نفق الصناعات السرّية قرب تدمر.. (الفصل الحادي عشر من "الترليونير السوري")


وصل موكبه في رحلة دامت أقل من ساعتين. كانت سيارات رادار خاصة ترافق الموكب مهمتها التشويش على أي رقابة لأقمار صناعية مُسلطة على قصره في الربوة بدمشق، حيث خرج الموكب.

ترجل من سيارته المرسيدس المصفّحة، وخطا خطوات وئيدة يتشرّب كل ما حوله بشبق ونشوة خفيّة. كان الموكب قد دخل منشأة صناعية نفطية، لكنها لم تكن منشأة نفطية بالفعل، كانت منشأة للتمويه. دخل إحدى عنابر المنشأة، وفي إحدى جوانب العنبر الأسطواني، المغطى، ووراء عدد من الخزانات حيث تدخل حيزاً من الفراغ من مدخل ضيق لا يتسع لمرور أكثر من شخص واحد، تجد فتحة في الأرض، كان غطاؤها مفتوحاً، وتؤدي إلى درج حديدي مائل، في عمق الأرض، ساعده أحد مرافقيه على هبوطه، ليصبح أخيراً داخل منشأته الأثيرة.

وبعد مسيرة دامت ربع ساعة في نفق جدرانه من الصلب، وتغطي فوانيسٌ جانبيه حيث لا معالم تميز الغاية منه، لمن لا يعرفها، يصل جمال ومرافقوه إلى جدار سدّ، يفتح أحد مرافقيه المقربين لوحة حديدية في الجدار، لتكشف عن عدد من الأزرار، يُدخل جمال كلمات سرّ، ويضغط بإبهامه على زر آخر، ليرتفع الجدار بعرض 5 أمتار وارتفاع مترين، كاشفاً عن مصعد ضخم، دخلوا فيه، فهبط بهم على الأقل 5 طوابق تحت الأرض. فُتح باب المصعد، بعد أن وصل وجهته، ليُبصر جمال ثلاثة رجال يبتسمون مرحبين، تقدم إليهم، وتبادلوا التحيات، كان الثلاثة على الترتيب، المسؤول الأمني عن المنشأة، ومسؤول التصنيع العسكري فيها، وأخيراً، مسؤول البحث والتطوير العلمي.

تجول جمال في تلك المنشأة المخفية على عمق 20 متراً تحت الأرض. يفصل بينها وبين سطح الأرض، مكونات تفجيرية عالية الحساسية مهمتها التفاعل مع أي صاروخ يمكن أن يحاول اختراق السقف، لتفجيره قبل الوصول إلى المنشأة. تتضمن المكونات التفجيرية تلك، مواد مُفجِّرة، وأخرى مُثبطة للتفجير، بحيث أن الأولى تفجّر الصاروخ حالما يخترق السطح الأول للمنشأة، الذي يلامس سطح الأرض، فيما تعمل المواد المثبطة للتفجير، على تدارك التفجير والحد منه قدر المستطاع. وبذلك، يمكن ضمان عدم وصول أي صاروخ قادر على اختراق الأعماق، إلى السطح الثاني للمنشأة، الذي يقع تحت طبقات الحماية التي تفصلها عن سطح الأرض.

على امتداد 10 كيلومترات، أنشأ جمال بسرّية فائقة، منشأة مهمتها تطوير أبحاث التصنيع العسكري. جمع من أجلها جُلّ العلماء السوريين، وبعض العلماء العرب، وقلّة من العلماء الأجانب الذين تم شراء بعضهم بالمال، وضمان ولائهم وفق إجراءات أمنية مشددة للغاية.

كان جميع العاملين في المنشأة يعلمون أنهم يخضعون لمراقبة دائمة، لكنهم لا يعرفون كيفيتها. سبق أن أعلم المسؤول الأمني للمنشأة بعضهم بمعلومات عن حياتهم الشخصية مع أسرهم، علمها عبر أجهزة مراقبة ترصد حياتهم، لكنهم لا يعرفون أين وضعت تلك الأجهزة، ولا آلية عملها. كان أي عالم يتم اجتذابه للعمل في المنشأة، يتم إعلامه بأن الكشف عن أي معلومة تخصها، مهما كانت ضئيلة، معناه الموت، وبالفعل، سبق أن لقي عدد من العلماء حتفهم في ظروف غامضة، أثارت الكثير من الجدل الإعلامي حينها، فيما كانت أجهزة المخابرات الغربية، والإسرائيلية، تتابع بشغف أي خيط يصلها بحالات الوفاة الغامضة تلك، فيما كان الجهاز الأمني المسؤول عن المنشأة يستكمل عملية الردع النفسي لثلة من العلماء النُجباء، الذين يعملون فيها، كي يدركوا أن الكشف عن أي معلومة لها صلة بتلك المنشأة، ولو هفواً، سيكلف الشخص حياته. مقابل ذلك، كان أولئك العلماء يحيون حياة مترفة للغاية، وعائلاتهم تحظى برعاية فائقة جداً، لكنها عناية مرفقة بسيطرة وتحكم كبير من قبل الجهاز الأمني المكلف بمراقبة أولئك العلماء.

جمع جمال عبر فريق متخصص، علماء مميزين للغاية، جذب غالبيتهم من السوريين بإغراء العمل في مشروع يخدم بلادهم، وجلّهم من الدراسين والعاملين في منشآت بحثية وعلمية غربية.

بعضهم اجتذبه فريق جمال بإغراء المال، وكان الإغراء يصبح أعلى كلما كان العالم أكثر تميزاً.

وكان الغطاء لتلك العملية دوماً، هو نشاط جمال الاستثماري في مجال بحوث علمية ذات استخدامات اقتصادية مُربحة. لكن ذلك لم يكن ليُريح دوائر استخباراتية غربية وإسرائيلية وإقليمية، إلا أن أياً منها لم يستطع تقديم أدلة جازمة لقياداته تثبت وجود نشاط بحثي مريب يقوده جمال الدمشقي في سوريا.

تقع تلك المنشأة في نقطة ما بين تدمر وحمص، قرب مواقع نفطية جفّ معظمها، وكان ذلك هو الغطاء لتأسيس منشأة نفطية للبحث والتطوير في ذلك المكان، فيما كانت الحقيقة مختلفة تماماً.

بدأ العمل على تلك المنشأة منذ صيف العام 2032، وعلى مدار ثمان سنوات، تطورت بسرعة هائلة، وصرف جمال أكثر من 300 مليار دولار لترسيخ عمليات الإنشاء والبنية التحتية فيها، وكذلك، عمليات التجهيز بأحدث المعدات التي تم جلبها بطرق عدة ملتوية ومختلفة، وصولاً إلى تكاليف البحث اليومية الباهظة. وتقدر الميزانية الشهرية للمنشأة تلك، بأكثر من 300 مليون دولار.

