طرطوس.. تمرد على النظام في المكتب التنفيذي للاتحاد السكني


رفض المكتب التنفيذي التعاوني السكني في طرطوس تنفيذ قرارين بإسقاط عضوية وحلّ المكتب في نهاية شهر أيار الماضي، وامتنع عن تسليم الأوراق والمستندات والأختام، وذلك خشية اكتشاف السرقات والتلاعب بالأسماء والأرقام.

شبهات كثيرة تدور حول الاتحاد التعاوني السكني بطرطوس، وكان مدير المكتب التنفيذي مدعوماً من قبل جهات نافذة تصل إلى آل الأسد، الأمر الذي وفر له الحماية لسنوات طويلة.

عانى المكتتبون على السكن من تأخر الجمعيات التعاونية السكنية التي تتبع للاتحاد عن تسليم الشقق السكنية إلى مستحقيها، مع ظهور حالات تلاعب بالأسماء وتقديم وتأخير خلال السنوات الماضية.
 
كذلك تم اكتشاف حالات تزوير كبيرة في الإيصالات من قبل لجان الرقابة والتفتيش ولم يحرك أحد ساكناً لهذا الأمر.

علم موقع "اقتصاد" من مصدر خاص أن حجم الاختلاس خلال عشرين عاماً الماضية بلغ عشرات ملايين الليرات السورية وتزوير آلاف من الإيصالات الرسمية.

ولكن وبعد أن استفحل أمر الفساد وأصبح علنياً تعذر التغطية على المسؤولين في المكتب من قبل داعميهم وشركائهم في الأموال المسروقة، وتم التخلي عنهم وإحالة أمرهم إلى الوزير المعني بالأمر، وهو وزير الأشغال العامة والإسكان، مع تعليمات باتخاذ الإجراءات المناسبة.

وعلى الفور أصدر الوزير قراراً يقضي بإسقاط عضوية رئيس المكتب ونائبه، وحل المكتب التنفيذي وتشكيل مكتب مؤقت لتسيير الأعمال.

وفي خطوة مفاجئة أعلن رئيس المكتب ونائبه والمحاسب عن تمردهم ورفضهم التنفيذ.

ومع صدور قرار عن النيابة العامة في طرطوس بفتح المكتب، واستلام المحاضر والمحتويات والآليات بموجب محاضر رسمية، تحت إشراف القضاء، وبمؤازرة القوى الشرطية وبعلم الجهات الأمنية، عمد مدير المكتب ونائبه والمحاسب إلى سرقة السجلات الرسمية والمحاضر وسيارة المكتب والفرار على جهة مجهولة.  

جاء قرار النيابة استجابة لكتاب من المحافظ في الثالث عشر من الشهر الحالي لتسليم مدير وأعضاء المكتب المؤقت لمهامهم، ولاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتمكينهم من دخول مقر الاتحاد.

وبحسب مصدر مقرب من مدير المكتب السابق فإنه قد امتنع عن التنفيذ لوجود عيب قانوني بالقرار الصادر عن الوزير، وأن مدير المكتب قد خاطب الوزير وهو ينتظر الرد.

ولكن "اقتصاد" حصل على معلومات من جهات خاصة أكدت أن الأمر تم بمعرفة من جهات أمنية داعمة للمكتب المنحل، وهناك تدخل من إدارة الأمن السياسي بدمشق لحل القضية ودّياً وعدم ملاحقة أعضاء المكتب السابقين.

تأتي هذه الحادثة لتصب النار على الزيت الذي يكاد يشتعل في طرطوس، فحقوق المواطنين الذين ينتظرون الحصول على منازلهم أصبحت في مهب الريح، وقد دفعوا قسماً كبيراً من ثمنها منذ أكثر من عشرة أعوام.

كما وتأتي هذه الحادثة لتكشف الفساد الكبير الذي يتغلغل في معظم أجهزة الدولة، ويؤكد الترابط بين الجهات المتنفذة المدنية والجهات الأمنية المكلفة بمتابعة الفساد والفاسدين.

وليتبين أن فساداً متغلغلاً في دائرة صغيرة استمر 20عاماً، ونجم عنه اختلاس أموال الناس واستغلالهم من قبل عدة أشخاص، ولم يتمكن أحد من كشف فسادهم برغم وضوحه، وعلى الرغم من تقديم عدد كبير من الشكاوى من قبل المتضررين لتأخير أسمائهم وتقديم أسماء بديلة عنهم، وفصل عدد منهم والامتناع عن إعادة مستحقاتهم إليهم بحجة عدم توفر السيولة، لأن هناك جهة داعمة لهم، ويدفعون لها قسماً مما يسرقونه، ولأن الجهات الأمنية المختصة تأخذ حصتها بشكل دوري.

ترك تعليق

التعليق