حوض اليرموك.. خسائر مليونية، ورائحة الموت تفوح من كل مكان


تكبد أهالي قرى حوض اليرموك في ريف درعا الجنوبي الغربي، خسائر اقتصادية فادحة، وذلك نتيجة الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام على "جيش خالد بن الوليد"، المبايع لتنظيم الدولة، والذي كان يتخذ من منطقة حوض اليرموك عند الحدود السورية -الأردنية -الفلسطينية المشتركة، معقلاَ رئيسياً له.

وأشار مصدر مطلع من المنطقة، إلى أن الحملة العسكرية على "جيش خالد ابن الوليد"، والمستمرة منذ أكثر من عشرة أيام، استخدمت فيها قوات النظام والقوات الحليفة لها مختلف صنوف الأسلحة الحربية، الأرضية والجوية، ما تسبب بدمار هائل في ممتلكات السكان ومشاريع البنى التحتية في قرى وبلدات الحوض.

وأضاف المصدر أن قوات النظام، اتبعت في حملتها العسكرية على المنطقة، سياسة "الأرض المحروقة" بالمعنى الحرفي للكلمة، معتمدةً  في ذلك، حرب إبادة حقيقية طالت البشر والضرع والحجر، موضحاً أن عدداً من قرى الحوض سُوي معظمها بالأرض.

ولفت المصدر إلى أن رائحة الموت تفوح من كل مكان، في تلك المنطقة، نتيجة الدمار الهائل والخراب، الذي طال أيضاً الأشجار المثمرة، مشيراً إلى أن عشرات حقول الزيتون، ومئات الأشجار المثمرة، اقتُلعت من أماكنها، إضافة إلى انتشار جثث عشرات الأبقار والأغنام والخيول النافقة، في شوارع القرى، بفعل الحرب.

ويقول "أبو محمد"، 55 عاماً، وهو أحد سكان قرى حوض اليرموك، "هربت من قريتي بسبب قوة الضربات التي تعرضت لها القرية على يد قوات الأسد. وعندما عدت بعد إخراج مقاتلي (داعش) منها، لم أجد سوى ركاماً لمنزلي, فتعاونت مع أولادي وسحبنا بعض الأغراض السليمة لعلنا نستفيد منها".

وأضاف أن "المنازل شبه السليمة من القصف، كلها نهبت وعفشت ولم تترك قوات النظام، و(قوات النمر) التي شاركت في المعركة، أي شي من محتوياتها لأصحابها".

ولفت إلى أن التجهيزات المنزلية، التي لم تعجب قوات النظام، عمدوا إلى تخريبها، سواء عن طريق تحطيمها، أو عن طريق إطلاق الرصاص عليها، موضحاً أن ممارسات تلك القوات البربرية، أعادت معظم السكان إلى نقطة الصفر، وذهب معها تعب وشقاء عشرات السنوات في مهب الريح.

ويقول "أبو عثمان"، 47 عاماً، "لم تكتف قوات النظام بتدمير القرى والبلدات في منطقة الحوض، وتعفيش وسرقة محتويات منازل السكان، بل لاحقتهم إلى مخيمات النزوح في الأودية والسهول البعيدة، وفرضت عليهم حصاراً خانقاً، واستهدفت خيامهم بمختلف صنوف الأسلحة، ما تسبب بمجازر، راح ضحيتها عائلات نازحة بين أفرادها أطفال ونساء".
 
وأضاف أن تلك القوات، صادرت كل ما نقلته تلك الأسر إلى الأودية، من سيارات ودراجات نارية ومصاغات ذهبية ومبالغ مادية وثروة حيوانية، وسمحت بخروج الأهالي من الأودية إلى بيوتهم دون حمل أي شي معهم، لافتاً إلى أن تلك القوات، اعتقلت عشرات النازحين بتهمة الانتماء لتنظيم "الدولة الإسلامية"، واقتادتهم إلى أقبية مخابراتها.

ويقول "أبو أشير"، 39 عاماً، "صادروا سيارتي، ومصاغ زوجتي الذهبي، وكل ما أملك من مال، وعندما عدت إلى منزلي، وجدته مخرباً بشكل جزئي، لكن كل محتوياته منهوبة"، لافتاً إلى أن المسروقات تقدر بعشرات الملايين السورية.

فيما أكد "أبو عصام"، 50 عاماً، وهو مربي ثروة حيوانية، أن ما يطلق عليها قوات "النمر" صادرت له أكثر من 300 رأس غنم، وخمس بقرات، إضافة إلى جرار زراعي وصهريج ماء، مشيراً إلى أن من يعترض على ممارساتهم مصيره القتل بدم بارد.

فيما أكد "أبو سليمان"، 58 عاماً، وهو موظف سابق، أن عناصر بلباس عسكري طردوه من بيته ولم يسمحوا له بالدخول إليه حتى  ينتهوا من تعفيشه، لافتاً إلى أنه بلع لسانه وخرج من منزله صاغراً، وعندما عاد في اليوم التالي وجد النيران مشتعلة بما تبقى من محتوياته.

وأضاف باكياً أنه عاجز عن وصف هذه الممارسات، التي أقل ما يقال عنها، أنها لا إنسانية.
 
يشار إلى أن محافظة درعا تشهد حملة عسكرية نظمتها قوات النظام مدعومة بالطيران الروسي، وبعض المواقف السياسية لبعض دول المنطقة، انطلقت في التاسع من شهر حزيران الماضي، وهدفت إلى إعادة الجنوب السوري إلى سلطة النظام، سواء عن طريق القوة العسكرية، أو عن طريق التسويات. وهو ما حصل بالفعل.


ترك تعليق

التعليق