كان جمال يهيم في عالم هذه المنشأة كلما زارها، كل ثلاثة أشهر، للإطلاع على آخر التطورات فيها. كان التقدم ملحوظاً، وكان الفريق الأمني، وكذلك الإداري المكلف فيها، قد تمكن من تجاوز مرحلة الردع والإرهاب للعاملين في المنشأة، لضمان تكتمهم على نشاطاتهم فيها، ليصلوا إلى مرحلة خلق مجتمع متكامل، يشعر معه العامل في المنشأة بالانتماء، إذ أن أي مشكلة شخصية يواجهها العامل في تلك المنشأة، تتم معالجتها مباشرة، مهما كانت مكلفة، حتى المشكلات الشخصية، بل حتى الخلافات الزوجية، يحاول فريق من الدعم النفسي للعاملين التدخل بطرق ناعمة، لحلها، ومساعدة العامل على تحقيق أكبر قدر من الاستقرار النفسي في حياته. وكانت الغاية الأخيرة، ضمان أكبر سرية ممكنة للعمل في المنشأة، بالتزامن مع ضمان أكبر قدر من الإنتاجية فيها.

يحظى العاملون في المنشأة، خاصة من السوريين والعرب، الذين يشكلون الأغلبية الكبرى، تحفيزاً وتعبئة معنوية عالية، تزيد من همتهم، فيما يتم استهداف العناصر الأجنبية العاملة في المنشأة، بمحاولات تجنيد عقائدي وفكري، حسب توجهات وميول كل شخص منهم، في معالجات منفردة، كل منها على حدى.

أثناء جولته، وصل جمال إلى حيزٍ يعملون فيه بجدٍ كبيرٍ على تصنيع أول طائرة نفاثة عسكرية، تضاهي أحدث التصاميم الأمريكية. كانت نسخ من تصاميم لطائرات عسكرية أمريكية قد تم شراؤها في عمليات اختراق تطلبت سنوات من العمل، ويتم الآن، بالاستعانة، بخبير أمريكي، حانق على حكومته، العمل على استنساخها في محاولات جادة للغاية.

وفي حيزٍ آخر، كانت الجهود اقتربت من أن تُكلل بتصنيع أول دبابة على طراز أحدث الدبابات الروسية، بمساعدة خبراء روس، بعضهم اعتنق الإسلام، وبعضهم جُذب بإغراء المال.

أما في أحب حيزٍ إلى نفسه، تطلب الأمر لباساً خاصاً مرفقاً بخوذة واقية وقفازات وجزمة خاصة، كي يدخل جمال إلى المفاعل النووي الذي يجري العمل عليه سريعاً، بعد أن قطع مراحل متقدمة منذ أربع سنوات وحتى الآن، همس مدير المفاعل في أذنه، بعد أن خرجوا، "أصبح جاهزاً لتحقيق الغاية منه".

برقت عينا جمال، لكنه يريد دراسة الخطوة بتأنٍ عالٍ جداً، فدخول النادي النووي، بقدر ما يمنح حصانات ردعية للدول، بقدر ما يسبب لها، في معظم الأحيان، متاعب جمّة. لكن ذلك لم يمنعه من الجزم بضرورة امتلاك تلك التقنية، وذلك السلاح، إلا أن الإعلان عنه يجب أن يكون في التوقيت المناسب تماماً.

في نهاية جولة مطوّلة، وصل جمال إلى الحيز الذي وصل فيه العمل إلى أكثر المراحل تطوراً، بحيث باتت الغاية منه مكتملة، إنه الحيز الذي تُصنع فيه أصناف خمسة من الصواريخ، الأولى، هي مضادات الطيران، بأنواعها، والثانية، هي مضادات الدروع، أيضاً بأنواعها، والثالثة، هي صواريخ (أرض، بحر)، والرابعة، هي الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بأنواعها، والخامسة، هي الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، القادرة على حمل رؤوس غير تقليدية، والتي تغطي المدى الإسرائيلي بأكمله، حسب ما أكد له الخبراء المسؤولون.

تمت تجربة أصناف أربعة من تلك الصواريخ في عمليات تدريبية تم التمويه عليها بصعوبة بالغة. أما الصنف الخامس، فكان جمال بصدد حضور عملية تجريبه، وكانت الخشية عالية في ألا تنجح عمليات التشويش على التجربة، في إخفائها عن الأقمار الصناعية العديدة المخصصة لرصد الأجواء والتراب السوري، بما فيها القمر الصناعي الإسرائيلي الذي أُطلق خصيصاً لهذه الغاية منذ ثلاث سنوات.

كان الإسرائيليون واثقون أن جمال يملك مشروعاً يتجاوز كرسي الحكم الذي لم يجلس عليه رسمياً. ابتعاده عن المناصب العلنية، جعلت الإسرائيليين على قناعة بأن هذا الرجل لا يطمح لأن يكون رئيساً أو ملكاً متوجاً، فهو يمتلك القدرة على تحقيق ذلك، لكنه لم يفعل، وفضّل البقاء وراء الكواليس. وفيما يعرف العالم أجمع بأن الحاكم الفعلي لسوريا اليوم، هو جمال الدمشقي، يقبع الأخير بعيداً عن الظهور العلني، إلا ما ندر، فيما تتولى سلطة تنفيذية، فيها رئيس، ونائب رئيس، وحكومة، مسؤولية إدارة البلاد، أمام الواجهة.

لكن المخاوف الإسرائيلية لم تكن لتجد تقبّلاً كافياً لدى الدوائر الغربية، التي لم تكن تثق الثقة المطلقة بـ جمال، لكنها كانت تراه بمنظار آخر، كما أنها كانت قد لُدعت من جحر التعنت الإسرائيلي أكثر من مرة. إذ تحمّل دوائر النخب الغربية، إسرائيل، وداعميها في بلدانهم، مسؤولية الضغط على الغرب لفترة طويلة، من أجل الإبقاء على بشار الأسد لأطول فترة ممكنة، لضمان أكبر قدر ممكن من الاهتراء في سوريا، وأكبر قدر ممكن من الاستنزاف للإيرانيين والشيعة، والجهاديين، فيها. كانت إسرائيل تضغط باستمرار على دوائر صنع القرار في الغرب لضمان استمرار الحرب الأهلية في سوريا لأكبر قدر ممكن من الزمن، وكلما كانت التطورات في سوريا تدفع دوائر صنع القرار الغربية إلى التفكير بحل جدّي ينهي تلك الدوامة من العنف لتجنب تداعياتها المنعكسة على بلدان الغرب ذاته، كانت إسرائيل تتدخل للضغط عبر عملائها في بلدان الغرب، لضمان عدم إزاحة الأسد، أو إنهاء الحرب الدائرة هناك.. إلى أن فلتت الأمور من زمام سيطرة الجميع، وانسحبت إيران، لتترك سوريا لـ "داعش"، التي تحول جزء كبير من قياداتها، من أتباع لأجهزة مخابرات عديدة، إلى متمردين على تلك الأجهزة، وكان "المارد" الذي أخرجه الأسد ونظراؤه في العراق، من "القمقم"، قد أفلت تماماً عن السيطرة، ونال من نظام الأسد ذاته، ومن نظرائه في العراق، في بداية الأمر، قبل أن ينال من إيران ذاتها لاحقاً، ويهدد الغرب والدول الإقليمية الحليفة له في المنطقة، بصورة وجودية مباشرة، أصبحت معه إسرائيل ذاتها في مرمى حجر ذلك التهديد.

