بيع إنتاج مادة القمح للموسم الحالي، لمؤسسات المناطق المحررة حصرياً، وعدم السماح ببيعها في مناطق النظام، وذلك لتلافي أي نقص قد يطرأ على مادة الخبز في المناطق المحررة مستقبلاً.

وأشار تعميم صادر عن مجلس القضاء الأعلى في حوران، موجه إلى الفعاليات العسكرية الحرة في مناطق المحافظة، والحواجز التابعة لها، إلى ضرورة منع إدخال القمح إلى مناطق النظام، ومصادرة السيارات الناقلة وحمولتها، في حال عدم الانصياع إلى فحوى التعميم.

وأشار المهندس الزراعي قاسم الأحمد، إلى أن هذا الإجراء يأتي في إطار تأمين مادة القمح لصناعة الخبز في المنطقة الجنوبية، وذلك بعد قرار منظمة (فاب) الأمريكية الأخير، بوقف دعم المنطقة الجنوبية بمادة الدقيق بشكل تدريجي، اعتباراً من شهر نيسان، على أن يتوقف الدعم بشكل كامل مع انتهاء العام الحالي 2018.

ولفت الأحمد إلى أن الجنوب السوري سيدخل في أزمة رغيف في حال توقف الدعم المقدم للمنطقة من المنظمات الدولية، مشيراً إلى أن كميات القمح المنتجة في المحافظة، لا تكفي احتياجات السكان، بعد التراجع الكبير في الإنتاج، نتيجة تقلص المساحات المزروعة، وانخفاضها إلى أقل من النصف، مع تواتر الأعمال القتالية في المنطقة، وهجرة آلاف المزارعين عن أراضيهم.

وبيّن الأحمد أن إنتاج المحافظة السنوي من مادة القمح، كان يصل إلى ما بين 85 و110 آلاف طن قبل الثورة، لكنه تراجع إلى أقل من 40 ألف طن سنوياً للأسباب آنفة الذكر.

وأوضح أن احتياجات المحافظة السنوية من مادة الطحين كان يتم تأمينها قبل الثورة، من خلال إنتاج مطاحن درعا، وعن طريق مؤسسات النظام. لكن منذ بداية الثورة، أصبح يتم استجرار هذه المادة عن طريق المنظمات الداعمة، عبر الأردن، حيث تدخل كميات الطحين المخصصة بشكل أسبوعي إلى محافظتي درعا والقنيطرة، لافتاً إلى أن عبور هذه المادة، تعرض لعدة انتكاسات، وتوقف أكثر من مرة بالتزامن مع اشتداد المعارك على حدود الدولتين، سوريا والأردن.

وأشار إلى أن القمح الحوراني، الذي يتميز بقساوته، لا يصلح وحده لإنتاج الخبز المتعارف عليه، بل يجب خلطه مع نوعيات أخرى طرية، لافتاً إلى أن القمح الحوراني يعتمد بشكل خاص، في إنتاج البسكويت والمعكرونة والحلويات كونه مناسب لمثل هذه الصناعات.

وأضاف أن محافظة درعا تحتاج على وضعها السكاني الحالي الذي يبلغ أقل من 600 ألف نسمة، إلى نحو 24 ألف طن من الدقيق سنوياً الأمر الذي سيتسبب بنقص حاد بمادة الخبز، في حال توقفت المنظمات الداعمة عن تأمين هذه المادة.

وأشار إلى أن مجلس محافظة درعا رفع مؤخراً سعر ربطة الخبز المدعوم بنحو 25 ليرة سورية، وذلك بعيد تقليص حجم كميات الطحين الذي كانت تقدمه (فاب) إلى وحدة تنسيق الدعم في المنطقة، لافتاً إلى أن أسعار الخبز سترتفع بشكل كبير، إذا ما توقفت المنظمات المانحة عن تقديم الطحين.

وحول حالة محصول القمح، أشار المهندس الزراعي صلاح الدين المحمود، إلى أن محصول القمح تعرض لجملة من العوامل الطبيعية التي ستسهم على ما يبدو بخفض الإنتاج، كماً ونوعاً، مقارنة مع العام الماضي.

وأشار إلى أن من أهم العوامل الطبيعية التي انعكست سلباً على واقع محصول القمح، قلة كميات الهطل المطري خلال الموسم الحالي، وعدم توزعها بشكل منتظم على مراحل نمو النبات، إضافة إلى أن هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال شهري نيسان وأيار، وأثناء دخول نبات القمح فترة اليباس والتسبيل، انعكس سلباً على جودة الإنتاج.

ولفت إلى أن الإنتاج المتوقع هذا العام، سيكون أقل من 40 ألف طن على مستوى المحافظة، في حين تقدر مؤسسات النظام أن الإنتاج المتوقع سيتجاوز الخمسين ألف طن.

من جهته أكد "أبو فياض"، 58 عاماً، وهو مزارع من ريف درعا الغربي، أن محصول القمح هذا الموسم ليس كما يرام نتيجة الأمطار الأخيرة التي سقطت متأخرة، لافتاً إلى أنه سيكون سعيداً إذا تمكن من تحصيل رأسماله الذي وضعه في الأرض.

وأضاف أنه سيبيع محصوله لمؤسسات مجلس محافظة درعا الحرة، ولو بسعر أقل عن أسعار النظام والسوق السوداء، مبيناً أن ذلك أقل مساهمة منه يمكن أن يقدمها للمؤسسات الثورية.

وقال: "النظام يتعامل معنا كأعداء، ويقصفنا ليل نهار، واستقدم كل شذاذ الأرض لمساعدته على قتلنا، فكيف نبيعه محصولنا؟".

وقال: "أعلم أن زراعة القمح أصبحت خاسرة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية من أسمدة وبذار وأجور نقل وحراثة وحصاد، لكن تعودنا أن يكون القمح أحد محاصيلنا الأساسية، لأنه هو الذي ينقذنا من الجوع، وخاصة في ظروف الحرب التي تعيشها البلاد، وظروف الحصار التي عشناها أكثر من مرة أكبر دليل على ذلك".

النظام في سبيل الاستحواذ على إنتاج الفلاحين من مادة القمح، وضع أسعار استجرار مرتفعة هذا العام، ما سيصعب على المؤسسات الثورية الدخول معه في منافسة سعرية، بسبب ضعف الإمكانات المادية، وتراجع الدعم المقدم لها من المنظمات الداعمة.

مصادر مطلعة، أشارت إلى أن النظام رفع سعر طن القمح خلال الموسم الحالي، من 140 ألف ليرة سورية إلى نحو 175 ألف ليرة سورية، وهو ما يصل إلى ضعف سعر الطن في العام الماضي، تقريباً.


ترك تعليق

التعليق