تعفيش ميلشيات "النمر".. الزراعة في درعا، تعيش النتائج


وسط العديد من الصعوبات الاقتصادية والمعيشية، يواصل فلاحو محافظة درعا، زراعة المحاصيل الحقلية لهذا الموسم، والتي تشهد تراجعاً ملحوظاً رغم توقف حدة المعارك وتحسن الظروف الأمنية.

وأشار المهندس الزراعي صلاح الدين المحمود، إلى أن الموسم الزراعي 2018-2019، يشهد صعوبات جمة في معظم مناطق المحافظة رغم سيطرة النظام على جميع المناطق، ووعوده بتأمين الخدمات الضرورية واحتياجات تنفيذ الخطط الزراعية، من مستلزمات أساسية ومواد أولية وفي مقدمتها بذار القمح، التي لم يتم تأمين أي منها للريف الغربي حتى اللحظة.

وأشار المحمود إلى أن عجز مؤسسات النظام عن تأمين البذار، سيلحق بالمزارعين خسائر كبيرة، إضافة إلى إخراج مساحات لا يستهان بها من الأراضي الزراعية المناسبة لزراعة القمح والشعير، من دورة الإنتاج الزراعي لهذا الموسم.

وأضاف أن المزارعين باتوا عاجزين عن تأمين البذار اللازم لزراعة أراضيهم؛ بسبب قيام قوات النظام ولاسيما ما يطلق عليها "قوات النمر" بنهب وسرقة جميع كميات الحبوب المخزنة بما فيها المعدة كبذار للموسم الحالي؛ وذلك إبان دخولها إلى مناطقهم خلال المعارك الأخيرة، التي حصلت في شهري تموز وآب الماضيين.

وبيّن أنه لم تسلم من السرقة والنهب، سوى كميات قليلة من محصول الحمص، كون المزارعين حصدوا محاصيلهم من هذه المادة، بعد انتهاء المعارك، ما وفر قليلاً من البذار للموسم الحالي.

وقال: "إن كميات البذار المتوفرة في المحافظة قليلة جداً، وأسعارها مرتفعة، إضافة إلى أن الحصول عليها يتوجب دفع المال حالاً، وهو الأمر الذي لا يناسب إمكانيات معظم الفلاحين، الذين اعتادوا الحصول على مستلزمات إنتاجهم ديناً حتى نهاية الموسم".

وأشار إلى أن سعر طن القمح، ارتفع من 150 ألف ليرة سورية مع نهاية الحصاد في شهر حزيران الماضي، إلى 220 ألف ليرة سورية للطن الواحد خلال الشهرين الماضيين، فيما ارتفع سعر طن الشعير من 140 إلى 170 ألف ليرة سورية، والحمص من 350 ألف إلى 450 ألف ليرة سورية.

وأضاف أن أجرة حراثة الدونم الواحد على الجرار الزراعي وصلت إلى نحو 1750 ليرة سورية فيما ارتفعت ضمانة الدونم من الأراضي الزراعية من 6500 ليرة سورية إلى 7500 ليرة سورية هذا العام.

ويقول "أبو سالم"، 49 عاماً، "لن أستطيع زراعة أرضي البالغ مساحتها 40 دونماً بالقمح هذا العام، لعدم توفر البذار، لأن الكميات التي خصصتها كبذار نهبت بشكل كامل، ولم أستطع تأمين بديل عنها من أي مصدر آخر".

 وأردف قائلاً: "إنهم يحاربونا في لقمة عيشنا. ماذا نفعل؟ ولمن نشتكي؟".

وأضاف أنه يعتمد على زراعة هذه الأرض، باعتبارها مصدر دخله الوحيد، لأنه لا يوجد مصدر دخل آخر، مبيناً أنه سيستبدل زراعة القمح بزراعة الشعير، أو بزراعة المحاصيل الصيفية، كالحمص والخضار.

وفي هذا الإطار أكد عدد من المزارعين، أن مؤسسات النظام أعادت لهم المبالغ، التي كانوا دفعوها ثمناً لبذار القمح؛ بسبب عجزها عن تأمين الكميات المطلوبة، وطلبت منهم تأمينها بطرقهم الخاصة من التجار والسوق السوداء.

وأضافوا أن الحصول على بذار القمح، بات من الصعوبة بمكان، حيث باتوا مضطرين إلى السفر إلى مناطق بعيدة، من أجل هذه الغاية.

ولفت المزارع "أبو عبد الرحمن"، 56 عاماً، إلى أنه اضطر للتنقل إلى عدة مناطق في المحافظة؛ من أجل الحصول على طن واحد من القمح، مشيراً إلى أنه اشترى الطن بحوالي 215 ألف ليرة سورية، لكن تكلفته كانت أكبر؛ بسبب الدفع على الحواجز المختلفة التي تقطع أوصال القرى والبلدات، والتي يستوجب المرور عبرها، ودفع مبالغ مالية للسماح بإدخال المواد مهما كان نوعها.

من جهته أكد مصدر خاص في مؤسسات النظام، أن كميات بذار القمح قليلة هذا العام؛ بسبب قلة الإنتاج خلال المواسم الزراعية السابقة، ولعدم وجود مخزون من الحبوب؛ لعدم توفر صوامع لتخزين الحبوب، بعد أن سيطرت عليها الجماعات المسلحة لسنوات طويلة، وفق قوله.

وعبّر عن اعتقاده أنه باستتباب الأمن، وعودة المزارعين إلى أراضيهم؛ سيتعافى القطاع الزراعي في محافظة درعا تدريجياً، موضحاً أن تنفيذ الخطط الزراعية ومفرداتها ستشهد تحسناً كبيراً خلال المواسم الزراعية اللاحقة.

وبيّن أن الخطة الزراعية التي وضعتها مديرية الزراعة للموسم الزراعي 2018 – 2019، تشمل أكثر من 80 ألف هكتار للقمح بشقيه المروي والبعل، ونحو 28 ألف هكتار للشعير.

يشار إلى أن كميات الأمطار، التي شهدتها مناطق المحافظة منذ بدء فصل الشتاء الحالي، كانت جيدة بالمقارنة مع الأمطار الهاطلة في مثل هذا الوقت من العام الماضي، وقد أسهمت في تحسين المزاج العام رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية كونها أمنت بشكل مبكر نمو النباتات الرعوية التي ستخفف عن مربي الثروة الحيوانية تكاليف العليقة العلفية. إضافة إلى أنها ستسهم في تحسين المخزون المائي في السدود والآبار.

ترك تعليق

التعليق