لذلك، حينما ظهر جمال الدمشقي، وتدرج سريعاً في سلم النفوذ والقدرة على التأثير والتحكم، قبل أن يستعيد دمشق من الدواعش، كانت دوائر النخب الغربية قد وجدت فيه حليفاً يستحق كل دعم وتقدير، لإعادة الاستقرار إلى سوريا والعراق، وإزالة التهديد عن كل حلفاء الغرب في المنطقة، بل وإزالة التهديد عن الغرب ذاته، الذي استهدفه "داعش" في عقر داره أكثر من مرة، واستهدف مصالحه.

كانت دوائر النخب الغربية على قناعة بإمكانية الوصول إلى تسويات مع جمال الدمشقي، تضمن الأمن والسلام لإسرائيل، فيما كانت الأخيرة مرتاعة من وجود شخص يعمل ليلاً نهاراً على تأسيس دولة ذات أسس راسخة عسكرياً وعلمياً واقتصادياً، ومجتمعياً وسياسياً.. يعيد لها ألقها، بل ويضاعفه مرات، مقارنة بما كانت عليه قبل العام 2011.

لكن المخاوف الإسرائيلية لم تكن تلقى أي تقبّل لدى صانعي القرار الغربي، الذين طلبوا أدلة مادية جازمة تماماً، بوجود مشاريع مريبة وخطرة على أمن إسرائيل، في جعبة جمال الدمشقي.. وبغير ذلك، لن تقبل تلك الدوائر اتخاذ أي إجراء مع رجل، تشابكت مصالحهم معه، مادياً وسياسياً وأمنياً، بصورة لم تعد قابلة للفكاك.

ولم تستطع المخابرات الإسرائيلية، ولا دوائر مخابراتية غربية مقربة منها، من الوصول، حتى الآن، إلى أي دليل مادي جازم، بوجود مشروع يهدد أمن إسرائيل، يديره جمال الدمشقي في سوريا، أو خارجها.

في هذه الأثناء، كان جمال يتابع تطوير مشروعه الفريد، واليوم يشهد تجربة لصاروخ بالستي يستهدف إصابة بقرة في أقصى نقطة قرب مثلث الحدود السورية – العراقية – التركية، في أقصى الشمال الشرقي، لاختبار المدى الذي يمكن للصاروخ أن يغطيه، ومقدار دقته.

جلس جمال أمام لوحة تحكم معقدة، فيما كان قمر صناعي من مجموعة الرصد الفضائية التابعة له، يستعد لنقل رحلة الصاروخ على الهواء مباشرة. وضغط المسؤول على الزر المعني، وانطلق الصاروخ البالستي، وتابع جمال في بث مباشر رحلته، وخلال عشر دقائق، هوى الصاروخ على البقرة المسكينة بدقة عالية مسبباً تفجيراً هائلاً في مساحة جرداء، كانت قد أحيطت بإجراءات أمنية مشددة، كي لا يشهد أحد ما حدث.

في اليوم التالي، قال موقع الكتروني إسرائيلي، يُحتسب على أجهزة المخابرات، أن شهود عيان من الجانب الآخر من الحدود التركية، لمحوا آثار تفجير ضخم، علت نيرانه ودخانه إلى ارتفاعات عالية في السماء، داخل الأراضي السورية. قبل ذلك بساعات، كانت صحيفة مقربة من جمال الدمشقي قد كشفت ما وُصف بأنه تسريب، عن تفجير ضخم وقع في منشأة نفطية قرب الحدود التركية - العراقية، وسط تكتم من السلطات لإخفاء حقيقة الخسائر البشرية والمادية. وطالبت الصحيفة بمحاسبة الحكومة التي تمتنع عن الكشف بشفافية عن الحقائق المثيرة للجدل، والأخطاء الجسيمة، حال وقوعها.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الشعب بدمشق عن جلسة لمناقشة ما سُرّب من معلومات بخصوص التفجير في المنشأة النفطية، مطالباً الحكومة بالكشف عن الحقائق بشفافية، فيما طالب نواب في المجلس بضرورة الإسراع للاستغناء الكامل عن الحاجة للنفط، بعد أن باتت الطاقة البديلة بأنواعها، قادرة على تأمين متطلبات الحياة المعيشية والاقتصادية والصناعية في البلاد.

وكانت الشركة الوحيدة التي تقدم متطلبات الطاقة البديلة، بجدوى اقتصادية عالية، من زيوت مستخرجة من نباتات معينة، وطاقة شمسية مخزنة في بطاريات، ومكثفة بصورة عالية، كانت الشركة الوحيدة التي تقدمها في البلاد، تعود ملكيتها إلى مجموعة الدمشقي القابضة. وبدأ النقاش جدياً في أوساط النخبة السياسية والتشريعية السورية، بضرورة وقف كل المشاريع النفطية في البلاد، للحفاظ على البيئة، وقطع الشوط الأخير المتبقي من الاعتماد الكلي على الطاقة البديلة، بعد أن وصلت سوريا إلى اعتماد جزئي بنسبة تتجاوز الـ 60%، على تلك الطاقة.

تلقت دوائر استخباراتية وبحثية غربية تقارير إسرائيلية مستعجلة تتحدث عن تجربة صاروخ بالستي، تمت في سوريا، لكنها لم تحصل على رصد خاص بها لتلك التجربة، وقد وصلتها تقارير عديدة من سفاراتها في دمشق، تتحدث عن الضجة الإعلامية والسياسية التي أعقبت الكشف عن تفجير في منشأة نفطية، تكتمت الحكومة على خسائره، فأهملت الدوائر الغربية التقارير الإسرائيلية، وأرجعتها إلى حالة المبالغة الدائمة لدى الإسرائيليين، لأي شيء يتعلق بـ جمال الدمشقي.

***

في اليوم التالي للتجربة الصاروخية الناجحة، عقد جمال لقاءً سرياً مع الصف الأول من القيادات الأمنية والعسكرية في البلاد، في قبو على عمق سبعة طوابق تحت مبنى هيئة الأركان السورية، في ساحة الأمويين بدمشق.

حضر الاجتماع، رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، وهيئة أركان الجيش، وقادة الألوية الرئيسية، إلى جانب قادة الأجهزة الأمنية السبعة المتواجدة في البلاد، بحضور مستشار سياسي مقرّب من جمال مسؤول عن تنسيق العلاقة بين أعضاء هذه الخلية الضيقة المسؤولة عن قيادة البلاد، سياسياً وأمنياً وعسكرياً.

كان كل شخص في تلك الخلية يعلم أن جمال هو الحاكم الفعلي للبلاد، وكان رئيس الجمهورية ونائبه، يدينان بالولاء لـ جمال، فهما من قيادات حزبه، "حزب الوسط"، الذي نال الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية في العام 2039، قبل أن يتربعا على سدّة الرئاسة، في انتخابات رئاسية أُجريت في نفس العام.

كان عدد من القيادات الجهادية ذات الخلفية العسكرية، في صفوف تلك الدائرة الضيقة في رأس هرم القيادة الأمنية والعسكرية للبلاد. كما تضم تلك الدائرة قيادات عسكرية مخضرمة، كثير منها ابتُعث للدراسة المتخصصة في جامعات عسكرية غربية، بتمويل من جمال، منذ أكثر من عقد ونصف، حينما كان جمال يطوّر جيشه الصغير تدريجياً في لبنان، تحت عنوان مكافحة غزو "داعش"، والتجهيز لاستعادة دمشق.

