منافسة حمصية – حلبية ودّية.. بين مطعمي فروج مشوي في إدلب


في ظاهرة غير معتادة في أسواق إدلب، اكتظ المئات أمام مطعمين متقابلين، يبيعان الفروج المشوي بأسعار غير مسبوقة، في سياق عرض ترويجي، شبهه بعض الأهالي بمنافسات دوري كرة القدم، قبل الثورة، بين الكرامة الحمصي، والاتحاد الحلبي. لكن صاحب أحد المطعمين، وهو يتحدر من حلب، نفى وجود منافسة مع جاره الحمصي، مؤكداً أن بينهما صداقة قوية.

مطعم "تشيكن" في قلب مدينة إدلب، عنوّن عرضه المؤقت بعبارة "الراحمون يرحمهم الرحمن.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". وخفّض المطعم سعر الفروج المشوي من 2300 إلى 1000 ليرة فقط. وهو عرض سرعان ما اعتمده المطعم المقابل له، "حلب الشهباء"، الأمر الذي دفع مئات السكان في المدينة إلى الاكتظاظ في طوابير للحصول على فروج مشوي، بسعر منخفض، مقارنة بالسعر الرائج في السوق.

"اقتصاد" تحدث إلى صاحب مطعم "تشيكن"، "أبو عبيدة"، الذي لم ينفِ الغاية الترويجية لعرضه. لكنه أكد في الوقت نفسه أنه أراد تقديم الفروج المشوي للناس، بسعر رخيص، نظراً لكونه يشعر بآلام الكثير منهم، ممن لا يستطيع شراء وجبات طعام بسعر مرتفع.

ويُباع الفروج المشوي في أسواق إدلب بسعر وسطي 2000 ليرة، لذا سألنا "أبو عبيدة"، إن كان يخسر بسعر العرض الذي يقدمه، (1000 ليرة)، فأجاب بـ نعم. وقال: "عندما رأيت الناس تأتي بالمئات إلى المحل نسيت خسارتي كلها وقررت الاستمرار في هذا العرض".

وأطلق "أبو عبيدة" عرضه قبل 10 أيام. وما يزال العرض سارياً حتى ساعة نشر التقرير.

قال "أبو عبيدة" إنه اتفق مع مؤسسة تبيع الدواجن في الشمال السوري المحرر، بأن تشاركه في تحمل الخسارة، بهدف تخفيف الضغط المعيشي على الناس، حسب وصفه. إلى جانب الهدف الترويجي، بطبيعة الحال.

وقال "أبو عبيدة" إن كل فروج مشوي يزن قرابة 1.7 كغ تقريباً، يخسر 800 ليرة سورية، بين ثمن الغاز وإيجار المحل وإيجار العمال وغيرها من المصاريف الأخرى، حسب وصفه.

وأشار إلى أن تكلفة الفروج المشوي في هذه الأيام تتجاوز 1800 ليرة سورية. "لكن أنا راضي وعندي القدرة على تحمل هذه الخسارة إلى حدٍ ما".

وفي سياق حديثنا مع "أبو عبيدة"، نفى الأخير ما أُشيع بأن الدجاج الموجود في السوق مريض، لذا انخفض سعره لهذه الدرجة. وقال إن المؤسسة التي يشتري منها الدواجن تُنتج نسبة كبيرة من حاجة الشمال المحرر للدواجن والبيض، ولديها فائض بسبب استيراد الفروج التركي ودخوله على السوق، فتم الاتفاق على تحمل الخسارة من كلا الجانبين، بائع المفرق والمؤسسة التي تبيع بالجملة، وتم بيع الفروج بأسعار مُنافسة.

وأكد "أبو عبيدة" أن مبيع الفروج اليومي وصل إلى 1500 فروج مشوي تقريباً.

واستكمالاً لقصة العرض الترويجي، التقينا "أبو العز" صاحب مطعم "حلب الشهباء" المقابل لمطعم "تشيكن"، الذي نفى أن يكون في حالة منافسة مع صديقه "أبو عبيدة"، مؤكداً أنه اتفق معه على تخفيض سعر الفروج المشوي، ليستفيد أكبر عدد من الناس من هذه الفرصة، حسب وصفه.

وأضاف: "هناك من يقول أننا ننافس مطعم (تشيكن). على العكس تماماً، نحن أصدقاء ولا يوجد أي خلاف في هذا الأمر وسنبقى مستمرين في هذا العرض لفترة".


أحد الزبائن الذين كانوا ينتظرون دورهم أمام أحد المطعمين، قال لـ "اقتصاد": "ياريت كل المحلات التي في الأسواق ولديها سلع أخرى أن تحذو حذو هذه المطاعم ليتسنى للفقراء شراء ما يريدون وبأسعار زهيدة".

وأضاف: "اليوم أي طبخة نريد أكلها تكلفنا قرابة 3000 ليرة سورية، ولا يكون بها لحم أو دجاج. والآن، بسعر الفروج المشوي 1000 ليرة سورية، خُفف عنا ضغط كبير جداً من مصروف الطعام. وأعتقد أن الفروج المشوي ألذ من أي طعام آخر بالنسبة لي ولعائلتي".

وأثناء وقوفنا أمام أحد المطعمين، لفت انتباهنا طفل، ينتظر دوره، فتحدثنا متسائلين: "هل أنت مسرور بانخفاض سعر الفروج المشوي"، فأجاب: "إي طبعاً وأنا صرلي 5 أيام عم أجي واشتري فروج لأنه طيب كتير وأرخص من الفجل"، قال ذلك وهو يضحك.

كان صاحبا المطعمين قد أعلما "اقتصاد" أن عرضهما سينتهي قريباً. لكنهما لم يحددا موعداً دقيقاً.

وكان سعر الفروج النيء والمشوي قد انخفض بصورة كبيرة في أسواق إدلب، في الأيام القليلة الماضية. واختلفت التأويلات بخصوص أسباب هذا الانخفاض، ففيما أرجعه البعض إلى تكسير السعر بسبب الفروج التركي المُستورد إلى إدلب، أرجعه آخرون إلى قيام مربي الدواجن بذبح الفروج بكميات كبيرة تجنباً لأمراض قد تصيبها في فصل الشتاء، حسب وصف تجار يعملون في هذا المجال.

ترك تعليق

التعليق