"جنديرس" بعفرين.. نشاط اقتصادي في المدينة، وركود في عشرات القرى


تزدحم بلدة جِنديرس التابعة لمنطقة عفرين شمال غرب مدينة حلب، بالسكان، كما فتحت المحلات التجارية أبوابها وامتلأت البلدة بعشرات متاجر الأطعمة والحلويات، حيث تعج البلدة، التي تديرها فصائل المعارضة تحت إشراف من الحكومة التركية، بحركة سكانية وتجارية ملحوظة. في المقابل، تعاني عشرات القرى الصغيرة التابعة لجنديرس من ركود اقتصادي تسببت به حالة التوجس التي يعيشها السكان الأصليون داخل القرى.

في شهر آذار/مارس 2018 سيطرت قوات المعارضة على بلدة جنديرس ضمن عملية (غصن الزيتون) التي أطلقتها تركيا للسيطرة على عفرين، وهرب مقاتلو (pyd) النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني (pkk) باتجاه مناطق سيطرة الاكراد في الجزيرة وفي الشيخ مقصود بمدينة حلب.

يقول "أبو حسن" وهو أحد مهجري الغوطة الشرقية والذي تمكن من الحصول على بيت في جنديرس "الوضع هنا مستقر حالياً. كما ترى هناك عشرات المحلات التجارية وأغلب البيوت سكنت من قبل مهجرين أو حتى السكان الأصليين الذين لم يهربوا مع القوات الكردية".

مرت مجموعة من الشاحنات التركية أمام المتجر الذي افتتحه أبو حسن منذ عدة أسابيع. كانت الشاحنات تحمل عشرات الجدران الإسمنتية قادمة من معبر الحمام العسكري -يقع في بلدة الحمام إحدى ضواحي جنديرس- إلى إحدى الدوائر التي تشرف عليها المعارضة بالتعاون مع القوات التركية.

أمام مكتبه العقاري يتحدث "خليل" عن وضع البيوت السكنية في جنديرس، "الإيجارات تتراوح بين 15 و20 ألف ليرة لكن الكثير من البيوت تسكن دون مقابل".

أتى أحد الزبائن وهو مهجر من الغوطة الغربية وسأل صاحب المكتب عن شقة للإيجار."لا يوجد حالياً أي منزل جاهز، بإمكانك المجيء بعد عدة أيام وسيكون طلبك متوفراً". يجيب خليل لكن علامة عدم الارتياح كانت ظاهرة على وجهه.

بعد ذهاب الزبون يعلق خليل، "المشكلة هنا تتمثل في سيطرة الفصائل. بعد دخولهم اقتسموا عشرات البيوت ومنحوها لمعارفهم وأفراد كتائبهم. لذا لا يمكننا ممارسة مهنتنا بحرية كافية".

على عكس النشاط الواضح في بلدة جنديرس لا يمكن ملاحظة أي حركة اقتصادية في القرى التابعة لها.

الفصائل العسكرية التي سيطرت على الناحية اقتسمت القرى أيضاً. وتصطف الحواجز العسكرية بدءاً من دير بلوط وحتى عشرات الضيع التي لا يتجاوز تعداد سكان كل منها أكثر من 600 نسمة.

في قرية دير بلوط يوجد كل 100 متر تقريباً حاجز عسكري يتبع لأحد الفصائل، أما في قرية النسرية فهناك حواجز لجيش إدلب الحر، بينما تسيطر أحرار الشرقية على حواجز قرية حج اسكندر.

تقول إحدى نساء قرية دير بلوط "لا توجد أي حركة هنا الجميع متوجس من هذه الحواجز".

بعد توقف القتال في القرية بشهرين افتتحت هذه السيدة متجراً متواضعاً لبيع الماء والمشروبات وبسكويت الأطفال. لا يمكن أن تتجاوز قيمة البضاعة المتوفرة في المتجر أكثر من 20 ألف ليرة (45 دولار) ومع ذلك تبدو حركة البيع ضعيفة.

تتابع السيدة التي طلبت مشاركتها في تناول القهوة بحفاوة واضحة، "سكان عفرين بشكل عام لم يعتادوا على الحرب، منذ سنوات ونحن نعيش في استقرار لكن المعركة الماضية أدت لحالة من الخوف بين السكان".

قبل "غصن الزيتون" كان أغلبية سكان جنديرس وقراها من الكرد مع وجود بعض العرب. واليوم تضم هذه الناحية مختلف أبناء المحافظات السورية مع ضعف في تواجد الكرد في مركز الناحية، وملاحظتهم في عشرات القرى المتاخمة.

ترك تعليق

التعليق