ورغم أهمية تلك الدائرة الضيقة في قيادة البلاد، إلا أن جمال كان قد أعدّ دائرتين أخريتين، أولى تضم قيادات الصف الثاني في الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية وقيادات سياسية من حزب الوسط الذي يقوده جمال، وثانية تضم قيادات الصف الثالث في تلك المؤسسات أيضاً. وكانت إدارة الدائرتين الثانية والثالثة، موكلة لمستشارين عسكريين وأمنيين موضع ثقة عالية من جانب جمال.

كان جمال الدمشقي يُحكم قبضته على هرمية معقدة، وفق نظام الدوائر الثلاث، الدائرة الأولى، التي تضم قيادات النخبة في الصف الأول، بما فيهم رئيس الجمهورية ونائبه، والدائرة الثانية التي تضم قيادات الصف الثاني، والدائرة الثالثة التي تضم قيادات الصف الثالث.

كان أي قرار على أعلى مستوى يصدر، تتلقى الدوائر الثلاث الأوامر بتنفيذه من داخل دوائرها. فحينما يصدر جمال قراره للدائرة الأولى، الأعلى، دائرة النخبة في الصف الأول، يصدر في ذات الحين، أوامر للدائرتين الثانية والثالثة، بتنفيذ الأوامر الصادرة من دائرة الصف الأول. ولا يجب على قيادات الدائرتين الثانية والثالثة تنفيذ أوامر الدائرة الأولى، إلا حين إخطارها بذلك، من قياداتها المباشرة الخاصة بها، المرتبطة مباشرة بـ جمال. بمعنى آخر، رغم أن رئيس أركان الجيش السوري، نظرياً، هو الآمر العسكري على الرتب الأدنى منه، إلا أن أوامره لا تنفّذ إلا إن صدرت عن جمال. وكان جمال قد أعد بروتوكولاً متفقاً عليه بين قيادات النخبة، في الدائرة الأولى، وأُعلمت به قيادات الدائرتين الثانية والثالثة، أنه، في حال غياب جمال أو عجزه عن العمل، فإن القيادة الكلية تعود لشخص رئيس الجمهورية، شريطة عدم مخالفة الرئيس للنص الدستوري المعتمد في البلاد. وفي حال قام الرئيس بأي فعل يُنبئ برغبته في فرض سيطرته المطلقة على البلاد، من خلال تجاهل البنود الدستورية الناظمة لصلاحياته، يجب على الدوائر الثلاث، الأولى والثانية والثالثة، ألا تُطيعه، وتؤول قيادة البلاد حينها، إلى نائب رئيس الجمهورية. وإن صدر عن الأخير نفس الخطر الصادر عن الأول، تؤول قيادة البلاد إلى رئيس مجلس الشعب المُنتخب.

كان جمال يؤسس لنظام سياسي، تكون السلطة شبه المطلقة، فيه، في يده، على أن تؤول بعد غيابه لمؤسسات، يعتقد جمال أنها ستكون في ذلك الوقت، إن كُتب له طُول العمر، في حالٍ من النضج الذي يُتيح لها تحمل مسؤولياتها كاملة في حكم ديمقراطي شفاف ونزيه، يستند إلى قوة النخبة التي يُديرها حزب الوسط الذي أسسه، وفق قناعته التليدة، بأن الدول تحكمها نخب كلما كانت فعّالة ومتماسكة، كلما كُتب لتلك الدول المزيد من الاستقرار والازدهار.

كان جمال يبرر لنفسه تأسيس تلك الدولة وفق مبدأ السيطرة المطلقة لشخصه، من منطلق أنها دولة وليدة، فالدولة التي عرفتها سوريا قبل الثورة، تهالكت خلال عشر سنوات من الحرب الشعواء التي شنها بشار الأسد على الثائرين، وانهارت تماماً مع الغزو الداعشي لـ دمشق، حتى أصبحت من الماضي التليد.

تلك الدولة الوليدة التي يؤسسها جمال، يجب أن تحظى في بداياتها بمركزية عالية، وبقيادة فعّالة، إلى أن تستقر أركانها، وتترسخ المعادلات الحاكمة للعلاقات بين تلك الأركان، بما يضمن ألا تطغى مؤسسة على أخرى، وألا يتهدد الفوضى بنيانها.

وبعد أمد، يأمل جمال أن يُتاح له تجاوزه، يراهن جمال مستقبلاً على ترك قطار تلك الدولة يسير دون توجيه، وسط رقابة منه، وليس إدارة مباشرة مركزية. يراهن جمال أن يأتي اليوم الذي يأمله قريباً، والذي يتقاعد فيه، ويبتعد بصورة شبه كاملة عن مهامه، ويرقب من بعيد سير تلك الدولة، وأن يتدخل إن اضطر الأمر فقط، على أن يصل النضج في أدائها وعلاقات أركانها إلى المستوى المطلوب كي تصبح دولة مؤسسات مستقرة، تحكمها نخبة مرنة وفعّالة ومتجددة أيضاً.

وكان جمال يراهن في خضم كل ذلك، على تمرير جرعات الديمقراطية رويداً رويداً، للشارع السوري، وللمؤسسات، وللنخبة أيضاً، بحيث يتعلم الجميع كيفية التعامل معها، ويتقن لعبتها، إلى أن يصبح صندوق الاقتراع الحكم الأمثل بينهم.

كان جمال يرى في نفسه الوصي على السوريين في تنفيذ تلك المسيرة باتجاه دولة مؤسسات ديمقراطية على النمط الغربي، مع مراعاة خصوصية المجتمع السوري. لكنه في الوقت نفسه، كان يراهن على عدم إعلان ذلك بصورة وقحة. وإن كان الجميع يعلم أنه الممسك عملياً بزمام السيطرة في البلاد، إلا أن الخطاب الموجه للشارع، والذي يفيد بأن خياره المُعبّر عنه في صندوق الاقتراع هو من يقود المسيرة في البلاد، سيتأتى مع الزمن عن ثقة لدى السوريين بأنفسهم، وبقدرتهم على إدارة زمام أمورهم، وبأن خياراتهم الانتخابية تحدد مصيرهم، فيؤسس ذلك لوقت يأمل جمال أن يشهده، تكون فيه إدارة البلاد، بالفعل، في قبضة الممثلين الشرعيين للسوريين، وليس في قبضته هو نفسه. وإن كان جمال الدمشقي، من الناحية العملية، يتمتع بالمشروعية الشعبية لقيادة البلاد، بحكم كل المؤشرات الاستطلاعية والانتخابية التي تؤكد شعبيته الجارفة في الشارع السوري.

***

بدأ الاجتماع بعرض جمال الدمشقي لآخر التطورات المتعلقة بموضوع الساعة، المواجهة العسكرية المُرتقبة مع إسرائيل. كان جميع الحاضرين في الدائرة الأولى من نخبة الصف الأول في قيادات البلاد، يعلم لماذا يُعقد هذا الاجتماع، وحول ماذا سيدور النقاش.

قال لهم جمال، بحضور مسؤول التصنيع العسكري المسؤول عن منشأة البحث والتطوير قرب تدمر، أن تجربة الصاروخ البالستي نجحت، وأنه يمكن استخدامه في أي مواجهة مقبلة، لكنه لا يحبذ ذلك، لا يحبذ الكشف عن كل مقدرات الجيش السوري دفعةً واحدةً.

