كيف يحارب النظام اقتصاد ريف اللاذقية المحرر؟


لم يكتف نظام الأسد بتدمير ريف اللاذقية، بل يريد القضاء على أي أمل باستمرار الحياة في المنطقة، لذلك يستمر بقصف بساتين المنطقة وإشعال الحرائق في الحقول مع اقتراب موسم قطاف التفاح والخوخ، ويستهدف أي مدني يتوجه إلى أرضه.

تنوع المحاصيل

 المنطقة الممتدة من ريف اللاذقية وحتى مدينة جسر الشغور كانت المنطقة الأكثر إنتاجاً للتفاح والخوخ في سوريا، ويتميز إنتاجها بالجودة والقدرة على مقاومة الآفات نتيجة الطبيعة الجبلية ووقوعها بين المنطقة المطرية الأولى والثانية، "حسب تصنيف هطول الأمطار".

ويضاف إليها انتشار أشجار "الجوز، اللوز، التين، العنب، الأجاص، السفرجل، التوت، المانغا، الزيتون"، وتعتبر من المحاصيل الثانوية أو للاكتفاء الذاتي.

كما كان يزرع سكان المنطقة كافة أنواع الخضروات "بندورة، فليفلة، كوسا، باذنجان، بصل، ثوم، ملوخية، فاصولياء" لتأمين حاجاتهم على الأقل، وبيع ما يفيض عنهم، وبالإضافة إلى ذلك كانت تنتشر زراعة التبغ في المنطقة كمصدر لا بأس به من الدخل بالنسبة للأسر الفقيرة التي لا تملك أرضاً، حيث كانوا يزرعونه في بساتين الجوار أو الأقرباء بمقابل أو بدون مقابل حسب العلاقة الشخصية.

تهميش اقتصادي

تغير أسلوب حياة أبناء نواحي كنسبا وسلمى وربيعة منذ دخول زراعة الفواكه إلى المنطقة، وتحول اقتصادهم الذي كان يعتمد على الحبوب وزراعة الدخان إلى الأشجار المثمرة، وأصبحت هذه المنطقة المنتج الأول والأقدم لتأمين كافة أنواع التفاح إلى كل أنحاء سوريا، بالإضافة إلى السويداء ومنطقة القلمون الغربي. وكانت هذه المنطقة تؤمن حاجة المنطقة الشمالية والغربية من سوريا رغم ضيق مساحتها الجغرافية، وكان إنتاجها يتميز بالجودة وارتفاع نسبة السكريات لاعتمادهم على مياه الأمطار فقط.

عانت هذه المنطقة في عهد آل الأسد من التهميش الاقتصادي الكامل، بينما كان أهلها يراقبون الدعم الكامل لمنتجي البرتقال واستصلاح الأراضي مجاناً في منطقتي جبلة والقرداحة. فكانت المنطقة تعاني من نقص مياه الري، وكان نظام الأسد يضخ مياه سد تشرين التي تتجمع فيه ومصدرها جبلي الأكراد والتركمان إلى قرى جبلة والقرداحة لمسافات تتعدى مئات الكيلومترات.

تدمير الحياة

مع انطلاقة الثورة حاول نظام الأسد القضاء الكامل على مورد رزق سكان ريف اللاذقية وجسر الشغور الغربي، لإجبار السكان على النزوح وترك المنطقة خالية من السكان لكي يسهل دخوله إليها.

ومع ذلك فقد استمر السكان باستثمار أراضيهم وبساتينهم متحملين مخاطر القصف والاستهداف المستمر.

ومنذ بداية هذا الشهر، ومع اقتراب موسم قطاف الخوخ والتفاح، تحاول قوات الأسد المتواجدة في التلال القريبة من المناطق المحررة منع الأهالي من استثمار ما تبقى من أراضيهم، فهم يعمدون إلى رصد الطرقات الأساسية والفرعية واستهداف أي مدني يمر عليها ولو كان راجلاً. كما تعمد إلى قصف الحقول والبساتين بالقنابل العنقودية بواسطة الصواريخ وحواضن الطائرات.

بالإضافة إلى ذلك استخدم النظام، خلال الأيام الأخيرة ومع ارتفاع درجة الحرارة وتيبس الأعشاب البرية، قذائف الفوسفور الحارقة والسامة، وأشعل الحرائق التي أتت على مساحات واسعة من البساتين المشجرة بأشجار التفاح في بلدات بداما والكندة والناجية ومرعند.

ورغم كل محاولات النظام لمنع المواطنين من الاستفادة من محاصيلهم ما يزال الناس متمسكين بتحصيل ما يستطيعون من مواسمهم، ويتعاونون مع عناصر الدفاع المدني على إطفاء الحرائق الدائمة التي يتسبب بها النظام، ومازالوا يكافحون للاعتناء بحقولهم، متحملين مخاطر الموت قتلاً بالقصف أو بانفجار الألغام العنقودية التي زرعها إجرام الأسد بين منازلهم وحقولهم.




ترك تعليق

التعليق