تجار إدلب يتجاهلون الإشاعات اليومية التي تنغص الهدوء


ينهمك "أبو حسن" في صف الأسياخ المحملة بعشرات الفراريج في الشواية الكبيرة التي تعمل على الغاز بينما يجهز مساعده -في الزاوية المقابلة- سيخ الشاورما تمهيداً لافتتاح الفرع الثاني من مطعم المأكولات الجاهزة. "اليوم لدينا تنزيلات وعروض ممتازة" يردد أبو حسن بمرح واضح. فقد ازدهر المشروع على خلفية الهدوء النسبي الذي خلفه اتفاق روسي-تركي، قضى بإقامة منطقة عازلة بين إدلب التي تقع تحت سيطرة المعارضة شمالي سوريا، والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

النشاط الملحوظ في التجارة المحلية والخارجية ومحلات المأكولات والأغذية والأدوات الكهربائية وسواها سبقه كساد "كبير جداً" على حد تعبير البعض. في آب من العام الحالي بدأ النظام بحشد قوات كبيرة على الحدود مع إدلب. تزامنت الحشود مع ضخ إعلامي روسي حول حملة عسكرية "تأكل الأخضر واليابس" ما أدى إلى توقف جزئي في الحركة الاقتصادية والتجارية.

يقول "أبو أحمد" وهو تاجر جملة في مدينة إدلب لـ "اقتصاد": "خلال الأشهر الثلاثة الماضية كان الاقتصاد شبه ميت فالجميع يخشى من الحرب المقبلة لكن وبعد دخول اتفاق المنطقة العازلة حيز التنفيذ شعرنا ببعض الاطمئنان".

على الرغم من توفر السيولة المالية بين يديه لم يقدم "أبو أحمد" على افتتاح محله في تجارة الغذائيات إلا قبل شهر تقريباً. "الاستقرار الواضح في المنطقة شجعني على البدء بمشروعي التجاري"، يقول "أبو أحمد" ثم ينشغل بتجهيز فواتير الزبائن الذين توافدوا إلى متجره لشراء ما يحتاجونه من بضائع.

الإقبال على المازوت وشراء المدافئ بأنواعها المختلفة (مازوت-حطب-كاز) كان كبيراً، كما يؤكد العديد من التجار. فـ "توقف الحديث عن حشود عسكرية للنظام أو معركة مقبلة أشعرنا بالارتياح"، يقول "سمير" تاجر المدافئ لـ "اقتصاد". كانت المدافئ مصفوفة على الرصيف المتاخم لمتجر "سمير" بشكل يغري زبائنه الكثيرين.

شدة الطلب على المازوت ساهمت في رفع أسعاره فالليتر الواحد من "مازوت زهرة" -وهو من أجود الأنواع- ارتفع من 220 إلى 260 ليرة في حين شهدت الأنواع الأخرى ارتفاعاً متفاوتاً. يسجل "أبو علي" اسم زبون جديد في ورقة مليئة بأسماء الزبائن وعدد براميل المازوت التي دفعوا ثمنها طالبين توصيلها إلى منازلهم لإفراغها في خزانات خاصة. "اليوم لا يمكنني توصيل المازوت الخاص بك فلدي زحمة كبيرة".

يعتبر تجار الأدوات الكهربائية ولوازم الطاقة الشمسية من أكبر المتضررين نتيجة الانقباض التجاري السابق، فقد توقفت معظم هذه المحلات عن البيع والشراء على عكس ما يحدث اليوم. يقول "أكرم" وهو تاجر معدات تعمل بالطاقة الشمسية لـ "اقتصاد": "هناك نشاط مقبول على شراء بعض احتياجات الطاقة وإن كان الضعف الشرائي لا يزال واضحاً بسبب قدوم الشتاء حيث اعتدنا على حركة بيع خفيفة".

 ويتوقع "أكرم" حدوث نشاط كبير مع حلول صيف العام القادم في حال استمر الهدوء الذي "يتمناه الجميع"، على حد قوله.

تعج المطاعم ومحلات المشروبات والكوكتيلات بالزبائن الجائعين. وتزدحم الأسواق في مدينة إدلب وأريافها على وقع تخفيضات عارمة جرت خلال الأسبوعين الماضيين فجرتها منافسة جريئة بين مطعمي شاورما وفروج مشوي عند دوار الكرة وسط مدينة إدلب ثم سرعان ما شملت مناطق واسعة بالمحافظة ما يعكس حجم الحركة التجارية الجيدة "المؤهلة للتوسع في حال استمرت حالة الاستقرار"، وهو ما يتمناه العديد من التجار فقد سئموا الإشاعات اليومية والتكهنات حول الأيام المقبلة.

ترك تعليق

التعليق