وبعد جولة من النقاش، عرض كل مسؤول تصوراته لشكل المواجهة، والأدوات التي ستُستخدم فيها، وتلك التي يجب عدم الكشف عن امتلاكها.. خلص الاجتماع إلى اتفاق بين مختلف القادة على ضرورة استخدام صواريخ بالستية، لأسباب ردعية.

وبيّن أحد المسؤولين العسكريين وجهة نظر أقنعت جمال، أن الإسرائيليين سيعتمدون في هجومهم الأول على الطيران، "وحينما يُفاجئون بامتلاكنا صواريخ مضادة للطيران، وتتساقط طائراتهم، سيلجؤون لاستخدام الصواريخ البالستية بعيدة المدى، ولأنهم لا يملكون معلومات استخباراتية كافية تتيح لهم استهداف منشآت عسكرية، بحكم التشويش الدائم على رقابة أقمارهم الصناعية، وكون خلاياهم التجسسية الفاعلة على الأرض، مكشوفة، ومُخترقة من المخابرات السورية، فإنهم سيضطرون إلى ضرب تلك الصواريخ بصورة أقرب إلى العشوائية، قد توقع خسائر بشرية كبيرة جداً، لذا يجب تحذيرهم من ذلك علناً، بأن استهداف المدنيين خط أحمر، وأنه سيلقى رداً مماثلاً، بحيث يصبح المدنيون الإسرائيليون غير محصنين، ويجب لتأكيد امتلاكنا القدرة على تنفيذ تهديداتنا، استخدام صواريخ بالستية، وضربها على أهداف تكون الخسائر البشرية فيها قليلة، داخل العمق الإسرائيلي، لتكون رسالة ردعية، تضمن أن تنهار كل خططهم وأدواتهم دفعة واحدة، ويشعرون بالعجز، فيتراجعون عن قرار الحرب في أسرع وقت".

اقتنع جمال بطرح المسؤول العسكري، ووافقه جميع القادة الأمنيين والعسكريين، لكن جمال أكد أنه يريد أن تستمر الحرب "إلى أن نحصل على كامل الجولان، ونصل إلى ضفاف بحيرة طبريا". ووافقه القادة على ذلك، وأكد العسكريون منهم امتلاك ألوية المشاة القدرة على ذلك، وسريعاً، خاصة أنهم يتوقعون انهياراً كلياً في معنويات الجيش الإسرائيلي، حالما يكتشفون أن سلاحي الطيران والصواريخ، تم تحييدهم، بحيث أن المواجهة ستكون برية، دون أي غطاء جوي أو صاروخي. ومع امتلاك الجيش السوري لتفاصيل استخباراتية دقيقة عن التحصنيات العسكرية الإسرائيلية في الجولان، يصبح اقتحامها مسألة بضعة أيام فقط، وقبل أن تتأتى الجهود الدبلوماسية الدولية، التي ستنطلق سريعاً لوقف الحرب، عن قرار دولي مرتقب بوقف إطلاق النار، ستكون قوات الجيش السوري على ضفاف بحيرة طبريا، بالفعل.

وأعلم قادة استخباراتيون، جمال، وزملائهم في الاجتماع، أن السيناريو المرجح لبدء الحرب، سيكون بعدوان إسرائيلي، بالطائرات، على موقع تدريبي قرب دمشق، للمشاة، بذريعة أنه يضم إرهابيين. فيما هناك سيناريو آخر، أن تستهدف الطائرات الإسرائيلية تحصينات عسكرية للجيش السوري قرب الحدود مع هضبة الجولان المحتلة.

وفي نهاية الاجتماع، بات التصور واضحاً، لدى جمال، ولدى القيادات العسكرية والأمنية من الصف الأول، حول كيف يمكن أن تندلع الحرب، وكيف يجب أن يكون تحركهم، وبناء عليه، تم وضع خطة رئيسية، وثلاث خطط بديلة، وقّع عليها جميع القادة الحاضرين للاجتماع، وتم الاتفاق على وضعها موضع التنفيذ في اللحظة التي ستتحرك فيها الطائرات الإسرائيلية لتخترق الأجواء السورية، وتنفذ اعتدائها المُرتقب.

وبعيد الاجتماع، أوعز جمال لقيادات الدائرتين الثانية والثالثة، بضرورة تنفيذ أوامر قيادات الدائرة الأولى، في رأس هرم القيادة، موضحاً لهم أن قيادة البلاد في حالة طوارئ، وأن سوريا على أبواب عدوان إسرائيلي مُرتقب.

واستنفرت الدوائر العسكرية والأمنية، من أعلى هرمها، إلى أدنى موظفيها، وباتت البلاد جاهزة للمواجهة المُرتقبة.

***

بعد اجتماع نخبة الدائرة الأولى، عقد جمال لقاءً خاصاً جمعه برئيس الجمهورية ونائبه، ناجي الفتيحي، ووسام شرف. كان الأول هادئاً ينتظر ما سيطرحه جمال، فيما أطلق وسام، كالعادة، العِنان لحماسه، وبدأ يتحدث عن الخطة الدعائية الواجب بحثها، والموجهة للإسرائيليين، أثناء عملية المواجهة المُرتقبة.

***

كان وسام شرف ينبض بحيوية مُتعبة لمحيطه أحياناً، فهو في الثانية والأربعين فقط، نشيط جداً، يتمتع بوسامة مميزة، وجسد متناسق رشيق، وطول فارع، بشعر بني وعينين بنيتين فاتحتين، ووجه أبيض يحظى بتقعرٍ مميزٍ أسفل الفم، وسط ذقن، يُعنى بحلاقته جيداً.

كان وسام شرف، غربي الطراز، والهوى، لكنه سوريّ الوجدان، تغلب عليه النزعة الليبرالية المتحررة، لكنه يقدّر ضرورة مراعاة خصوصيات المجتمع السوري، وهويته الإسلامية المتجذرة.

هو ابن حمص، يتحدر من إحدى العائلات البرجوازية فيها، لكن لفرط حماسته، وميله للنموذج السياسي الغربي، انخرط في تظاهرات أحياء حمص الشعبية، الأولى، عام 2011، وهو في الثالثة عشرة فقط من عمره. كان يلتهم الكتب التهاماً، وكان سريع البديهة، ولديه قدرة خطابية عالية، ويتمتع بذاكرة خُرافية، ويحفظ الشعر، ويتقن استخدام المفردات بحرِفية عالية، دفعت منظمي إحدى التظاهرات الجماهيرية الضخمة في قلب مدينة حمص، في صيف العام 2011، إلى دفعه لأن يلقي كلمة تعبوية للجمهور.

كان خاله المتحدر من آل الأتاسي، العائلة السياسية الحمصية الشهيرة، من المحرضين الرئيسين للفتى اليافع جداً، والمُتفجر حيويةً، رغم معارضة والده ووالدته. لكن تلك المعارضة كانت لينة، لم ترقَ إلى مستوى المنع الكامل له من المشاركة في النشاطات التظاهرية، رغم تفاقم خطورة ذلك.

لكن، منذ نهاية العام 2011، بات الفتى الصغير مطلوباً أمنياً، وبدأت عملية تهريبه من مكان إلى آخر، إلى أن التجأ إلى حي بابا عمرو، الذي بات خارج سيطرة النظام كُليةً.

