الكهرباء حرام على حوض اليرموك.. بحجة التكاليف، والتنظيم


على الرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر، على الوعود التي قطعها النظام لأهالي مناطق حوض اليرموك، بإعادة الخدمات الضرورية بشكل تدريجي إلى جميع المناطق، إلا أن شيئاً لم يحدث من هذا القبيل حتى الساعة، حيث مازالت المناطق التي سيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" سابقاً، محرومة من جميع الخدمات، وفي مقدمتها خدمة التيار الكهربائي.

وأشار المهندس محمد عبد الرازق، وهو مهندس مفصول من عمله، إلى أن ذريعة النظام في عدم إيصال الكهرباء إلى تلك المناطق، هو حجم الخراب الكبير الذي حل بمنظومة الكهرباء الأساسية؛ نتيجة الأعمال العسكرية، وتعرض معظم الشبكات والمحولات إلى أعمال نهب وسرقة.

وأضاف أن مؤسسات النظام كعادتها تحمل الفصائل المسلحة المسؤولية الكاملة عن هذا الخراب، وتدعي أن إعادة إصلاحها يتطلب مبالغ وإمكانيات لوجستية كبيرة، وهو ما تعجز عنه مؤسسات النظام المعنية في الوقت الحالي؛ لعدم وجود الأموال الكافية، كما تدعي.

خراب متعمد وتكاليف عالية يتحملها المواطن

وأكد عبد الرازق وشهود عيان من مناطق ريف درعا الغربي، أن الخراب الأكبر تركز في الشبكات والأعمدة الكهربائية بين المناطق، في حين كانت المحولات شبه سليمة إلى فترة ما قبل معركة النظام الأخيرة على تنظيم الدولة، موضحاً أن قوات النظام قامت بتخريب المحولات السليمة عن قصد، ونهبت الكثير من مكوناتها، وتركتها على شكل خردة.

وأضاف أن تخريب منظومة التيار الكهربائي في بعض المناطق، لم يتوقف على المحولات، والشبكات والكابلات الواصلة إلى بيوت المواطنين فحسب؛ بل شملت أيضاً الأسلاك الداخلية والأباريز في منازل المواطنين، لافتاً إلى أن معظم منازل المواطنين تحتاج إلى تمديدات جديدة، وهو ما سيكلفهم مبالغ كبيرة، هم فعلاً عاجزون عن تأمينها.

وبهذا الصدد يقول "أبو فوزي"، 43 عاماً، "سحبوا كل التمديدات الداخلية، وحطموا كل شي لقد وجدت (الاباريز) محطمة والأسلاك مسحوبة من أماكنها".

ولفت إلى أن منزله المكون من ثلاث غرف ومنافع، رغم الخراب البسيط، فإنه يحتاج إلى تمديدات كهربائية جديدة تتجاوز تكلفتها الـ 75 ألف ليرة سورية على أقل تقدير.

فيما أكد الحاج محمود غازي، 58 عاماً، أن التيار الكهربائي إن وصل سيستخدم لفترة طويلة في الإنارة فقط، لافتاً إلى أن المواطنين في معظم مناطق درعا، لن يستفيدوا من خدمات الكهرباء؛ لأنه لم يعد لديهم أياً من الأدوات الكهربائية المنزلية؛ بسبب تعرضها للنهب والتعفيش.

وأوضح أن شراء أدوات كهربائية جديدة، مكلف جداً، وأن أي منزل يحتاج إلى 200 ألف ليرة سورية على الأقل؛ لشراء بعض الأدوات الضرورية "براد وغسالة" وهذه المبالغ ليست متوفرة؛ بسبب الوضع الاقتصادي السيئ للمواطنين.

من جهته أكد نضال قاسم أن مؤسسات النظام، تطالب بتسديد جميع الاشتراكات المتراكمة على المواطنين منذ سنوات؛ كشرط أساسي لإيصال التيار الكهربائي للمناطق، لافتاً إلى أن المبالغ المترتبة على المواطنين كبيرة، وأن تسديدها في هذه الظروف صعب جداً؛ لضيق ذات اليد ولعدم توفر أموال في أيدي الناس.

تعمد التضييق بسبب تنظيم "الدولة".. والأهالي من التهم براء

مصادر وشهود عيان من المنطقة، أكدوا أن النظام يتعمد عدم إيصال الخدمات الضرورية إلى تلك المناطق انتقاماً من الأهالي، الذين ما يزال يتهمهم بأنهم كانوا الحاضنة المثلى لتنظيم "الدولة الإسلامية"، رغم التسويات التي أجراها معهم بضمانات روسية.

وأضافت المصادر أن التنظيم لم يلق قبولاً من أبناء تلك المنطقة، الذين تنفسوا الصعداء بزواله.

ولفتت تلك المصادر إلى أن التنظيم خلال وجوده في المنطقة، لم يترك لهم سوى الذكريات المؤلمة، التي يحتاج محوها من الذاكرة ونسيانها إلى سنوات طويلة جداً، مشيراً إلى أن الأهالي لن ينسوا بسهولة إقدام "الدولة" على إعدام أكثر من 60 شاباً من خيرة شباب المنطقة لأسباب واهية، كما لن ينسوا فترات الحصار والتجويع والإذلال، التي فرضت عليهم؛ بسبب وجود التنظيم وتخاذل النظام وبعض الفصائل المسلحة معه.

وأكدت المصادر أنه؛ وبسبب سيطرة التنظيم على مناطق حوض اليرموك، حرمت جميع قرى وبلدات المنطقة من المساعدات الإغاثية، ومن بعض الخدمات التي كانت تصل عن طريق مؤسسات النظام كالخدمات الطبية.

وقالت المصادر إنه في الوقت الذي كان ينعم فيه عناصر التنظيم بتوفر جميع المواد الاستهلاكية، التي كان ينهبها من مناطق سيطرة الفصائل، وبالمواد التي كانت تمرر له سراً من حواجز النظام وبعض حواجز الفصائل، كان الأهالي يعانون من عدم توفر لقمة الخبز والطحين وحليب الأطفال وابسط الأمور التموينية.

وأوضحت المصادر، أن الأهالي مازالوا يدفعون ضريبة سيطرة التنظيم على مناطقهم، وأن الأمر سيطول على ما يبدو، كما ترى تلك المصادر.

يشار إلى أن التيار الكهربائي في محافظة درعا قطع عن معظم المناطق المحررة منذ العام 2012، ومنذ ذلك الحين اعتمد الأهالي على المولدات ولوحات الطاقة الشمسية في تسيير شؤونهم الحياتية, الأمر الذي كلفهم وما يزال أموالاً طائلة.

ومنذ توقف الأعمال العسكرية في المحافظة في آب الماضي, بعد إعادة النظام سيطرته عليها، بدأت مؤسسات النظام على استحياء بتقديم بعض الخدمات، انطلاقاً من تعهدات قطعتها على نفسها في إطار عمليات التسوية مع المناطق، لكن توفير هذه الخدمات يسير ببطء شديد والذريعة دائماً قلة الموارد المادية وعدم توفرها.

وكانت وسائل إعلام النظام قد أكدت، في وقت سابق، أن خسائر القطاع الكهربائي في محافظة درعا، تجاوزت الـ 16 مليار ليرة سورية منذ بداية الثورة.


ترك تعليق

التعليق