"شارك كتابك".. مبادرة لإعارة الكتب العربية مجاناً، في ألمانيا

انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كان لها الدور الأبرز في إبعاد الكتب الورقية عن بعض فئات المجتمع وخصوصاً فئتي الأطفال والشباب الذين لم يعرف الكثير منهم إلا كتبهم المدرسية فقط. لا بل وصل الأمر بالكثير منهم إلى هجر لغتهم العربية مع تهجيرهم من ديارهم كحال الكثير من السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا في السنوات الأخيرة الفائتة بعد اندلاع الحرب في بلادهم، حيث أجبرتهم الظروف على إهمال لغتهم الغربية وتعلم لغات الدول التي لجؤوا إليها.

 تلك الأسباب التي سبق ذكرها وما يتصل بها، كانت الدافع الأساسي للاجئ السوري، مظهر مخللاتي، الذي ينحدر من مدينة كفربطنا في ريف دمشق، لإطلاق مبادرة "شارك كتابك" في ألمانيا، والتي هدف من خلالها بحسب ما ذكر في حديث خاص لـ "اقتصاد"، إلى إعادة الهيبة للكتاب الورقي كنواة للثقافة والمعرفة في المجتمعات العربية والتشجيع على قراءة الكتب مجدداً، وتمكين الناس من تبادلها فيما بينهم، من خلال حث القراء على التبرع ببعض كتبهم لمبادرة "شارك كتابك" وإتاحتها للآخرين عبر الموقع الالكتروني للمبادرة، ومن ثم إعادة الكتب إلى المشرفين على المبادرة، بعد قراءتها، لتتاح لقارئ آخر في سلسلة غير محدودة من القراء.

وبحسب  مخللاتي، الذي لجأ الى ألمانيا قبل ثلاث سنوات، يُعتبر التبرع بالكتب وإغناء مكتبة الموقع، هو حجر الأساس الذي ترتكز عليه فكرة ومبادرة "شارك كتابك"، حيث تضم مكتبة الموقع حالياً حوالي 250 كتاباً مختلفاً من قصص وروايات وكتب للأطفال والشباب وغيرها من الكتب في مجال الأدب والثقافة الإسلامية، والتي تبرع بها أصحابها للمبادرة إيماناً منهم بأهمية الكتاب ككنز يجب أن يحصل عليه الآخرون، لا أن يبقى مدفوناً حبيس الأدراج والرفوف وفق رأي "ريتا"، وهي فتاة سورية مقيمة في ألمانيا كانت من أوائل المبادرين إلى التبرع ببعض الكتب لديها بسبب إيمانها بأهمية الكتاب كوسيلة لتبادل المعرفة والثقافة، يمكن أن تصل لجميع فئات المجتمع من الأطفال إلى الشباب انتهاء بكبار السن. كما أن الحصول على الكتب العربية في ألمانيا ليس بالأمر السهل، وغالباً ما يشتري القراء كتبهم من مواقع الانترنيت المختصة ببيع الكتب رغم ارتفاع ثمن بعضها.

بدوره، "حسن" الذي استعار أحد الكتب من الموقع، رأى في مبادرة "شارك كتابك" أمراً إيجابياً ومميزاً وخصوصاً للأهالي الذين يبحثون عن قصص وكتب لتعليم اللغة العربية لأطفالهم، حيث من السهل التعامل مع الموقع الإلكتروني للمبادرة.

آلية عمل الموقع

وحول آلية عمل الموقع والتبرع بالكتب واستعارتها، قال مخللاتي إنه "يمكن لأي شخص في أوروبا وألمانيا التبرع بكتاب أو أكثر بعد قراءته لشروط التبرع وملء الاستمارة الخاصة لإتمام عملية التبرع، وإرسال الكتاب إلى عنوان مركزنا على نفقته الشخصية".

 ونظراً لمكانة الكتاب ورمزيته عند البعض فقد رأت المبادرة إمكانية التبرع بالكتاب وإتاحته للإعارة لفترة مؤقتة، أشهراً تكون كافية لتداوله بين بعض القراء.

شروط التبرع والاستعارة

حددت المبادرة في موقعها الالكتروني عدداً من الشروط للتبرع أبرزها أن الكتب المتبرع بها للمبادرة تصبح ملكاً لها ولا يحق للمتبرع طلب استرداد ما تبرع به من الكتب، إلا في حال اشترط بشكل مسبق أن يكون تبرعه بالكتاب، مؤقتاً، لمدة محددة، بشرط أن لا تقل عن 6 أشهر. في المقابل يتعهد المشرفون على المبادرة بإعادة الكتاب للمتبرع في الوقت المحدد، حال توفره في المكتبة دون أن يكونوا ملزمين بأي تعويض عن أي ضرر أو تلف يلحق بالكتاب.

وكما التبرع يتم من خلال الموقع، كذلك استعارة الكتب لقراءتها متاحة أيضاً للراغبين من خلال الموقع بعد اختيارهم أحد الكتب المتوفرة  في الموقع من بين مئات الكتب المنوعة بعد الاطلاع على شروط الاستعارة وتعبئة حقول الاستمارة المخصصة لذلك، والحضور لاستلام الكتاب بشكل شخصي ودفع مبلغ رمزي كتأمين لإعادة الكتاب للمركز خالياً من أي شكل من أشكال  الضرر أو التلف أو الحك أو التشويه، الذي قد ينتج عن الإهمال وسوء الاستخدام.

وتتلخص شروط الاستعارة في مبادرة "شارك كتابك"، بعدة نقاط، أبرزها، أن لا يقل عمر المستعير المستفيد عن 16 عاماً، ودفع المستعير لمبلغ تأمين رمزي كتأمين يعاد لصاحبه بعد استعادة الكتاب، وفي حال أصاب الكتاب عند المستعير أي تلف أو ضرر فإنه يلزم قانوناً بشراء كتاب جديد مماثل، كما يجب على المستعير أن يلتزم بعدم التصرف بالكتاب بأي شكلٍ من أشكال التصرف كالتخلي عنه للغير أو إعارته لأحد آخر، تحت طائلة المساءلة القانونية في حال الإخلال بأي شرط من شروط الاستعارة التي تعد بمثابة عقدٍ يرتب واجبات والتزامات على عاتق طرفيه.

وختم مخللاتي حديثه لـ "اقتصاد" موجهاً الشكر لكل من وقف إلى جانبه من أشخاص ومؤسسات وساهم في إطلاق مبادرته من خلال الدعم التقني لإنشاء موقع المبادرة وتطبيق الأندرويد الخاص بالهواتف المحمولة وكل من تبرع بكتاب لإغناء مكتبة الموقع.