وعاش الفتى الدارج إلى الرابعة عشر من عمره، مراحل نضجه مبكراً، بصورة إجبارية، مع بدء العمل المسلح وتفاقمه في حمص، وسط سعي النظام، عسكرياً، لاقتحام حي بابا عمرو.

وفي ربيع العام 2012، وبعد نجاته بأعجوبة من عملية اقتحام قوات النظام لحي بابا عمرو الحمصي، قرر والد وسام اصطحابه، ومغادرة البلاد سريعاً، قبل أن يفقد ولده.

وغادر وسام مع عائلته الأراضي السورية عبر إحدى منافذ التهريب في لبنان، وقضت العائلة هناك ثلاث سنوات، أجبر فيها والد وسام، ابنه، على الالتزام من جديد بالدراسة، والانكفاء عن أية نشاطات ثورية، بعد أن كاد يلقى حتفه أكثر من مرة في أحداث حمص.

وخضع وسام لضغط والده، وتجاوز ما فاته من صفوف دراسية بتفوق كبير، وقبل أن يدرج إلى المرحلة الجامعية، تمكن والده من تحصيل حق اللجوء للعائلة في كندا، بعد جهود حثيثة، حيث انتقل الجميع إلى هناك، عام 2016، وكان وسام ممتعضاً، يرفض فكرة الابتعاد عن سوريا، لكنه لم يجرؤ على التمرد على والده، الذي أظهر صرامة عالية، في وقتٍ كان الخط البياني للثورة السورية في انحدار، عزز من موقف الأب في جلسات الجدال الكثيرة مع ابنه.

في مدينة كيبك الكندية، أتقن وسام بسرعة الفرنسية بعد الإنكليزية، وأُوفد لاحقاً إلى جامعة تورنتو في منحة دراسية، بعد أن تبدت معالم نبوغه، لكنه أصرّ على دراسة العلوم السياسية تحديداً، رغم معارضة الأهل. وفي كندا، تعلم وسام الكثير مما كان يجهله، وتحول ولهه بالثورة السورية التي بقيت تحتل الحيز الأبرز من تفكيره، من ولهٍ عاطفي، إلى ولهٍ فكري وعلمي. ونال الماجستير في اختصاص الدراسات السياسية في بحث تحت عنوان "لماذا فشلت الثورة السورية في اجتذاب الحواضر المدنية الكبرى؟"، ثم نال الدكتوراه لاحقاً في بحث آخر، بعنوان: "الكاريزما وتأسيس النظم السياسية، نموذج الولايات المتحدة الأمريكية".

البحث الأخير، ذاع صيته بعد أن أجرى وسام إسقاطات بحثية له على الحالة السورية التي كانت حينها، مزرية، حيث "داعش" تحتل كامل التراب السوري، ولا أفق لقيامة سورية جديدة.

وأثار البحث اهتمام جمال الدمشقي، الذي كان يتابع أبرز الإنتاجات الأكاديمية المتخصصة، المتعلقة بالشأن السوري، بشكل دائم.

بعد أن اطلع جمال على البحث المذكور، وإسقاطاته البحثية اللاحقة على الحالة السورية، استدعى وسام شرف للقائه في اسطنبول، وكان ذلك في العام 2027.

كان جمال وقتها يمثّل نموذجاً مرجحاً للزعامة السورية المُفتقدة، في مخيال الكثير من السوريين. فقد كان ذو نفوذ هائل سياسياً وأمنياً في لبنان، ومالياً واستثمارياً، في مصر والأردن وتركيا ودول الخليج، وكذلك في بلدان الغرب الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية.

وكان دوره في أحداث صد "داعش" عبر جيش من السوريين، بالتعاون مع فصائل مقاومة لبنانية، والجيش اللبناني، في عام 2024، قد رفع من رصيده لدى ملايين السوريين المُهجرين خارج البلاد، المُتطلعين لزعيم يجمع شتاتهم، ويمثّل مصالحهم، بعد أن غاب أي وجود تمثيلي رسمي لهم، عن الخارطة الدولية، إذ لم تعترف أية دولة في العالم، بـ "الدولة الإسلامية" التي أسسها "الدواعش" على التراب السوري، وما استطاعوا السيطرة عليه، من التراب العراقي.

لذا، كانت الدعوة التي وصلت وسام شرف، للقاء جمال الدمشقي، مبهجة للغاية بالنسبة للأول، أعادت تفجير ينبوع حماسته الناضب لسنوات، ولاحت أمام بصره، صورة متخيلة لقيام سوريا جديدة، بعث سوري جديد، يقطع مع البعث القديم، ويأخذ منه العمق اللغوي للاسم فقط.

لم يكن اللقاء بينهما، على قدر آمال وتطلعات وسام شرف، بل فاقه بمراحل، إذ كان جمال أحسن من ظن وسام به. اتفقا على العمل سوياً، وأعلمه جمال أن لديه مشروعاً لتحرير سوريا من سيطرة "داعش"، وإعادة بناء الدولة السورية على أسس وركائز سليمة، وأنه يريده معه.

كان جمال الدمشقي التجسيد العملي لنظرية وسام شرف البحثية، حول الكاريزما المؤسسة للدولة السورية الجديدة. وكان وسام شرف، التجسيد العملي لنظرية جمال، حول الشخصية السياسية الواجب تصديرها كواجهة لنظامه السياسي المُنتظر.

 بخبرته البحثية والعملية في كندا، وبمواهبه اللغوية والخطابية، باشر وسام تنفيذ ما اتفق عليه مع جمال لتأسيس تكتل سياسي يجمع كفاءات سياسية واقتصادية وبحثية، سورية، متناثرة حول العالم، لتكون البطانة الرئيسية للماكينة السياسية التي يعتزم جمال تأسيسها، على هيئة حزب سياسي، كان قد قرر تسميته باسم "حزب الوسط السوري".

وبعد 12 سنة  من اللقاء الأول بين جمال الدمشقي ووسام شرف، انتُخب الأخير، نائباً لرئيس الجمهورية، إلى جوار ناجي الفتيحي، الذي احتل منصب رئيس الجمهورية، في أول انتخابات رئاسية سورية تعددية حقيقية، منذ أكثر من 70 سنة.

***

 أما ناجي الفتيحي، المتحدر من دير الزور، من إحدى العشائر العربية الشهيرة المنتشرة هناك، فكان النقيض السلوكي لـ وسام شرف، لكنه نسخة عن طموحه الخاص بسوريا الجديدة، وإيمانه بوجوب الالتفاف حول كاريزما تؤسس لها، خال في ذهنه، في وقت من الأوقات، أنه قد يكون مؤهلاً للعب هذا الدور، قبل أن يكتشف ضآلة وزنه إلى جوار جمال الدمشقي، ففضّل الالتحاق به، بدلاً من الخروج تماماً من عالم النخبة في حقبة ما بعد تحرير دمشق من "داعش"، عام 2031.

كان ناجي يكبر وسام بـ 5 سنوات. يعاني من بدانة مُفرطة، لكنها تمنحه هيبة فريدة، بوجه مكتنز، مشرّب بالحمرة، وعينين خضراوتين، وذقن شقراء خفيفة مشذبة.

يتكلم ببطء شديد، ويفكر كثيراً قبل أن يتكلم، لا يتصرف قبل تفكير معمق، ردات فعله بطيئة، حتى أنه يُتعب محاوريه ممن يعرفه لأول مرة، فيكادون يظنونه متخلفاً عقلياً، نظراً لمقدار برودة ردود أفعاله. لكن من سبق وحاوره، يعلم جيداً أن ناجي الفتيحي يفكر جيداً قبل أن يتكلم، فتتأتى كلماته، عميقة ومعبّرة وجازمة، ومقتضبة.

كان في الثامنة عشر حينما اندلعت الثورة السورية، وكان قد قرر أن يلتحق بدراسة إدارة الأعمال في جامعة خاصة افتتحت حديثاً في دير الزور، حيث التحق بالحراك الثوري في مسقط رأس والديه، بعد أن كان قد عاش طفولته ومراهقته في دمشق.

التحق بدايةً بالحراك المدني السلمي، وبعد خروج المدينة عن سيطرة النظام، التحق بفصائل مسلحة معارضة، لكن مع اقتحام "داعش" لمدينة دير الزور، فرّ ناجي الفتيحي مع العديد من أقرانه إلى تركيا، ومن هناك راقب بمرارة كبيرة احتضار الحراك الثوري السوري، السلمي والمسلح، على حدٍ سواء، بين فكّي النظام و"داعش"، قبل أن تنضم قوى أخرى إلى وليمة نهش الجسد المنهار للحراك الثوري السوري.

في غازي عينتاب، بجنوب تركيا، تابع ناجي الفتيحي نشاطه الثوري، عبر رصد أخبار دير الزور إعلامياً، وعبر تكوين شبكة من العلاقات السرّية مع زعامات عشائرية فيها، خاضعة لسيطرة "داعش"، علناً، لكنها تضمر الحراك ضده، حالما تُتاح الفرصة.

في الوقت نفسه، التحق ناجي بجامعة تركية خاصة لمتابعة دراسته في مجال إدارة الأعمال. ومع تهافت الحراك الثوري، حتى في بعده الإعلامي، في منطقة الجزيرة السورية، التي أصبحت نهباً لقوى ثلاث، "داعش"، و"قوات الحماية الكردية"، والنظام، وتفسخ الكيانات السياسية الممثلة للثورة السورية، في عينتاب، بعد كمّ هائلٍ من إشكاليات الفساد والشللية والفصائلية، أدبر ناجي الفتيحي عن عالم النشاط السياسي والإعلامي الثوري، وانكفأ إلى العمل في مجال إدارة الأعمال، حيث أتقن الإنكليزية والتركية، وسرعان ما أبدع في هذا المجال، فعمل مستشاراً لعدد من رجال الأعمال السوريين في غازي عينتاب، قبل أن ينتقل إلى اسطنبول، ويتحول إلى أحد أبرز المستشارين في عالم الأعمال بالنسبة للمستثمرين السوريين في تركيا.

لكن ناجي حافظ على علاقاته العميقة مع قيادات عشائرية في دير الزور، حيث كان ينفّذ بالاتفاق معهم صفقات تجارية تخدم مصالح تجار سوريين. ورغم أن تلك الصفقات كانت تخدم ديمومة سيطرة "داعش" على المناطق التي تُحكم السيطرة عليها في الجزيرة السورية، إلا أن ناجي كان يبرر ذلك، بأنه الحل الوحيد المتاح، كبديل عن خنق سكان تلك المناطق، الذين لا ذنب لهم في خضوعهم لسيطرة "داعش"، الناجم عن فشل الكوادر القيادية التي قادت الحراك الثوري بمرحلتيه السلمية والمسلحة في المنطقة، وهو من ضمنهم.

كان البعض يتهم ناجي الفتيحي بأنه انتهازي، لا مبادئ ثابتة تحكم سلوكه، وأن عالم المال بات همه الوحيد، ولو على حساب مصير بلده، ومنطقته بالتحديد. إلا أن ناجي كان يؤمن بنظرية محددة، مفادها، أن خنق وحصار مناطق سيطرة "داعش"، لن يتضرر منه، إلا سكان تلك المناطق، في الوقت الذي سيتشدد فيه التنظيم أكثر، مع الناس الخاضعين لسيطرته، ومع المحيط الديمغرافي والجغرافي، بحكم شعوره بالخطر. بينما إذا كان هناك حراك تجاري مع مناطق سيطرة "داعش"، سيكون السكان بحال أفضل، وسيكون التنظيم أكثر مرونة، مع السكان من جهة، ومع المحيط الديمغرافي والجغرافي المحيط به، من جهة أخرى. والأهم، حسب نظرية ناجي الفتيحي، أن إعلاء دور التجار السوريين، ليشكلوا عصب الحياة المعيشية والاقتصادية في منطقة سيطرة "داعش" في الجزيرة، عبر شبكة علاقات تمتد من جنوب تركيا، مروراً بمناطق سيطرة "الوحدات الكردية"، ومناطق سيطرة فصائل المعارضة في شمال حلب وفي إدلب، سيُبقي الرابطة بين السوريين قائمة، بحيث لا تتجذر الحدود الفاصلة بينهم، بتنوع القوى المسيطرة عليهم، لتكون التجارة عصباً موحداً لهم، والتجار، طبقة متعدية، عابرة للحدود بين مناطق النفوذ على التراب السوري.

نظرية ناجي الفتيحي كانت سفسطة في نظر الكثير من منظّري ونشطاء الثورة السورية في تركيا بعد العام 2017.. لكن مع مرور الوقت، اتضح للجميع أن ناجي الفتيحي، بشبكة العلاقات التي أسسها، على بنيان التجارة، عبر مناطق متعددة، تشمل مناطق سيطرة "داعش"، وتلك الخاضعة لسيطرة "الوحدات الكردية"، والأخرى الخاضعة لفصائل معارضة في حلب وإدلب، وأخيراً، مناطق سيطرة النظام.. بات قادراً على التأثير، وإن بصورة غير مباشرة، على صنع القرار، حينما يتعلق الأمر بشريان الحياة التجارية، في معظم المناطق السورية.

وبفضل ذلك التأثير، تحوّل ناجي الفتيحي إلى أحد أيقونات عالم التجارة على التراب السوري، انطلاقاً من جنوب تركيا. وحينما أحكمت "داعش" سيطرتها على معظم التراب السوري، ومن ثم، عقدت اتفاقاً غير معلن مع الأتراك، لضمان أمن الحدود المتبادل، وضمان استمرار شريان التجارة عبرها، كان ناجي الفتيحي أحد مهندسي ذلك الاتفاق، الذي شمل أيضاً مناطق سيطرة "الوحدات الكردية"، على امتداد الحدود السورية – التركية، من الحسكة إلى عين العرب، حيث رتب ناجي الفتيحي اتفاقاً بين حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وتركيا، على ألا يُعلن الأول الحكم الذاتي، رغم أنه عملياً، بات في حالة استقلال شبه كامل، بعد سقوط دمشق في قبضة "داعش". ومقابل ذلك، تتغاضى تركيا عن التجارة مع الكيان الكردي، وتمرر صادراته من النفط عبر أنابيب مُدت عبر الأراضي التركية، لهذه الغاية، وفي الوقت نفسه، تتحصل مناطق سيطرة الأكراد على الكثير من حاجاتها عبر التجارة مع الأراضي التركية، التي كان ناجي الفتيحي أحد أبرز اللاعبين السوريين فيها.

وبذلك، شبّك ناجي الفتيحي، شبكة معقدة من العلاقات المتينة، مع رجال أعمال وتجار ومسؤولين أتراك، وكذلك، مع رجال أعمال وتجار سوريين في تركيا، ومع تجار ومسؤولين أكراد، ومع تجار وقيادات عشائرية يشكلون قناة وسيطة مع قيادات "داعش". وبتلك الشبكة، امتلك ناجي الفتيحي نفوذاً هائلاً أهّله لأن يكون شريكاً رئيسياً في اتفاق سياسي كبير رعته قيادة حزب العدالة والتنمية التركي، بينه، وبين جمال الدمشقي، في عام 2026.

وتدريجياً، توطدت العلاقة بين الرجلين، التي لم تكن سهلة في البداية، نظراً لشعور ناجي الفتيحي بشيء من المنافسة بينه وبين جمال. فالاثنان، رجلا أعمال، والاثنان، يسعيان لتأسيس شبكات من العلاقات داخل تركيا، وداخل الأراضي السورية، ولأن ناجي الفتيحي، سابق زمنياً، لـ جمال، في هذا المجال، كان ناجي يشعر بشيء من الغضاضة، أن يصبح أقل رُتبة من جمال في ذلك الاتفاق السياسي الكبير. لكن ثروة جمال، ونفوذه الدولي، الذي يشكل مئات أضعاف ما يملكه ناجي الفتيحي، جعل الأخير يقرّ بأحقية الأول، في القيادة.

جمال بدوره، لم يكن مرتاحاً للشراكة مع ناجي الفتيحي، نظراً لشعوره بطموح الرجل، واعتزازه بما أنجز، لكنه في الوقت نفسه، كان يدرك حاجته لهكذا قيادة كفوءة، تتمتع بعلاقات ونفوذ هائل عبر كامل التراب السوري، وتملك القدرة على جمع الكثير من القيادات والتيارات والقوى، حول قيادتهم المشتركة.

وتدريجياً، خبت نزعة ناجي الفتيحي لتصدر القيادة، وإظهار براعته ومواهبه وأهمية نفوذه، وذلك مع التطورات المتسارعة لنفوذ جمال، الذي تحولت ثروته إلى مئات مليارات الدولارات في نهاية عشرينات القرن الحادي والعشرين، والتفت حوله نخبة السوريين في تركيا، وفي معظم بلدان اللجوء والمهجر، وتقرّب منه الأتراك بشتى الوسائل، وحظي برعاية إقليمية ودولية ملحوظة، في الخليج، وكذلك في بلدان الغرب، وحتى في روسيا، التي حاولت فتح قنوات تواصل معه.

وقبيل تحرير دمشق، عام 2031، أدرك ناجي الفتيحي أن عليه التقرّب هو الآخر من جمال، بدلاً من الإيحاء له بالندّية، التي قد تنفّره من ناجي، فيُطيح باتفاقهما السياسي، ويصبح ناجي خارج المشهد تماماً.

أدرك ناجي أن الزمن القادم هو زمن جمال الدمشقي، فأظهر للأخير استعداداً كاملاً للتصرف وفق رؤيته ومنهجه وخطته، وتحوّل إلى أحد أحجار رقعة شطرنج من النخب والكفاءات، يحركها جمال، كما يشاء، مستغلاً خبراتها ومواهبها بالصورة التي يرتأيها.

والتزم ناجي بقيادة جمال، وتوجيهاته، فيما كان الأخير يتيح له هامشاً واسعاً للتحرك بأريحية، ضمن الإطار المتفق عليه بينهما.

وخلال السنوات، ما بين 2031، تاريخ تحرير دمشق من "داعش"، وحتى العام 2038. كان ناجي الفتيحي، البيدق الرئيس في جيش من الكفاءات التي استخدمها جمال لتأسيس نخبة قيادية سورية تسير في مشروعه، أطّرها في حزبه، "حزب الوسط السوري"، وصدّر إلى الواجهة فيها، كل من ناجي الفتيحي، ووسام شرف، فأصبح الأول، رئيساً للجمهورية، وأصبح الثاني نائباً له.

***

دار نقاش هادئ بين الثلاثة، رئيس الجمهورية، ناجي الفتيحي، ونائبه، وسام شرف، وجمال الدمشقي. وتقاسم الثلاثة الأدوار، ففيما سيتولى ناجي إدارة حالة التعبئة والجهوزية العالية في مؤسسات الدولة، سيتولى وسام إدارة الخطاب الدعائي لوسائل الإعلام السورية، العامة والخاصة، وهو خطاب باتجاهين، الأول موجه للداخل السوري، والثاني موجه للإسرائيليين والعالم.

على أن يتولى جمال إدارة الاتصالات السرّية غير المعلنة مع القوى الإقليمية والدولية المختلفة ذات الشأن، كما سيدير العمليات الأمنية والعسكرية في الحرب، عبر شبكة مستشاريه العسكريين والأمنيين المقربين.

واتفق الثلاثة على أن يتولى ناجي الاتصالات الخارجية الرسمية، عبر وزارة الخارجية، والتي ستكون تأطيراً وإعلاناً للاتصالات السرّية التي سيتولاها جمال.

وتم الاتفاق مبدئياً على ثلاثة خطابات سيُلقيها ناجي للجمهور السوري، ويمرّر عبرها رسائل للإسرائيليين. خطاب في لحظة الإعلان عن بدء الحرب كرد على العدوان الإسرائيلي، وثانٍ يرصد التطورات، وثالث يعلن وقف إطلاق النار، وذلك وفق الخطة الرئيسية المعتمدة. على أن يُكلف المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، بإعداد خطب بديلة في حال اعتماد إحدى الخطط الثلاث البديلة للخطة الرئيسية المُتفق عليها.

وانفض شمل الاجتماع. وقبل أن يغادر جمال مبنى رئاسة الأركان أوعز لأحد مستشاريه الأمنيين المقرّبين، بتشديد الرقابة الأمنية عبر وسائل الاتصال والرصد، على ناجي الفتيحي ووسام شرف، على حدٍ سواء، وإبلاغه يومياً بموجز عن حصيلة تلك الرقابة.

***

يتبع في الفصل الثاني عشر..

مواد ذات صلة:

منعطف العام 2020.. (الفصل العاشر من "الترليونير السوري")

لقاء المحفل السرّي في بلودان.. (الفصل التاسع من "الترليونير السوري")

حوار مع مرجعية جهادية.. (الفصل الثامن من "الترليونير السوري")

وصولاً إلى الدرك الأسفل، قبل رحلة الصعود.. (الفصل السابع من "الترليونير السوري")

امبراطورية اتصالات كبرى، سرّية.. (الفصل السادس من "الترليونير السوري")

بداية مشوار أسطورة المال والأعمال – (الفصل الخامس من "الترليونير السوري")

سقوط دمشق – (الفصل الرابع من "الترليونير السوري")

عائلة جمال الدمشقي - (الفصل الثالث من "الترليونير السوري")

اللقاء مع اليهودي الأمريكي – (الفصل الثاني من "الترليونير السوري")

من شرفة القصر بالمالكي – (الفصل الأول من "الترليونير السوري")

ترك تعليق

التعليق